أبو الغيط: ممارسات إثيوبيا تجاه مصر مثيرة للقلق

اعتبر «أمن القاهرة المائي من الأمن القومي العربي»

TT

أبو الغيط: ممارسات إثيوبيا تجاه مصر مثيرة للقلق

حذّر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، من «ممارسات إثيوبيا تجاه مصر»، واعتبرها «تطورات مثيرة للقلق والانزعاج فيما يتعلق بشأن معايير ومحددات بناء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق».
وقال أبو الغيط، خلال مشاركته في فعاليات «المنتدى العربي الرابع للمياه» المنعقد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدولة العربية بالقاهرة، أمس، إن «مصر تحصل على 85 في المائة من مياهها من الهضبة الإثيوبية، فيما تعاني القاهرة بالفعل من الفقر المائي، ونصيب المواطن فيها لا يتعدى 660 متراً مكعباً في العام، وهناك دراسات تُشير إلى احتمالات انخفاضه إلى 552 متراً مكعباً في 2025». وأضاف أن «الأمن المائي لأكبر دولة عربية هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي. ونتابع مسار المحادثات بين دولتي المصب العربيتين (مصر والسودان) وإثيوبيا بقلق شديد، إذ لا نلمس ميلاً إثيوبياً كافياً للتعاون والتنسيق، وما زالت الخطط الإثيوبية لتشغيل السد واستخدام مياهه في الري غامضة ومثيرة للقلق، وندعو أديس أبابا إلى إظهار الانفتاح الكافي على مبادئ التعاون والشفافية والتشاركية، باعتبار أنها تُمثل السبيل الوحيد للاستفادة من مياه نهر يسكن على ضفاف حوضه 400 مليون إنسان، وهم مرشحون للزيادة إلى مليار شخص في عام 2050».
وحذّر أبو الغيط من «الخطر الذي يهدد الدول العربية بسبب ندرة المياه، وأكد أن «المنتدى العربي للمياه هذه المرة يعقد في توقيت دقيق بالنسبة للأمة العربية، في إطار التحضير العربي للمشاركة في أعمال المنتدى العالمي الثامن للمياه المقرر عقده في مارس (آذار) 2018 في البرازيل، لأن ندرة المياه تُعد واحدة من أخطر التهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي».
ولفت إلى أن «40 في المائة من سكان العالم العربي يعيشون في مناطق تُعاني من ندرة مُطلقة في المياه، فيما يمثل العرب 5 في المائة من سكان العالم، ولكنهم لا يحصلون سوى على 1 في المائة فقط من المياه العذبة، وفضلاً عن ذلك، تُعاني المنطقة العربية من أكبر عجز غذائي في العالم».
وحذر من أن «تحديات تغيير المناخ تُضاعف من صعوبة هذا الوضع بصورة غير مسبوقة، خاصة أن دراسة أجرتها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ونشرت في مارس 2016 خلُصت إلى أن الجفاف الذي بدأ في شرق المتوسط في 1998 كان الأسوأ منذ 900 عام».
وأضاف أن الجامعة العربية «بادرت بإنشاء المجلس الوزاري العربي للمياه في عام 2008، وكان ذلك محل قبول وارتياح وتدعيم من قبل جميع الدول العربية، وعقد أول دورة له في الجزائر عام 2009، إيذاناً ببداية مرحلة جديدة للعمل العربي المشترك في مجال المياه، حيث أصبحت للجامعة العربية مرجعية قانونية في هذا الشأن، وبذل المجلس جهوداً تستحق الإشادة وكشف ممارسات إسرائيل في موضوع المياه مع كل من الفلسطينيين، ومرتفعات الجولان مطالبا بكشف تلك الممارسات غير الإنسانية في جميع المحافل الدولية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».