السلطة ترفض تهديدات أميركا وتبحث عن راع بديل لواشنطن

تواصل المظاهرات والتصريحات الغاضبة ضد قرار ترمب لليوم الثالث

TT

السلطة ترفض تهديدات أميركا وتبحث عن راع بديل لواشنطن

رفضت الرئاسة الفلسطينية تحذيرات البيت الأبيض المتعلقة بإلغاء لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع نائب الرئيس الأميركي مايك بنس في بيت لحم بالضفة الغربية، الذي كان مقرراً في الـ19 من الشهر الحالي، وأعلنت أن اللقاء لن يتم.
وجاء ذلك في وقت قال فيه مسؤولون فلسطينيون، بينهم وزير الخارجية رياض المالكي، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، إن السلطة ستبحث عن بديل للولايات المتحدة من أجل رعاية عملية السلام، في تصعيد كبير من شأنه تأزيم العلاقات أكثر مع الولايات المتحدة.
بدوره، أكد مجدي الخالدي مستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية أن أبو مازن لن يستقبل بنس، مشدداً على أن المسألة «أكبر من مجرد لقاء لأن الولايات المتحدة اجتازت بقراراتها المتعلقة بالقدس خطوطاً حمراء ما كان يجب أن تجتازها». ورفض الخالدي التحذيرات الأميركية من تبعات إلغاء هذا اللقاء، بقوله: «شعبنا وقيادته يرفضان أي تهديد من أي مصدر كان».
وفي حين أعربت السلطة الفلسطينية عن أنها تبحث الآن عن بديل يقوم بدور الولايات المتحدة، قال وزير الخارجية رياض المالكي أمس إنه «لا نية للانسحاب من عملية السلام، ولكن السلطة لن تقبل أن تستمرّ واشنطن في دورها راعية لعملية السلام»، كاشفاً عن حملة دبلوماسية مكثفة ستقوم بها القيادة الفلسطينية في روسيا والصين والاتحاد الأوروبي من أجل البحث عن بديل لدعم عملية السلام بطريقة تستند إلى القرارات التي صدرت عن الأمم المتحدة.
ووصف المالكي، في مؤتمر صحافي لاحق عقد قبيل انعقاد مجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة، قرار الولايات المتحدة بأنه غير قانوني وغير شرعي، «ويظهر مدى تحيزها وعدوانها، وأنها قد وضعت نفسها كطرف في النزاع، وليس وسيطاً»، مشدداً على أن «كل الخيارات مفتوحة أمام القيادة الفلسطينية للتعاطي مع الخطوات الأميركية. وقرار ترمب يجرد أميركا من أهليتها للعب دور الوسيط في عملية السلام، وهي بذلك استثنت نفسها بألا يكون لها أي دور في عملية السلام بالمنطقة، بما فيه دورها في اللجنة الرباعية».
وفي غضون ذلك، استمرت المظاهرات في الأراضي الفلسطينية والعواصم العربية والإسلامية والأوروبية لليوم الثالث على التوالي، تنديداً بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي دعا إلى «الهدوء والاعتدال»، بعد أن تسبب قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في أعمال عنف أدت إلى مقتل شخصين، وإصابة أكثر من 750 آخرين بجروح، فيما رحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بـ«الإجماع الدولي الكبير» ضد القرار الأميركي خلال جلسة مجلس الأمن الدولي التي عقدت مساء أول من أمس لمناقشة القرار الأميركي.
كما توالت، أمس، ردود الأفعال الغاضبة من القرار الأميركي داخل عدة دول عربية وأوروبية.
ففي مصر، أحيطت الزيارة المرتقبة لنائب الرئيس الأميركي مايك بنس إلى القاهرة بأجواء مقاطعة من المؤسسة الدينية الرسمية في مصر. وبعد أقل من 24 ساعة على إعلان الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب، أول من أمس، رفض لقاء بنس، قالت الكنيسة الأرثوذوكسية، أمس، إن بطريرك الأقباط البابا تواضروس الثاني لن يستقبل هو الآخر المسؤول الأميركي.
بدوره، بدأ «الأزهر الشريف»، أمس، الاجتماعات النهائية للتحضير لـ«المؤتمر العالمي لنصرة القدس» الذي أعلن الطيب تنظيمه لرفض «القرارات الأميركية الباطلة بحق القدس المحتلة، وبحث اتخاذ خطوات عملية لدعم الهوية العربية والفلسطينية للمدينة المقدسة».
وقال الأزهر، أمس، إن المؤتمر سيعقد في يناير (كانون الثاني) المقبل، بالاشتراك مع مجلس حكماء المسلمين. ومن جهته، قال الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، وزير خارجية البحرين، أمس، إن قرار الرئيس الأميركي سوف يهدد عملية السلام، معرباً عن ثقته في التزام الولايات المتحدة بأمن واستقرار المنطقة، مشدداً على أن قرار الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل سيهدد عملية السلام في الشرق الأوسط، ويعطل جميع المبادرات والمفاوضات للتوصل إلى الحل النهائي المأمول، ويعد مخالفة واضحة للقرارات الدولية التي تؤكد على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وعدم المساس بها، وعلى أن القدس الشرقية هي أرض محتلة يجب إنهاء احتلالها.
ومن جانبه، قال أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أمس، إن قرار الرئيس الأميركي يعد بمثابة هدية للتطرف، موضحاً أن المتطرفين والمتشددين سيستخدمون ذلك لتصعيد لغة الكراهية.
وفي السياق ذاته، بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، التطورات الأخيرة في مدينة القدس الفلسطينية. ونقلت وكالة الأنباء التركية (الأناضول) عن مصادر في رئاسة الجمهورية التركية أن الرئيسين أكدا خلال محادثة هاتفية أن اعتراف الإدارة الأميركية بالقدس عاصمة لإسرائيل يبعث على القلق بالنسبة إلى المنطقة، موضحة أن إردوغان قال لماكرون إن حماية القدسية والوضع التاريخي للقدس مسؤولية الإنسانية جمعاء، وأن الخطوة الأميركية ستكون لها انعكاسات سلبية على جميع دول المنطقة، بما فيها إسرائيل.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن إردوغان شدد على أهمية صدور موقف مسؤول من دول الاتحاد الأوروبي بشأن القضية الحساسة.
وأكد الرئيسان أنهما سيواصلان القيام بالمبادرات لكي تعيد الولايات المتحدة النظر في قرارها، وتتراجع عن تطبيقه. كما اعتبر الرئيس التركي أن إسرائيل «دولة احتلال» تلجأ إلى «الترهيب»، مؤكداً أن أنقرة لن تعترف بالقرار الأميركي بشأن اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
وبدورها، انتقدت كوريا الشمالية، أمس، قرار الرئيس الأميركي، إذ قال متحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الكورية الشمالية إن قرار ترمب يستحق غضباً دولياً، ويستحق بشكل كبير إدانة دولية ورفضاً، إذ إنه يعتبر تحدياً صريحاً، وإهانة للشرعية الدولية وللإرادة الجماعية للمجتمع الدولي.
أما في فرنسا، فقد تظاهر مئات الأشخاص، أمس، رفضاً لاعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، ولزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأحد لباريس.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.