خمسة من قيادات طالبان «أحرار» في الدوحة

الجنرال ديمبسي: سنعرف ظروف أسر الجندي الأميركي عندما يصبح قادرا على الحديث

استعدادات للاحتفال بعودة السرجنت بو بيرغدال عقب إطلاق سراحه من أسر طالبان (أ.ف.ب)
استعدادات للاحتفال بعودة السرجنت بو بيرغدال عقب إطلاق سراحه من أسر طالبان (أ.ف.ب)
TT

خمسة من قيادات طالبان «أحرار» في الدوحة

استعدادات للاحتفال بعودة السرجنت بو بيرغدال عقب إطلاق سراحه من أسر طالبان (أ.ف.ب)
استعدادات للاحتفال بعودة السرجنت بو بيرغدال عقب إطلاق سراحه من أسر طالبان (أ.ف.ب)

قال مسؤول خليجي بارز إن قطر نقلت خمسة سجناء أفغان من حركة طالبان أطلق سراحهم مقابل إطلاق سراح جندي أميركي، إلى مجمع سكني، وإنها ستسمح لهم بحرية الحركة في البلاد. وستخضع هذه الخطوة لتدقيق واشنطن على الأرجح. من جهة أخرى، أعرب اثنان من الخمسة، عن رغبتهما في العودة إلى أفغانستان و«المشاركة في مساعي السلام»، وفق ما أفاد به قريبان لهما «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح مقرب من الملا خير الله خيرخوا، أحد المعتقلين الخمسة المفرج عنهم، طالبا عدم كشف هويته: «هم مضطرون إلى البقاء سنة في قطر، لكن بعد ذلك يمكنهم العودة إلى بلادهم». ويعد الملا خير الله خيرخوا الذي كان وزير الداخلية في نظام طالبان (1996 - 2001) من المعتدلين».

وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن إطلاق سراح المقاتلين الإسلاميين عملية نقل، وأنهم سيخضعون لبعض القيود في قطر. وقال أحد المسؤولين إن ذلك سيشمل حظر سفر خارج قطر لعام واحد على الأقل فضلا عن مراقبة أنشطتهم.

من جهته، علق الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، على الانتقادات الموجهة إلى صفقة إطلاق سراح قادة طالبان الخمسة مقابل الإفراج عن الجندي الأميركي بيرغدال بقوله: «تنفصل المسائل المتعلقة بسلوك هذا الجندي تحديدا عن جهودنا لاستعادة أي مجند أميركي واقع في أسر العدو، ومن المحتمل أن هذه كانت آخر وأفضل فرصة لتحريره. أما بالنسبة لظروف أسره، فسوف نعرف الحقيقة، عندما يكون قادرا على الحديث عن تلك الظروف. ومثله في ذلك مثل أي أميركي، هو بريء حتى تثبت إدانته. وكان تحقيق أجرته وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) عام 2010 خلص إلى أن الرقيب بو بيرغدال، الذي أفرج عنه أخيرا بعد اعتقاله لمدة خمس سنوات في أفغانستان، في صفقة تبادل مقابل خمسة من قيادات طالبان، هارب من وحدته في الجيش الأميركي». وأكد التحقيق وفقا لمسؤول سابق بوزارة الدفاع، أنه «بعد بذل جهود كبيرة للبحث عن بيرغدال، اتخذ قرار بعد بذل مزيد من الجهود، لمحاولة إنقاذه»، حسبما أوضحت «أسوشييتد برس». وبيرغدال (28 عاما) الذي اعتقلته طالبان في 2009 إثر اختفائه من قاعدته العسكرية في ولاية باكتيا في جنوب شرقي أفغانستان، هو الجندي الأميركي الوحيد الذي وقع في الأسر في أفغانستان منذ بدأت واشنطن حربها في هذا البلد قبل 13 عاما.

وقال مايك روجرز، رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب، وهو من الحزب الجمهوري: «ثقتي محدودة في التطمينات الأمنية فيما يتعلق بحركة قادة طالبان المفرج عنهم ونشاطهم، كما أن ثقتي أقل في استعداد هذه الإدارة لضمان تنفيذها». ويوم السبت الماضي أطلق سراح السارجنت بو بيرغدال (28 عاما) بعد أن أمضى في أسر طالبان خمس سنوات وذلك مقابل خمسة معتقلين محتجزين في سجن غوانتانامو العسكري الأميركي في كوبا. وكان من بين الخمسة نائب وزير الدفاع السابق في حكومة طالبان محمد فضل. وقال مسؤولون أميركيون وقطريون إن الخمسة ممنوعون من السفر من قطر لمدة عام كامل. وقال مسؤولان أميركيان إن وزارة الخارجية وأجهزة المخابرات الأميركية أبدت تشككها في الماضي في مدى التزام قطر بفرض رقابة على المتشددين الذين يفرج عنهم على أراضيها. وقال محقق بالكونغرس طلب عدم نشر اسمه لأنه ليس مخولا سلطة التعقيب على هذه المسألة: «منذ اكتشفنا أمر هذه الانتقالات، أبدى أعضاء بالكونغرس مخاوف كبيرة بناء على تقديرات المخابرات وأداء قطر في الماضي». ووردت تفاصيل مخاوف وزارة الخارجية بشأن رقابة قطر على المتشددين المفرج عنهم في برقية دبلوماسية صادرة من السفارة الأميركية في العاصمة القطرية الدوحة في فبراير (شباط) 2009 استنادا إلى حالة الجار الله المري الذي أفرج عنه من غوانتانامو في قطر في يوليو (تموز) عام 2008.

وفي البرقية انتقدت السفارة الأميركية قطر لعدم تنفيذ وعودها بمنع المري من مغادرة قطر، مشيرة إلى أنه قام برحلتين إلى بريطانيا منذ الإفراج عنه من غوانتانامو، وأن السلطات البريطانية ألقت القبض عليه خلال زيارته الثانية في أوائل عام 2009.

وامتنعت السفارة القطرية في واشنطن عن الرد على طلب معرفة تفاصيل التطمينات المحددة التي قدمتها قطر لواشنطن بأن أعضاء طالبان الخمسة الذين أطلق سراحهم ستفرض عليهم قيود. ودافع البيت الأبيض عن قرار الإفراج عن الخمسة وتسليمهم لقطر. وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض لبرنامج «توداي شو» على شبكة «إن بي سي» التلفزيونية أول من أمس: «نحن نعتقد أنه ليس في هذا خطر أمني على الولايات المتحدة، وأن هناك ظروفا كافية تتيح الشعور بالارتياح لنقل هؤلاء المعتقلين إلى قطر». وتمنع سياسة الحكومة الأميركية التفاوض المباشر مع الإرهابيين. ولتفادي أي اتهامات، لجأ الرئيس أوباما لوساطة قطر التي لها تاريخ في إجراء محادثات بين واشنطن وطالبان. ففي عام 2010 توجه قادة طالبان إلى قطر لإجراء مفاوضات سرية مع الحكومة الأميركية بشأن اتفاق سلام محتمل لوضع نهاية لوجود قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان. وعندما تعثرت تلك المحادثات بقي بعض زعماء طالبان في قطر واعتادوا على رغد العيش فيها. وشوهد هؤلاء في مراكز تجارية وأسواق كما شوهدوا يلعبون مع أولادهم في صالات رياضية مكيفة الهواء. وقالت مصادر مقربة من هذه المجموعة إنها تعيش في مجمعات سكنية خارج الدوحة على حساب الحكومة. واشترطت قطر عليهم عدم الانخراط في أي نشاط سياسي أو التحدث لوسائل الإعلام. لكن مسؤولين أميركيين مطلعين على السياسة الأميركية في قطر قالا إن ذلك لم يهدئ من مخاوف أجهزة المخابرات الأميركية حول مدى الرقابة التي ستفرضها قطر على رجال طالبان أو أي متشددين غيرهم. وقال المسؤولان إن مجموعة عمل قامت بتكليف من البيت الأبيض بمراجعة ملفات معتقلين في غوانتانامو عام 2009. وأثارت تقديرات المخابرات تساؤلات بشأن مدى ملاءمة قطر بوصفها وجهة للمتشددين في حالة الإفراج عنهم وقدرتها على فرض شروط أو قيود على تنقلاتهم وأنشطتهم.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».