في قالب استعراضي تتخلّله لوحات غنائية وأخرى راقصة؛ انطلقت عروض مسرحية «حركة 6 أيار» للأخوين فريد وماهر الصباغ. هذا العمل، الذي يعود من خلاله الممثل يوسف الخال إلى المسرح بعد غياب لنحو 3 سنوات (شارك عام 2014 في مسرحية «الطائفة 19»)، نجح في لمس معضلة الفساد الإعلامي عن قرب بعد أن وضعه تحت المجهر وشرّح مشكلة تسييسه بتفاصيلها الدقيقة، وأخذ تلفزيون لبنان الرسمي (تلفزيون لبنان) نموذجا مجازيا له.
ومنذ اللحظات الأولى لمشاهدتك هذه المسرحية تسرقك الموسيقى التي وضعها الأخوان الصباغ، وكذلك الحضور الطاغي ليوسف الخال (يجسد شخصية رئيس الجمهورية)، لتمتزج سهام رسائلها المباشرة والقاسية أحيانا بسلاسة نغمات موسيقية وإيقاع راقص يدفعانك إلى تلقي الجرعة تلو الأخرى من دون بذل أي جهد يذكر.
كما استطاعت كارين رميا (تجسد شخصية مذيعة في تلفزيون لبنان) التي تقاسم يوسف الخال تمثيلا وغناء جذب الحضور بصوتها العذب، فشكلا معاً ثنائيا مقبولا فنيا على الرّغم من تمتع الأول بحرفية مسرحية طغت على المشاركين الآخرين.
أمّا الجديد الذي قدمه بطل المسرحية (يوسف الخال) فتجسد في أدائه دورين متناقضين؛ حيث تقمص في القسم الأول شخصية رئيس الجمهورية، فيما انتقل في القسم الثاني إلى شخصية طريفة وخفيفة الظل «روكز»، ذكّرتنا ببداياته عندما لمع اسمه من خلال مشاركته في مسلسل «فاميليا» في عام 2003. ومن خلال هذه الشخصية الشعبية والقريبة من الناس يستطيع «روكز» تحقيق ما لم يستطع اكتشافه عندما كان يشغل منصبا مرموقاً، مما خوّله التعرف على خبايا الإعلام الفاسد وأهدافه المبيتة بشكل عام، كما لامس الخيوط الرفيعة لمؤامرات تحاك في ظلها.
من الممثلين المشاركين في هذا العمل بياريت قطريب وزاهر قيس ورفيق فخري وطوني مهنا الذي يؤدي دور عامل هندي في إحدى البلديات. وبلكنته العربية الركيكة وعباراته «المشقلبة» كونه رجلا أجنبيا، يلون طوني مهنا العمل بقفشات كوميدية تكون بمثابة استراحات قصيرة يتلقفها المشاهد بين وقت وآخر، والتي تدور بشكل مترابط ضمن سياق أحداث العمل.
الأخوان ماهر وفريد الصباغ اللذان كتبا المسرحية وتشاركا في تلحين أغانيها وإخراجها، مثّلا فيها أيضا؛ حيث جسد الأول دور (بن)؛ أحد الثائرين على واقع ضحى فيه، بينما قدم الثاني دور السياسي «ساري فيصل» الذي لا يتوانى عن القيام بأعمال مشبوهة للوصول إلى أهدافه. ونقلا للحضور صورة واضحة عمّا يعيشه الإعلام في لبنان والمشكلات التي يمكن أن يولدها بين رجل وزوجته، وكيف يمكن للإعلام أن يحوّل اللبناني إلى لاجئ في المخيّمات بعد أن تسلّم الأجانب السلطة.
وفي ديكورات طغى عليها تمثال الشهداء وخلفية ساحة جمعت رمزي الدينين الإسلامي والمسيحي، رفع الممثلون أصواتهم من صميم حالة يعانون فيها الأمرّين، خصوصا أن حياتهم المهنية كانت تواجه منعطفاً خطيراً فحملوا على أكتافهم رسالة الإعلام وخرجوا يواجهون أصحاب المؤامرات علّهم يوقظون ضمائر الوسائل الإعلامية وكاميراتها، التي حجبتها غيمة سوداء في واقع هو في أمسّ الحاجة إلى أقلام نظيفة تنقذه من كبوته ومن ظلم «الرايتينغ» الذي يشكل هدف معظمها اليوم.
ويكمن صلب موضوع المسرحية في عرضها الحل لهذه المشكلة عن طريق أحد ضحاياها الذي قرر الانتقام، فقطع الوسائل الإعلامية كافة في البلد الذي صار عنوة «بلد بلا إعلام».
وتُسدل الستارة على مطلب جماعي يدعو إليه هذا العمل ليتحرر الإعلام من كل القيود المفروضة عليه لأنه يشكل عنصرا أساسيا في نمو الحضارات.
والمعروف أنّ «عيد الشهداء» مناسبة وطنية يحتفل بها في 6 مايو (أيار) من كل عام، في كل من سوريا ولبنان. وسبب اختيار التاريخ هو أحكام الإعدام التي نفذتها السلطات العثمانية بحق عدد من الوطنيين في كل من بيروت ودمشق إبان نهاية الحرب العالمية الأولى فيما بين 21 أغسطس (آب) 1915 وأوائل 1917. وحالياً صار يعرف بـ«عيد شهداء الصحافة» بحيث تقتصر عطلته على وسائل الإعلام فقط.
مسرحية «حركة 6 أيار» تضع معضلة الإعلام اللبناني تحت المجهر
أعادت يوسف الخال إلى الخشبة بعد 3 سنوات من الغياب
مسرحية «حركة 6 أيار» تضع معضلة الإعلام اللبناني تحت المجهر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة