تحرير مديريات شبوة يقطع طريق إمدادات الانقلابيين إلى صنعاء

سقوط 42 حوثياً بمعارك جنوب اليمن

صورة تداولها ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي لمقاتل مع «الشرعية» يرفع العلم اليمني في محافظة شبوة
صورة تداولها ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي لمقاتل مع «الشرعية» يرفع العلم اليمني في محافظة شبوة
TT

تحرير مديريات شبوة يقطع طريق إمدادات الانقلابيين إلى صنعاء

صورة تداولها ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي لمقاتل مع «الشرعية» يرفع العلم اليمني في محافظة شبوة
صورة تداولها ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي لمقاتل مع «الشرعية» يرفع العلم اليمني في محافظة شبوة

أعلنت مصادر أمنية وطبية يمنية الجمعة، مقتل 42 من المتمردين الحوثيين و9 من القوات الحكومية في غارات جوية ومواجهات جديدة في غرب وجنوب اليمن، في الوقت الذي تحررت فيه مديريات أخيرة في محافظة شبوة النفطية.
وقال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» إن تحرير المديريات في شبوة سيقطع الإمدادات العسكرية التي تصل إلى صنعاء من الجهة الجنوبية - الشرقية.
وأوضحت مصادر أمنية مقربة من المتمردين لوكالة الصحافة الفرنسية، أن طيران التحالف العسكري بقيادة المملكة السعودية استهدف الخميس والجمعة مواقع للحوثيين في بلدات الجراحي وزبيد وحيس والدرهمي والتحيتا الخاضعة جميعها لسيطرة المتمردين على بعد نحو 70 كلم جنوب مدينة الحديدة.
وأفادت مصادر طبية في الحديدة غرب اليمن بأن 28 مقاتلاً من المتمردين قضوا في هذه الغارات، بينما أصيب 17 مقاتلاً آخرون جرى نقلهم إلى مستشفيين في المدينة المطلة على البحر الأحمر.
وفي محافظة شبوة جنوب اليمن، أعلنت القوات الحكومية أنها استعادت الجمعة السيطرة على مديرية بيحان، آخر المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين في المحافظة النفطية، حسبما أفاد مسؤول عسكري في القوات الحكومية.
وذكر أن السيطرة على بيحان تمت بعد معارك قتل فيها 9 عناصر في القوات الحكومية و14 متمرداً، مشيراً إلى أن قوات السلطة المعترف بها تعمل حالياً على «تطهير قرى مجاورة لبيحان».
وتكمن أهمية بيحان في كونها منطقة حدودية مع محافظتي البيضاء ومأرب. ويقول مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط»: «بتحرير مديريتي عسيلان وبيحان بمحافظة شبوة سيتم قطع أحد أهم شرايين الإمداد لميليشيات الحوثي وطرق تهريب الأسلحة والمواد المقبلة عبر شبوة والبيضاء وصولاً إلى صنعاء».
من جانبه، بارك الرئيس اليمني انتصارات الجيش الوطني في بيحان بمحافظة شبوة، وذلك خلال اتصال أجراه بقائد محور بيحان قائد اللواء 26 مشاة اللواء مفرح بحيبح، للوقوف على الانتصارات التي يحققها أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مختلف الجبهات، ومنها جبهة بيحان وإلحاق الهزائم المتوالية بميليشيا الحوثي الإيرانية ومن يواليها، طبقاً لما نقلت عنه وكالة الأنباء اليمنية (سبأ).
وبدوره، أكد نائب الرئيس، الفريق الركن علي محسن الأحمر، استمرار الشرعية بدعم من الأشقاء في التحالف والأصدقاء، في تحرير اليمن وهزيمة المشروع الإيراني التخريبي والعمل على بسط سلطة الدولة على كامل التراب اليمني.
ودعا خلال اتصالين هاتفيين بكل من قائد المنطقة العسكرية الثالثة اللواء الركن أحمد جبران وقائد محور بيحان قائد اللواء 26 مشاة اللواء مفرح بحيبح، لمتابعة العمليات العسكرية لأبطال الجيش الوطني في بيحان، الجميع، إلى «تضافر الجهود وتوحيد الصف في سبيل مصلحة اليمن وحماية الجمهورية والثورة من عبث الميليشيا الإمامية».
وثمن دعم دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة وإسهامها الكبير في تحقيق الانتصارات ودعمها المستمر لاستعادة الدولة اليمنية ودحر الميليشيات الحوثية - الإيرانية.
وتقع بيحان في الشمال الغربي من محافظة شبوة، وتبتعد 300 كيلومتر من صنعاء من الجهة الجنوبية الشرقية.
وتعتبر مدينة العليا «القصاب» في بيحان أكبر مدن شبوة من حيث السكان وتتشكل من ثلاث مديريات، هي العليا وعسيلان ووادي عين وتكمن أهمية مديرية بيحان ومديرياتها المتفرعة عنها «عسيلان والعليا» بعد التقسيم الإداري في ظل دولة الوحدة 1990 في كونها منطقة حدودية بين شطري اليمن سابقاً «الشمال، الجنوب»، وتمتلك حقولا نفطية أهمها حقل جنة، الذي دار حوله العديد من الصراعات للسيطرة عليه.
وتمثل بيحان للحوثيين خيارا استراتيجيا لكنوز الذهب الأسود الواقعة تحت أراضيها. ويشير الباحث الأكاديمي الدكتور حسين عيدان بن لقور بأن سيطرة الحوثيين على مناطق بيحان تمت في مارس (آذار) 2015 بعد أن تحولت قوات الجيش في أكبر حامية في بيحان إلى قوة حوثية وبدأت في الحال مقاومة وطنية تكونت من أبناء شبوة وغير أن فارق التسليح كان لصالح الحوثيين وسقط في تلك المواجهات التي لم تتوقف حتى اليوم أكثر من أربعمائة شهيد.
وأضاف بن لقور في حديث مع «الشرق الأوسط»: اليوم وفي ظل الانكسارات والهزائم التي يتكبدها الحوثيون في الساحل الغربي على يد المقاومة الجنوبية والتهامية ودعم التحالف العربي شنت المقاومة في بيحان بالتعاون مع الجيش هجوما منسقا من ناحية الجنوب الشرقي بمنطقة السليم ومن ناحية الشمال بمنطقة الساق ومن الشرق من ناحية عسيلان وبدعم جوي من التحالف أدى إلى هروب الحوثيين ووقع العشرات قتلى وكذلك أسرى في يد المقاومة والجيش.
وزاد الدكتور بن عيدان بالقول: في وجود واحد من أهم حقول النفط والغاز أسفل وادي بيحان يعطي بيحان أهمية استراتيجية من ناحية وعسكرية كون طبيعتها متنوعة ما بين رمال وسهول منبسطة وكذا الجبال العالية في أعلى الوادي.
كما تتميز بيحان بموقع جغرافي هام وينحدر إلى الجهة الشمالية الغربية لمحافظة شبوة، تحدها من الشمال مديرية عسيلان، ومن الجنوب محافظة البيضاء، ومن الغرب مديرية عين، ومن الشرق مديرية مرخه السفلى، وتبلغ مساحتها 616 كلم2. ومعظم مساحتها مستوية السطح، ويبلغ عدد سكان مديرية بيحان 56594 شخصاً وفقاً للإسقاطات السكانية لعام 2003. وتعتبر الزراعة النشاط الاقتصادي الرئيسي في المديرية ومصدرا لإنتاج الغذاء والتشغيل والدخل.
إلى ذلك، شنت قوات الجيش الوطني هجومها العنيف والمباغت على ما تبقى من الميليشيات الانقلابية في المواقع والتباب المطلة على شعب قطبين في مديرية نهم، شرق صنعاء، في الوقت الذي احتدمت فيه المواجهات في الجبهة الشرقية لمعسكر التشريفات في تعز، شرق، وعدد من المواقع الغربية، وسط قصف الانقلابيين قرى سكنية غرب المدينة، حيث تركز أعنف القصف في قرى الضباب، ما تسبب في أضرار مادية في منازل المواطنين ووقوع إصابات بين المواطنين.
يأتي ذلك في الوقت الذي تتواصل فيه المعارك في الساحل الغربي في اليمن وثبات قوات الجيش الوطني في مواقعها التي تم تحريرها خلال الأيام القليلة الماضية، بما فيها مديرية الخوخة، أولى مديريات محافظة الحديدة الساحلية من الجهة الجنوبية، وهي المديرية التي تستميت الميليشيات لاستعادتها، وسط تقدم قوات الجيش إلى التحيتا وحيس.
وأفشلت قوات الجيش محاولات تسلل للحوثيين شمال وشرق الخوخة، حيث دارت المعارك العنيفة التي استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة، لتجبر الحوثيين بعد ذلك على التراجع والفرار بعد سقوط قتلى وجرحى منهم.
وفي محافظة البيضاء، تجددت المواجهات في جبهة آل حميقان في مناطق القوعة ولجردي بمديرية الزاهر، وسط استمرار الميليشيات الانقلابية القصف على مواقع الجيش الوطني والقرى السكنية في عدد من مديريات المحافظة.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.