عزز إعلان الحشد الشعبي العراقي أمس السبت السيطرة الكاملة على الحدود مع سوريا، مخاوف المعارضة السورية وعدد من الخبراء، من سيطرة إيران على الخط الممتد من طهران مرورا ببغداد ودمشق وصولا إلى بيروت والبحر الأبيض المتوسط. وفيما حمّل عدد منهم واشنطن مسؤولية التوسع الإيراني في المنطقة نتيجة موقفها «المرتبك» واستمرار الخلاف الأميركي - الروسي حول شكل الحل في سوريا، قلل قسم آخر من أهمية سيطرة الحشد الشعبي على الحدود معتبرا أنها «مسألة تكتيكية أكثر منها استراتيجية، باعتبار أن إمكانية سيطرة إيران على خط طهران - بيروت تُحسم بعد تحديد الشكل النهائي للحل في سوريا والعراق وليس قبل ذلك».
وبدا واضحا التباين في مواقف الخبراء المعنيين بالملف. ففي وقت اعتبر الخبير العسكري الأردني اللواء الطيار المتقاعد مأمون أبو نوّار أن «ممر طهران إلى البحر الأبيض المتوسط بات مفتوحا حتى قبل سيطرة الحشد العراقي على كامل الحدود مع سوريا»، مستبعدا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «نجاح الأميركيين الذين لا يمتلكون استراتيجية واضحة في المنطقة، بالحد من المناورة العسكرية والسياسية الإيرانية»، ربط سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة بين المستجدات الميدانية على الحدود السورية - العراقية وسعي طهران لتحسين شروطها في المفاوضات. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ما حصل لا يمكن وصفه بالخطوة الاستراتيجية إنما التكتيكية، باعتبار أن أميركا قادرة على إغلاق ممر طهران - بيروت ساعة تشاء من خلال قصف طائراتها هذا الممر». وشدد طبارة على أن «كل الأمور مرتبطة بشكل الحل النهائي في العراق كما في سوريا، بحيث إنه لا إمكانية لحسم موازين القوى على أرض الواقع قبل ذلك، خاصة أن مستقبل الحشد الشعبي العراقي ليس محسوما ضمن النظام العراقي، كما أنه لا مؤشرات نهائية ما إذا كان هذا النظام سيكون في المحور الإيراني أم أنه سيكون هناك استقطاب عربي له».
وأضاف: «هذا الارتباك الذي نشهده سببه حالة الفوضى في واشنطن وعدم اتضاح مصدر القرار في الإدارة الأميركية، وهو ما ينعكس على منطقة الشرق الأوسط كله».
«الارتباك الأميركي» قرأه عضو الائتلاف السوري المعارض والرئيس السابق للمجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا، في إقدام الولايات المتحدة على توجيه رسائل وصفها بـ«المتباينة والمتعارضة»، لافتا إلى أن «واشنطن من ناحية تقول إنها تتريث في سوريا ريثما يتم الوصول إلى حل سياسي وأعلنت أكثر من مرة بأنها ستحد من النفوذ الإيراني، ولكنها من جانب آخر تساهلت مع تقدم الحشد في منطقة كركوك، ولم تحرك ساكناً، الأمر الذي أدى إلى وضع حكومة الإقليم تحت ضغط إيراني كبير».
وأضاف سيدا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن الصعوبات الداخلية التي تعانيها الإدارة الأميركية على صعيد التحقيقات الخاصة بالتدخل الروسي في الانتخابات، تؤثر على صانع القرار الأميركي، فتصبح أولوياته منصبة على كيفية الحفاظ على شعبية الرئيس عوضا عن الحسابات الاستراتيجية الكبرى ومعادلات التوازن في المنطقة». واعتبر سيدا أن «النظام الإيراني لا يتستر أبدا على مشروعه وهدفه في السيطرة على كل من العراق وسوريا وصولا إلى لبنان»، لافتا إلى أن «الجسر الجوي قائم أصلاً، أما الخط البري العسكري مع سوريا فكان موجوداً منذ أيام حكومة المالكي، لكن هناك رغبة في تعزيز كل هذا بغية الوصول بصورة مريحة إلى البحر المتوسط، خاصة بعد عملية شرعنة قوات الحشد الشعبي وتحويلها إلى جزء من المنظومة الدفاعية العراقية ولكن بقيادة إيرانية كما هو معروف لدى الجميع».
أما علي الأمين، الباحث السياسي والمعارض اللبناني لـ«حزب الله» فيربط بين المستجدات على الحدود السورية العراقية والصراع الإيراني – الغربي على تحديد مستقبل الميليشيات الشيعية في المنطقة وعلى رأسها «حزب الله» والحشد العراقي، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى «وجود قرار حاسم بالتصدي لهذه الميليشيات من دون تبلور الشكل الذي ستتخذه هذه المواجهة وما إذا كانت ستكون عسكرية مباشرة أم من خلال استيعابها وفق صيغ محددة».
وأضاف الأمين: «بالمقابل، نرى طهران تسعى لفرض وقائع مسبقة إن كان ميدانية أو من خلال شرعنة وجود هذه الميليشيات عبر تشريعات كما يحصل في العراق».
ورأى الأمين أن «إحدى الإشكاليات الرئيسية التي تواجه عملية الحد من نفوذ هذه الميليشيات هو تمتعها ببيئات حاضنة سواء في لبنان أو في العراق»، محذرا من «نشوء ظواهر شبيهة بـ(داعش) في حال استمرار وضع هذه الميليشيات الشيعية على ما هو عليه».
سيطرة الحشد الشعبي على الحدود مع سوريا تمهد لممر طهران ـ بيروت
سيطرة الحشد الشعبي على الحدود مع سوريا تمهد لممر طهران ـ بيروت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة