عشائر الأنبار تبحث عن صيغة لتشمل مبادرة المالكي المسلحين

أحد شيوخها: نسعى لإشراك الموالين والمناوئين في مؤتمر الوحدة الوطنية

عراقيون يعاينون الضرر الذي خلفه قصف جوي لدى مدخل مستشفى الفلوجة أمس (إ.ب.أ)
عراقيون يعاينون الضرر الذي خلفه قصف جوي لدى مدخل مستشفى الفلوجة أمس (إ.ب.أ)
TT

عشائر الأنبار تبحث عن صيغة لتشمل مبادرة المالكي المسلحين

عراقيون يعاينون الضرر الذي خلفه قصف جوي لدى مدخل مستشفى الفلوجة أمس (إ.ب.أ)
عراقيون يعاينون الضرر الذي خلفه قصف جوي لدى مدخل مستشفى الفلوجة أمس (إ.ب.أ)

كشف أحد شيوخ عشائر الأنبار عن أن عشائر المحافظة تبحث عن صيغة لكي تشمل مبادرة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بشأن عقد مؤتمر للوحدة الوطنية في المحافظة التيار الموالي والمعارض على حد سواء «بوصفه الأسلوب الوحيد الذي يمكنه إيجاد حل للأزمة التي تمر بها المحافظة، والعراق بشكل عام».
وقال الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي، شيخ عشائر البوفهد الموالية للحكومة في المحافظة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهدف الرئيس من هذا المؤتمر الذي دعا إلى عقده رئيس الوزراء هو محاولة كسب من يقف على التل أو من وجد نفسه لهذا السبب أو ذاك يقف مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) و(القاعدة)، وإن لم يكن في الواقع منتميا أو جزءا منهما».
وأضاف أن «لدينا مؤشرات ومعطيات تفيد بأن هناك الكثيرين من شيوخ العشائر ومن بعض الفاعليات في المحافظة باتوا يشعرون بأن (داعش) لا تريد سوى الخراب والدمار، وبالتالي بدأوا يراجعون أنفسهم، ولكن ما نحتاج إليه هو أن يقرنوا أقوالهم بالأفعال، وهو ما يحتاج إلى مؤتمر وخيمة يجتمع في ظلها الجميع حتى نقف جميعا وجها لوجه ضد (داعش) ونتوجه في الوقت نفسه إلى الحكومة التي يتعين عليها تنفيذ المطالب المشروعة والدستورية لنا»، مشيرا إلى أن «هناك جهات وأطرافا تقول إن الحكومة لا يمكن أن تعمل شيئا أو تنفذ شيئا، وهو ما يعطي المسلحين، لا سيما (داعش)، فرصة لكي يتمددوا هنا وهناك». وردا على سؤال بشأن ما إذا كان هناك انقسام في الموقف العشائري داخل الأنبار، سواء من حيث الوقوف مع «داعش» أو ضدها أو الحكومة أو ضدها، قال الفهداوي، إن «من الأهمية بمكان توضيح هذه المسألة بشكل واضح حتى لا يستمر الالتباس وهي أنه لا توجد هناك عشيرة بالكامل مع (داعش) وضد الحكومة أو مع الحكومة وضد (داعش)، بل هناك داخل العشيرة الواحدة نسب مختلفة من الحواضن التي تستفيد منها (داعش)». وأكد أن «شيوخ العشائر، بمن فيهم الذين عقدوا اجتماعا في بغداد قبل يومين، إنما يهدفون إلى إيجاد صيغة لحل الخلافات بين بعض شيوخ العشائر وتقديم تنازلات قبل عقد المؤتمر بحيث نذهب نحن شيوخ الأنبار إلى المؤتمر برؤية موحدة». وحول ما إذا كانت هناك مفاوضات مع ثوار العشائر بزعامة علي حاتم السليمان أو رافع الجميلي ومع المجلس العسكري، قال الفهداوي إن «الحوارات جارية مع الجميع ونأمل في أن تستجيب كل الأطراف لهذا الحوار الذي يمكن أن يكون قاعدة للتفاهم مع الدولة شريطة أن ننتهي جميعا من قصة (داعش) التي تحاول استغلال كل ثغرة لتنفذ منها من أجل تنفيذ خططها وأهدافها».
وحول الكيفية التي تنظر من خلالها عشائر الأنبار إلى استمرار القصف على الفلوجة في وقت تجري فيه التحضيرات للمؤتمر، قال الفهداوي، إن «الوضع في الفلوجة معقد ونحن في الوقت الذي ندين فيه أي قصف عشوائي على المدنيين، لكن استمرار الوضع على ما هو عليه وفي ظل سيطرة المسلحين على المدينة يمكن أن يؤدي إلى المزيد من الخسائر، وبالتالي لا بد من حسم هذه المسألة بسرعة غير أن للحرب استحقاقاتها وأخطاءها التي يدفع أثمانها المدنيون».
وكانت عشائر الأنبار قد وحدت موقفها من تنظيم القاعدة عام 2006 عندما تشكلت قوات الصحوة بمساعدة الأميركيين على يد الشيخ عبد الستار أبو ريشة الذي تمكنت «القاعدة» من قتله عام 2007 بعد أيام من اجتماعه مع الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الابن في قاعدة عين الأسد غرب الأنبار وتسلم القيادة من بعده شقيه أحمد أبو ريشة. وعند اندلاع المظاهرات أواخر عام 2012 تمرد أبو ريشة وعلي حاتم السليمان، أحد أمراء قبيلة الدليم، على الحكومة وأصبحا مع وزير المالية المستقيل رافع العيساوي والنائب المعتقل أحمد العلواني قادة بارزين لمتظاهرات. غير أن أبو ريشة وقبل نحو خمسة أشهر عندما بدأت الحكومة بمقاتلة «داعش» في الرمادي والفلوجة بمساعدة العشائر التحق بالحكومة مجددا وأصبح الآن أحد حلفائها البارزين في هذا الجهد، بينما شكل السليمان مجلس ثوار العشائر الذي نفى انضمامه إلى «داعش» ويتبنى عمليات عسكرية ضد الحكومة دفاعا عن النفس. وفي إطار المبادرات التي أطلقتها الحكومة العراقية، وآخرها مبادرة المالكي، أكد السليمان موقفه السابق «بعدم قبول أي مفاوضات أو مبادرة لا تتضمن انسحاب الجيش من الأنبار بضمان طرف ثالث»، مؤكدا أن «ثوار العشائر لن يلقوا سلاحهم إلا بالحصول على حقوقهم المغتصبة كلها».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».