ضيق المهلة يطيح «الإصلاحات التقنية» في الانتخابات اللبنانية

لاستحالة إنجاز 3 ملايين و700 ألف بطاقة خلال 5 أشهر

لبنانية ترسم علم فلسطين على جدار بوابة فاطمة المعبر الحدودي السابق بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)
لبنانية ترسم علم فلسطين على جدار بوابة فاطمة المعبر الحدودي السابق بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)
TT

ضيق المهلة يطيح «الإصلاحات التقنية» في الانتخابات اللبنانية

لبنانية ترسم علم فلسطين على جدار بوابة فاطمة المعبر الحدودي السابق بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)
لبنانية ترسم علم فلسطين على جدار بوابة فاطمة المعبر الحدودي السابق بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)

سقط بند «البطاقة البيومترية»، وخيار الاقتراع في مكان الإقامة بدل مكان السكن، عبر التسجيل في مراكز خاصة، من قانون الانتخابات، بمجرد تحديد وزير الداخلية والبلديات موعد الانتخابات النيابية اللبنانية في السادس من شهر مايو (أيار) المقبل، وذلك نتيجة عدم القدرة على إنجازهما خلال أشهر قليلة. وهو ما ينتظر الإعلان عنه بشكل رسمي عبر اللجنة الوزارية المشكلة للبحث في قانون الانتخاب، التي كانت قد وصلت نقاشاتها إلى حائط مسدود، وتبادل الاتهامات بمسؤولية التأخير حول البت بهذين البندين والخلافات بشأنهما بين الأفرقاء.
وبعدما كان وزير الداخلية نهاد المشنوق قد أعلن أنه بعد الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2017، لن يعود ممكناً تنفيذ البطاقة البيومترية لكل الناخبين، قالت مصادر وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط» إن الحسم بهذا الموضوع يرتبط بقرار اللجنة الوزارية التي أوكلت إليها مهمة البحث في قانون الانتخاب، مؤكدة أن القرار «ليس تقنياً فقط، إنما سياسي أيضاً»، ومذكرة بتحذيرات المشنوق الذي كان قد أعلن أن «مرور الوقت سيقلص إمكانية إنجاز البطاقة».
في المقابل، كانت مصادر وزارية أكثر حسماً في هذا الأمر، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «الواقعية تحتم الجزم باستحالة إنجاز ما يزيد على 3 ملايين و700 ألف بطاقة خلال أقل من 5 أشهر»، مشيرة إلى أن البطاقة البيومترية ترتبط بدورها ببند الانتخاب في مكان السكن الذي يحتاج إلى إنشاء مراكز لتسجيل أسماء الناخبين (أو الميغا سنتر)، وهو ما يلقى بدوره رفضاً من قبل بعض الأفرقاء، على اعتبار أنه سيحد من حرّية الناخب، ويخفض نسبة الاقتراع. وبالتالي، فإن عدم إنجازها سيطيح كذلك بهذا البند، والعودة إلى اعتماد بطاقة الهوية، وتأجيل البيومترية للانتخابات المقبلة.
كان طرح البطاقة الممغنطة، التي ستعتمد كهوية شخصية أيضا، أحد أبرز الخطوات المفترضة لميكنة العملية الانتخابية، والحد من الفساد والتلاعب في الانتخابات، عبر حفظ البيانات الشخصيّة للناخب، وقراءتها إلكترونيا في مختلف الدوائر، رغم أن تكلفتها كانت ستبلغ نحو 130 مليون دولار، بما فيها الأمور اللوجيستية.
ومنذ إقرار قانون الانتخابات الجديد في شهر يونيو (حزيران) الماضي، تطغى الخلافات على بعض بنوده، بينها هذين البندين، فيما سلك بند اقتراع المغتربين طريقه للمرة الأولى. وكان وزير الداخلية قد طرح في مجلس الوزراء، وخلال اجتماعات اللجنة الوزارية المكلفة ببحث قانون الانتخابات، ما سمي «الخطة ب»، وهي اقتراح باقتصار إصدار البطاقة البيومترية المصححة البيانات، وتوزيعها على من يرغب في الاقتراع، خارج محل قيده، وفي مكان سكنه، وذلك نظراً لضيق المهلة الفاصلة عن موعد إجراء الانتخابات، وهو الطرح الذي لم تلاقه فيه الأطراف الأخرى.
وفي حين يؤكد مدير عام شركة «ستاتيستكس ليبانون»، والخبير الانتخابي ربيع الهبر، على أهمية البطاقة البيومترية، لقدرتها على تسهيل عملية الاقتراع وضبطها، ومنع التلاعب في العملية الانتخابية، يرى أنه «بتنا أمام واقع يؤكد سقوط بندي البطاقة البيومترية، كما الانتخاب في مكان السكن الذي كان هناك خلاف بشأنه بين الأفرقاء السياسيين، من دون أن يؤثر هذا الأمر على العملية الانتخابية وإجراء الانتخابات في موعدها، لعدم إلزاميتهما في القانون».
ويوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ستكون الانتخابات المقبلة صورة طبق الأصل عن الانتخابات السابقة، خصوصاً لجهة سيطرة بعض الأحزاب على مناطق معينة، وهو ما يؤكد أن الوصول إلى هذه النتيجة كان عن سابق إصرار وتصميم من قبل الأحزاب اللبنانية التي ستستفيد من عدم ميكنة العملية الانتخابية»، مضيفاً: «نسبة المشاركة في الانتخابات لن تتغير، ولن نكون أمام أرقام اقتراع مرتفعة، وبالتالي نتائج مماثلة للسنوات الماضية». ويشير كذلك إلى أن الانتخاب في مكان الإقامة «يتطلب تحضيرات لوجيستية، ووجود عدد كبير من مناصري الأحزاب في مختلف المناطق، وهو ليس أمراً سهلاً بالنسبة إلى معظم الأفرقاء».
ويلفت الهبر إلى علاقة البطاقة البيومترية والانتخاب في مكان السكن بارتفاع نسبة المشاركة، موضحاً أن الإبقاء على الانتخاب في مكان القيد يقلص هذه النسبة، إذ إن انتقال اللبنانيين إلى بلداتهم للإدلاء بأصواتهم دونها معوقات لوجيستية وسياسية في أحيان كثيرة، ويعطي مثالاً على ذلك منطقة الجنوب التي يسيطر عليها «حزب الله» و«حركة أمل»، حيث يمتنع عدد كبير من المواطنين عن الانتخاب. ورأى أن الحليفين الشيعيين سيكونان المستفيدين الأكبر في الانتخابات المقبلة، بحيث لن يقل عدد مقاعدهما في المجلس النيابي عن 30 مقعداً مقابل تشرذم أحزاب الطوائف الأخرى.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».