عقد من العلاقات المتوترة بين الحركتين الفلسطينيتين

TT

عقد من العلاقات المتوترة بين الحركتين الفلسطينيتين

تشهد العلاقات بين الحركتين فتح وحماس التي تسيطر منذ 2007 على قطاع غزة، توترا متزايدا مع اقتراب موعد الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، الذي يفترض أن تتسلم فيه السلطة إدارة قطاع غزة بشكل كامل. وفيما يلي أبرز محطات الخلاف على مر عقد من الزمن.
* في 25 من يناير (كانون الثاني) 2006 فازت «حماس» في الانتخابات التشريعية بعد عشر سنوات على هيمنة فتح. وفي 28 من مارس (آذار) من نفس السنة، تولت حكومة إسماعيل هنية السلطة، وعهدت بالمناصب الرئيسية إلى قادة الحركة. لكن إسرائيل والولايات المتحدة رفضتا الاعتراف بالحكومة، وأبقت على العلاقات مع الرئيس محمود عباس.
* في يناير وفبراير (شباط) من عام 2007، وبعد ذلك في مايو (أيار) من العام ذاته، جرت مواجهات عنيفة بين أنصار فتح وحماس في قطاع غزة. وفي 14 من يونيو (حزيران)، أقال الرئيس عباس رئيس الوزراء إسماعيل هنية بعد أسبوع من العنف بين الحركتين، وأعلن حالة الطوارئ في قطاع غزة. لكن في اليوم التالي تغلبت «حماس» على القوات الموالية لفتح في غزة، فيما اعتبره عباس انقلابا عسكريا. وطردت «حماس» عناصر فتح من القطاع، وتفردت بالسيطرة عليه. وردا على سيطرة حماس، عززت إسرائيل حصارها لقطاع غزة. وقد قتل في المواجهات بين الحركتين حوالي مائة شخص.
* في 27 من أبريل (نيسان) 2011. وقعت «فتح» و«حماس» اتفاقا ينص على تشكيل حكومة انتقالية تكلف تنظيم انتخابات. وبعد ذلك وقعت كل المنظمات الفلسطينية الاتفاق بالأحرف الأولى. لكن تم تأجيل الاستحقاقات الانتخابية باستمرار.
* في السادس من فبراير 2012، اتفقت الحركتان على أن يكلف عباس قيادة الحكومة الانتقالية، لكن هذا القرار الذي واجه معارضة داخل «حماس» لم ينفذ.
*في 23 من أبريل 2014. وقعت منظمة التحرير الفلسطينية التي تسيطر عليها حركة فتح اتفاق مصالحة مع حماس لوضع حد للانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي شهر يونيو شكلت حكومة وحدة ضمت تكنوقراطا من الطرفين، لكنها لم تكن قادرة على ممارسة سلطتها في غزة، واتهم عباس حركة «حماس» بالإبقاء على «حكومة موازية» في القطاع. وبعد أشهر من ذلك أخفقت حكومة الوحدة الوطنية.
* في مارس 2017، شكلت حماس «لجنة إدارية» اعتبرتها فتح حكومة موازية. وردا على ذلك قلصت السلطة الفلسطينية المبالغ المدفوعة إلى إسرائيل لقاء تزويد سكان القطاع بالكهرباء، وأقدمت في وقت لاحق على تنفيذ حسم في رواتب موظفي قطاع غزة. وفي 17 من سبتمبر (أيلول) الماضي أعلنت «حماس» حل اللجنة «تلبية للجهود المصرية»، ودعت حركة فتح إلى حوار جديد للمصالحة.
وللمرة الأولى منذ 2015. توجهت حكومة رئيس الوزراء رامي الحمد الله في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) إلى قطاع غزة، حيث عقدت أول اجتماع لها منذ ثلاث سنوات.
* في 12 من أكتوبر 2017. أعلنت فتح وحماس في القاهرة أنهما توصلتا إلى اتفاق مصالحة. وسلمت «حماس» في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي السلطة الفلسطينية معابر قطاع غزة المحاصر من إسرائيل منذ عشر سنوات، على أن تتسلم السلطة الفلسطينية الجمعة الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل إدارة القطاع بشكل كامل. إلا أن انتقال الإدارة على الأرض يترافق مع تشنجات، لا سيما حول مسؤولية الأمن ومصير الموظفين الذين عينتهم «حماس» بعد سيطرتها على القطاع.
*في 29 من نوفمبر الماضي، منع موظفون تابعون للسلطة الفلسطينية من دخول مقار عملهم الرسمية، التي كانوا يعودون إليها بعد عشر سنوات، وإثر قرار من الحكومة الفلسطينية. وقالت النقابات التي نفذت عملية المنع إنه لا دخول لهؤلاء ما لم تحل قضية الموظفين المعينين من «حماس». وتبادل الطرفان الاتهامات بعدم الالتزام بتنفيذ الاتفاق، ثم أعلنا ليلا اتفاقهما على تأجيل موعد إتمام تسلّم حكومة الوفاق الفلسطيني مسؤولية إدارة قطاع غزة إلى العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».