ضغط الميليشيات يتجه إلى مجلس النواب اليمني بأكثريته «المؤتمرية»

مظاهرة نسائية في صنعاء تطالب بجثمان صالح

TT

ضغط الميليشيات يتجه إلى مجلس النواب اليمني بأكثريته «المؤتمرية»

شرعت ميليشيات الحوثي، أمس، في الضغط لعقد جلسة لمجلس النواب في صنعاء، في خطوة عدها مراقبون محاولة للتفرد بذراع قانونية وتشريعية ورقابية، في مجلس يمثل غالبيته برلمانيون مؤتمريون.
يأتي ذلك في أعقاب بدء الميليشيات «حوثنة المؤتمر الشعبي العام» بإرغام 5 وزراء من المؤتمر بحكومة الانقلاب غير المعترف بها دوليا على حضور اجتماع حكومي أول من أمس، في ظل غياب ثلاثة آخرين.
وعلمت «الشرق الأوسط» من عضو في البرلمان - تحفظ على ذكر اسمه - أن الجماعة أمرت رئيس البرلمان يحيى الراعي بعقد جلسة للنواب اليوم (الثلاثاء)، وقال المصدر إن الراعي وجه الدعوة لكل النواب الموجودين في مناطق حكم الميليشيات لحضور الجلسة وأغلبيتهم نواب عن حزب المؤتمر الشعبي، في حين قال برلماني آخر إن الاجتماع جرى تأجيله، على أن يعقد خلال اليومين المقبلين.
وتسعى الجماعة لوراثة تركة الرئيس السابق علي عبد الله صالح وحزبه لاستخدام مجلس النواب وقودا لاستمرارهم في إدارة المناطق التي تسيطر عليها.
وكثف رئيس المجلس السياسي الانقلابي صالح الصماد تحركاته في أوساط قادة حزب «المؤتمر الشعبي» المنضويين في البرلمان ومجلس الشورى وحكومة الانقلاب، لجهة ضمان ولائهم للجماعة، وتأييد زعيمها عبد الملك الحوثي الذي كانت ميليشياته تمكنت قبل أسبوع من قتل الرئيس السابق علي صالح، وتصفية أعوانه العسكريين، واعتقال المئات من أنصار حزبه.
وأفادت مصادر في الحزب لـ«الشرق الأوسط» بأن الميليشيات الحوثية استطاعت بالترهيب والترغيب أن تفرض إرادتها كلياً على وزراء المؤتمر في حكومة الانقلاب، بمن فيهم رئيس الحكومة غير المعترف بها عبد العزيز بن حبتور.
بينما تحدثت مصادر أخرى عن هروب وزير النفط ذياب بن معيلي من صنعاء، ووصوله أمس إلى مسقط رأسه في محافظة مأرب، في ظل تكهنات بأنه عقد صفقة مع ميليشيات الجماعة للسماح له بالمغادرة مع آخرين ينتمون للمحافظة نفسها، بينهم عضو اللجنة الدائمة للحزب (المكتب السياسي) حمد بن علي الجلال.
وما زال مصير وزير داخلية الانقلاب محمد عبد الله القوسي الموالي للرئيس السابق مجهولا وسط أنباء تحدثت عن تصفيته، كما هو الحال مع وزير الاتصالات محمود جليدان الذي يشاع أنه رهن الاعتقال أو الإقامة الإجبارية.
وفي سياق الشؤون المحلية، تداولت وسائل إعلام الميليشيات أن حكومة الانقلاب أمرت بصرف نصف راتب للموظفين في محاولة للتخفيف من حدة الغليان في أوساط مئات آلاف الموظفين الذين أوقفت الميليشيا رواتبهم منذ عام ونصف العام، وهو وعد من عشرات الوعود السابقة التي كان الفريقان (الحوثي والمؤتمر) يتبادلان تهم تعطليها.
واستدعى الصماد أمس القائم بأعمال مجلس الشورى في صنعاء محمد العيدروس وهو قيادي في حزب صالح ينتمي لمحافظة حضرموت، بعد يوم من لقائه رئيس البرلمان يحيى الراعي، كما استدعى وزير الخارجية هشام شرف، ووزير الإدارة المحلية علي بن علي القيسي، وهما محسوبان أيضا على المؤتمر.
وتداول المحسوبون على الإعلام الحوثي أن الصماد أمر شرف بحسن إدارة ملف المنظمات الدولية، وتفعيل التواصل الدبلوماسي، وأمر القيسي بالتنسيق مع المحافظين لحشد المقاتلين للجبهات، وهو الأمر ذاته الذي وجهه لمحافظ ذمار الموالي للجماعة حمود عباد.
في غضون ذلك، أفادت مصادر محلية في المديريات الغربية من محافظة حجة (شمال غربي) بأن الجماعة أصدرت أوامر لزعماء القبائل تتضمن إلزامهم بتجهيز 40 شخصاً من كل قبيلة لإرسالهم للجبهات، وتهديدهم بأنها ستلجأ إلى إجبار تلاميذ المدارس على التطوع للقتال في حال رفضوا تنفيذ الأمر.
وفي صنعاء، تواصلت أمس المظاهرات النسائية المناهضة للجماعة والمطالبة بتسليم جثمان الرئيس السابق علي صالح، على رغم الأنباء التي تواترت بأن الجماعة سمحت بدفنه في جنازة محدودة وغير معلنة بحضور بعض أقاربه وقيادات حزبه. واحتشدت العشرات من النساء الغاضبات المواليات للرئيس السابق أمام المستشفى العسكري في منطقة شعوب وأغلقن البوابة الرئيسية، وسط هتافات تطالب بجثمان صالح ورحيل سلطة الحوثيين، قبل أن تتمكن الميليشيا من تفريقهن وإطلاق تهديدات باعتقالهن والاعتداء عليهن. كما أعلنت داخلية الميليشيات في سياق محاولتها لشيطنة حليفها السابق صالح وتبرير قتله ومصادرة ممتلكاته وتصفية أعوانه واعتقال المئات أنها عثرت في منزله على وثائق تفصيلية تثبت تورطه في التخطيط لإسقاط صنعاء عسكريا عبر تقسيمها إلى أربعة مربعات أمنية بمساندة قيادات أمنية وعسكرية.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.