مقتل 25 مدنياً في أعنف حملة للنظام على غوطة دمشق

القصف استهدف داراً للأيتام في بلدة مسرابا

طفل يقف وسط دمار في مسرابا بالغوطة الشرقية أمس (رويترز)
طفل يقف وسط دمار في مسرابا بالغوطة الشرقية أمس (رويترز)
TT

مقتل 25 مدنياً في أعنف حملة للنظام على غوطة دمشق

طفل يقف وسط دمار في مسرابا بالغوطة الشرقية أمس (رويترز)
طفل يقف وسط دمار في مسرابا بالغوطة الشرقية أمس (رويترز)

تصاعدت حدة القصف الجوي والمدفعي على الغوطة الشرقية لدمشق، بموازاة عملية عسكرية واسعة تنفذها قوات النظام السوري على محورين لتوسيع سيطرتها إلى داخل الغوطة، بهدف تأمين منطقة المتحلق الجنوبي الحيوية، وهو ما أسفر عن مقتل 25 مدنياً أمس (الأحد).
وقال الناشط في الغوطة الشرقية عبد الملك عبود لـ«الشرق الأوسط»، إن القصف المتصاعد استهدف داراً للأيتام في بلدة مسرابا، تديرها جمعية «عدالة»، بالتزامن مع استهداف مناطق حيوية يقطنها مدنيون، وهو ما أسفر عن مقتل العشرات في المنطقة التي تتعرض لمحاولات تقدم من قبل النظام.
وتعد الغوطة الشرقية لدمشق، آخر معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق والمشمول باتفاق خفض التصعيد. وقال عبود: «ثمة تصعيد بالقصف بشكل غير مسبوق، انطلق مع بداية معركة إدارة المركبات في حرستا، حيث فشل النظام في استرجاع مناطق سيطر عليها مقاتلون تابعون لحركة (أحرار الشام)»، لافتاً إلى أن القذائف التي استهدفت الغوطة منذ أسبوع «تعد بالآلاف، أما الغارات الجوية فتعد بالمئات»، مشيراً إلى أن الوضع الإنساني في الغوطة التي يقطنها نحو 400 ألف مدني «يتدهور مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتراجع مخزون الأدوية».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بارتفاع أعداد الضحايا إلى 25 مدنياً في مسرابا ومديرا ودوما، بينهم 5 أطفال و3 نساء، هم 16 قتيلاً بينهم 3 أطفال ومواطنة إضافة لـ3 مواطنين من عائلة واحدة بينهم شقيقان اثنان، في حين ارتفع إلى 7 بينهم طفلان وامرأتان عدد الشهداء الذين قضوا في غارات استهدفت مناطق في بلدة مديرا. وقال إن هجوماً مكثفاً تشنه قوات النظام والقوى الحليفة لها لانتزاع آخر معقل لمقاتلي المعارضة قرب العاصمة السورية دمشق أسفر عن سقوط القتلى. وأضاف أن 127 شخصاً على الأقل بينهم 30 طفلاً قتلوا نتيجة الضربات الجوية والقصف منذ بدء الجيش السوري النظامي هجومه بدعم من الطيران الروسي قبل أسبوعين تقريباً لانتزاع منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة. وقال شاهد من «رويترز» إن طائرات من دون طيار حلقت في السماء منذ صباح أمس، وإن طائرات حربية قصفت بلدتي مسرابا وحرستا بعنف.
ووثق المرصد السوري مقتل «21 مدنياً في قصف جوي لقوات النظام على بلدتي مسرابا ومديرا»، بعدما كان أفاد سابقاً بسقوط 17 قتيلاً. وقتل مدنيان آخران، بحسب المرصد، في قصف صاروخي على مدينة دوما.
واستهدفت قوات النظام الأحياء السكنية في بلدة عين ترما بعدة قذائف هاون من العيار الثقيل، في حين أغار الطيران الحربي على مدينة حرستا، ما أدى إلى وقوع إصابات ودمار في ممتلكات المدنيين، بحسب ما أفادت شبكة «الدرر الشامية» المعارضة.
وقالت مصادر عسكرية معارضة في الغوطة الشرقية، إن النظام يحاول التقدم على محورين في الغوطة؛ أولهما في حرستا، حيث يقاتل فصيل «أحرار الشام»، والثاني على محور جوبر حيث يقاتل فصيل «فيلق الرحمن»، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قوات النظام «تسعى للتوغل إلى عمق جوبر وعين ترما، بهدف السيطرة على نقاط عسكرية تمنح المعارضة أفضلية لقصف المتحلق الجنوبي الخاضع لسيطرة النظام، كون قوات المعارضة باتت تسيطر على المتحلق الجنوبي نارياً».
والمتحلق الجنوبي، هو أوتوستراد دائري يقع شمال شرقي العاصمة، ويفصل بين دمشق والغوطة الشرقية، ويعتبر حيوياً كونه يمثل جانباً أساسياً من طريق دمشق الدولية.
وفشل النظام في السابق في السيطرة على حي جوبر، الملاصق لمناطق سيطرة النظام في العاصمة السورية، بعد معارك عنيفة، فيما كان يتحضر قبل أسبوعين لاقتحام حرستا، أبرز معاقل «أحرار الشام» في شمال غربي الغوطة الشرقية، التي تشرف على أوتوستراد دمشق - حمص الدولي.
وقالت المصادر العسكرية المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إن «أحرار الشام» استبقوا هجوم النظام على حرستا، بمهاجمة إدارة المركبات التابعة لقوات النظام، والسيطرة على جزء منها، ما دفع النظام لشن هجمات مضادة لاستعادة السيطرة على المنطقة، لافتة إلى أن إدارة المركبات في حرستا «تقع داخل الغوطة الشرقية وهي موقع استراتيجي بالنسبة لقوات النظام لتوسيع سيطرتها إلى عمق الغوطة».
وصعدت قوات النظام منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) قصفها مناطق في الغوطة الشرقية رغم كونها منطقة خفض التصعيد، بموجب اتفاق توصلت إليه موسكو وطهران حليفتا دمشق وأنقرة الداعمة للمعارضة في آستانة في مايو (أيار) الماضي، وبدأ سريانه عملياً في الغوطة في يوليو (تموز) الماضي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.