تخطي التضخم البريطاني 3 % يحرج كارني

المستوى الأعلى في 6 سنوات يهدد قدرات المستهلكين

مقر بنك انجلترا المركزي في لندن (رويترز)
مقر بنك انجلترا المركزي في لندن (رويترز)
TT

تخطي التضخم البريطاني 3 % يحرج كارني

مقر بنك انجلترا المركزي في لندن (رويترز)
مقر بنك انجلترا المركزي في لندن (رويترز)

يبدو أن مارك كارني حاكم بنك إنجلترا (المصرف المركزي البريطاني) صار في حرج سياسي بالغ بعد أن سجل التضخم في بريطانيا أعلى مستوى له في ست سنوات، متخطيا التوقعات كافة، وفي اتجاه معاكس لمحاولات المركزي البريطاني الذي اتخذ الشهر الماضي قرارا هو الأول من نوعه منذ 10 سنوات بالاتجاه نحو التشديد النقدي ورفع الفائدة... واستدعى هذا التطور إجراء استثنائيا من حاكم المصرف المركزي البريطاني الذي يستوجب عليه الآن أن يوجه كتابا إلى وزير المالية فيليب هاموند يشرح فيه أسباب هذا الارتفاع المحرج، وتوضيح ما سيفعله المركزي في ضوء ذلك.
وارتفع مؤشر أسعار الاستهلاك السنوي إلى 3.1 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقارنة مع 3.0 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، بحسب ما أعلن في بيان مكتب الإحصاء الوطني.
ويعد هذا الارتفاع هو الأعلى منذ مارس (آذار) 2012، وهو أقوى من توقعات الاقتصاديين كافة؛ إذ كانت آراء الخبراء أجمعت على عدم توقع أي تغيير في مؤشر أسعار الاستهلاك.
وكارني ملزم قانونيا بتوجيه كتاب لوزير المالية البريطاني فيليب هاموند لشرح السبب الذي أدى إلى تخطي التضخم أكثر من نقطة مئوية واحدة، والمعدل المستهدف والذي حدده بنك إنجلترا المركزي بنسبة 2.0 في المائة... ولكن فحوى الكتاب لن يتم إعلانها إلا في وقت لاحق، ربما مع اجتماع المركزي المقبل.
وجاء الارتفاع المسجل في نوفمبر بدفع من ارتفاع أسعار تذاكر السفر، والمنتجات الترفيهية مثل ألعاب الكومبيوتر والشوكولاته، مع تأثر أسعار الغذاء بهبوط الجنيه الإسترليني بعد التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء العام الماضي.
وبحسب الأرقام الرسمية الصادرة أمس، فقد ارتفع تضخم أسعار الحليب للضعف منذ الصيف الماضي مع ارتفاع التكاليف بنحو 4.9 في المائة على مستوى سنوي، فيما زادت أسعار الأسماك بنحو 9.3 في المائة، والزيوت بنحو 7.4 في المائة. أما أسعار الانتقالات فقد ارتفعت بمعدل 8.3 في المائة، ولم تنخفض أسعار الرحلات الجوية، فيما ارتفعت رحلات الإجازات بنسبة 4.9 في المائة، ما دفع مؤشر أسعار المستهلكين العام للارتفاع.
ويزيد ارتفع التضخم البريطاني غير المتوقع من الضغوط على المستهلكين بعد التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والذين يمثل إنفاقهم المحرك الرئيسي لاقتصاد البلاد.
وتشير الأرقام الرسمية والحسابات إلى أن معدلات زيادة الأسعار تفوق زيادة الدخل بشكل فائق، حيث أشارت الأرقام الصادرة في سبتمبر (أيلول) إلى زيادة الدخل بمعدل سنوي 2.2 في المائة فقط، ما يعني انخفاض الدخل الحقيقي للأسر بنحو 1 في المائة خلال العام الحالي.
وكان بنك إنجلترا قد اتخذ قرارا الشهر الماضي برفع الفائدة، ما يمكن أن خطوة دفاعية يستخدمها مارك كارني، الذي صار حاليا مطالبا بتفسير زيادة التضخم عن المستهدف بأكثر من نقطة مئوية كاملة.
وحاليا، من غير المتوقع أن يقوم بنك إنجلترا برفع جديد لأسعار الفائدة في اجتماعه المقبل بنهاية الأسبوع.
وفي تعليق بصحيفة «تليغراف» البريطانية، قالت لوسي أوكارول من مؤسسة أبردين ستاندارد إن «تضخما زائدا عن الحد من الممكن أن يمثل خطرا على مصداقية بنك إنجلترا، وبالتالي إحكام قبضته على الاقتصاد... لكن البنك يجب أن يحافظ على وتيرة أنفاق المستهلكين، وهي المحرك الرئيس لاقتصاد بريطانيا... إذا ما استمر التضخم في الزحف صعودا؛ أو حتى بقي عند مستوياته المرتفعة الحالية، فإن هذا المحرك معرض للتلف بشكل بالغ».



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.