«الشرق الأوسط» داخل أوكار المتطرفين في ليبيا 1 من 5: «داعش» ترك بنغازي محطمة وجريحة... وآثاره تكشف علاقاته الخفية

التنظيم حوَّل منزل مسؤول ليبي سابق إلى مقر لإدارة العمليات ضد الجيش

واحدة من الفتحات التي أحدثها المتطرفون في سور منزل الجبالي للتنقل بين المعسكرات المحيطة بعد استيلائهم عليها.
واحدة من الفتحات التي أحدثها المتطرفون في سور منزل الجبالي للتنقل بين المعسكرات المحيطة بعد استيلائهم عليها.
TT

«الشرق الأوسط» داخل أوكار المتطرفين في ليبيا 1 من 5: «داعش» ترك بنغازي محطمة وجريحة... وآثاره تكشف علاقاته الخفية

واحدة من الفتحات التي أحدثها المتطرفون في سور منزل الجبالي للتنقل بين المعسكرات المحيطة بعد استيلائهم عليها.
واحدة من الفتحات التي أحدثها المتطرفون في سور منزل الجبالي للتنقل بين المعسكرات المحيطة بعد استيلائهم عليها.

تركت تنظيمات متطرفة مدناً مُحطمة وجريحة. وتشهد طوابق العمارات المنهارة والمحترقة، في ضواحي العاصمة طرابلس، وفي بنغازي وسرت، على شدة المعارك التي خاضها الليبيون ضد هذه التنظيمات التي يُطلق عليها الأهالي مسميات مختلفة منها «الدواعش» و«الأنصار» و«الإخوان».
ومن بين خطوط الألغام والمفخخات وأصوات الرصاص، تقدّم «الشرق الأوسط» خمس حلقات عن قصص المعارك الحربية الشرسة لإسقاط أوكار عدة كان المتطرفون يستخدمونها مقاراً للانطلاق وغرف عمليات، بالإضافة إلى سراديب لسجن الأسرى، وأخرى لتكديس «الغنائم» من أسلحة وأموال وجواهر، بينما كان زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي يرسل لأتباعه المنهزمين في ليبيا رسائل بالتوجه إلى الجنوب والاستعداد لاستقبال «الدواعش» الفارين من العراق وسوريا.
بينما ما زالت طرابلس تعاني وتنتظر مستقبلاً مجهولاً، لم يتبقَ في بنغازي إلا مربع سكني واحد يتحصن فيه بقايا المسلحين المنهزمين. ويقع على مساحة نصف كيلومتر في نصف كيلومتر، قرب منطقتي الصابري وسوق الحوت. اسم المكان «سيدي خريبيش»، ولا يمكن الاقتراب منه لأن المنطقة شديدة الخطورة، فقد جرى تفخيخ الشوارع والمباني المحيطة بها على أيدي المتحصنين في الداخل. كما جرى حفر أنفاق تحت الأرض يستخدمها المسلحون للتنقل بين مواقعهم والاختباء. وبين وقت وآخر تسمع صوت القذائف الصاروخية وزخات من طلقات الرصاص. ويحدث الأمر بشكل مفاجئ. وحين تحني رأسك وتستعد للفرار، يقول لك مرافقك العسكري: طالما سمعت صوت الرصاص فأنت ما زلت على قيد الحياة!
وحتى الجري للنجاة بنفسك محفوف بالمخاطر... ففي كثير من الطرقات ما زال رجال الهندسة العسكرية يصِلون الليل بالنهار من أجل نزع الألغام والمفخخات.
وأسس تنظيم داعش أول غرفة عمليات له في جنوب بنغازي، في منزل يخص مسؤولاً ليبياً سابقاً يدعى علي حسين الجبالي، بعد طرده منه وقتل ابنه. وأقام قادة التنظيم فيه لمدة عامين. والمكان عبارة عن منزل كبير وفناء مزروع بالورد ومحاط بسور، وله أبواب حديد. وكان صاحبه، الجبالي، يعمل مديراً للمِلْكيات والإحصاء في هذه البلاد التي تعمها الفوضى منذ عام 2011. ويقع المنزل على حدود مزرعة العقيد الراحل معمر القذافي في ضاحية الليثي.
وحين تزور البيت اليوم ستجد جدراناً مهدمة ومحترقة والألوف من فوارغ طلقات الرصاص المبذورة في التراب وبين أوراق العشب الناشف، وتوجد بقايا صواريخ من طراز «سام» وأخرى من نوع «غراد»، ومزقاً من أوراق تحتوي على أسماء رجال أمن مستهدفين.
ويقول الجبالي عن هذه الجماعة التي عصفت ببيته وألقت رداء الحزن على أسرته إلى الأبد، إنهم «الأنصار» نسبة إلى «تنظيم أنصار الشريعة» الذي أعلن فريق منه موالاته لتنظيم داعش في عام 2014، بينما ظل فريق آخر على الولاء لتنظيم القاعدة.
ولمعرفة تداخل الأسماء بين الجماعات المتطرفة في ليبيا، لا بد من الإشارة إلى أن «تنظيم أنصار الشريعة» ولد قبل نحو أربعة أعوام من رحم تنظيم له كتيبة كبيرة كانت مجاورة لمزرعة القذافي ببنغازي، اسمها «كتيبة راف الله السحاتي». كما أن «كتيبة راف الله السحاتي» نفسها كانت قد خرجت من بطن تنظيم «كتيبة 17 فبراير» التي أسستها جماعة «الإخوان» لتستوعب فيها التيارات المتطرفة المختلفة، أثناء انتفاضة 2011، في أحد معسكرات الجيش الليبي الذي كان يعرف بـ«معسكر السابع من أبريل».
وعادت كل هذه التنظيمات للتعاون معاً تحت اسم «مجلس شورى ثوار بنغازي» بعد أن بدأ المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني، حملته لطرد المتطرفين من المدينة قبل نحو ثلاث سنوات.
وبينما كان يعيش حياة التقاعد من العمل في بيته، ويعتني بأزهار حديقته، لاحظ الجبالي تزايد أعداد العناصر التي كانت تقوم باحتلال مواقع حكومية ومصانع ومتاجر ومعسكرات الجيش القريبة من منزله. كان ذلك في صيف 2014. كما تزايد صوت إطلاق النار في ساحات التدريب المجاورة وسط أهازيج عن «قدوم دولة الخلافة» المزعومة لـ«داعش».
يقول الرجل، والدهشة ما زالت على وجهه، إنه لم يكن يتخيل أن هذه الجماعات ستسيطر على المدينة، من البحر شمالاً، حتى مطار بنينا جنوباً، بطول يزيد على 30 كيلومتراً، وبعرض مماثل يصل حتى منطقة قار يونس غرباً.
وانطلاقاً من بيت الجبالي، أسَّس المتطرفون أسفل مصنع الإسمنت الضخم، في منطقة استراتيجية ببنغازي، مقرات لاحتجاز الخصوم ومحاكمتهم وقتلهم، كما أسسوا، في أنفاق تحت المصنع نفسه، بيتاً أطلقوا عليه «بيت مال المسلمين» كان مكدساً بالأموال والجواهر وبكل ما كان «يغنمه» المتشددون من أهالي المدينة التجارية العريقة.
وأخيراً ترك التنظيم بنغازي.. لكنه تركها محطمة وجريحة.. تستطيع أن ترى ذلك بداية من الحطام والسُّخام الذي يلطخ المجمع التجاري، والذي كان يغص بفروع الشركات من كل الدنيا، والمعروف باسم «مجمع الدعوة الإسلامية»، وحتى مبنى «جامعة قار يونس» حيث حوَّل التنظيم كلية العلوم إلى مختبر للمتفجرات وصناعة المفخخات، ودمر القبة السماوية نادرة التصميم، والتي تتوسط فناء الجامعة.
وحتى اليوم يتطلب دخول أي صحافي إلى مبنى الجامعة تصاريح وموافقات خاصة، ومرافقة مسؤول أيضاً، بسبب الخوف من المفخخات والقنابل. فالطرقات بين مجمعات الكليات ما زالت مقطعة الأوصال بالكتل الخرسانية وصناديق الشاحنات والركام والشجر المحترق. ومن بين كل هذه الفوضى يمكن أن تكون هناك دانات مزروعة في انتظار من يقترب منها لتنفجر في وجهه.
علاقات خفية مع زعماء ميليشيات
وبينما تم دحره وإجبار عناصره على الفرار إلى غرب البلاد وإلى جنوبها، ترك التنظيم وراءه آثاراً في غرف عملياته في ضواحي الليثي، والصابري، وقنفودة، والميناء، وغيرها، لتكشف علاقات خفية مع زعماء ميليشيات في كل من طرابلس ومصراتة غرباً، ودرنة شرقاً، ومنها طُرق الحصول على المَدد والعون من داخل ليبيا ومن دول أخرى وراء البحر.
وجمعت هيئة القضاء العسكري، في مقرها في بنغازي، ملفات تضم الكثير من الأسماء الليبية وغير الليبية التي تسببت في كل هذا الخراب، للمطالبة بمحاكمتها، داخل ليبيا بالنسبة لليبيين، وعن طريق محكمة الجنايات الدولية بالنسبة لغير الليبيين. وتتولى جهات مسؤولة تابعة للقوات المسلحة التي يقودها المشير حفتر فحص المئات من الهواتف النقالة والحواسب المحمولة التي أمكن الحصول عليها من العناصر المتطرفة بعد أن تعرضت للقتل أو الأسر أو فرت خلال الحرب مع الجيش الوطني.
ويقوم الجبالي حالياً بترميم منزله بعد أن أضرم المتطرفون المنهزمون النار في محتوياته، أثناء تقهقرهم بفعل ضربات أفراد القوات المسلحة والمتطوعين المساندين لها. وكوّم الرجل عدة قذائف صاروخية معطوبة في جانب الفناء. ووضع في الجانب الآخر ما تبقى من مراتب وأغطية محترقة وأَسرَّة وخزائن خشبية محطمة، بينما ملأت رائحة الطلاء البيت من الداخل، حيث تقدمت ابنته الصغيرة للترحيب بالضيوف فيما رسمت والدتها ابتسامة حزينة على محياها.
ويقول، والدموع تكاد تفر من عينيه، إنه وأسرته أمضوا وقتاً عصيباً، بعد أن قتل الدواعش ابنه، واحتلوا مسكنه هذا، وكتبوا على واجهته «قادمون يا أقصى»، ودمروا كل شيء، بما في ذلك مكتبته التي تغص بشتى أنواع الكتب.
ويضيف أنه، قبل ثلاث سنوات، كان قد بدأ يرى طلائع العناصر المتطرفة وهي تعاين المنطقة. ثم أخذت مجاميع غريبة، تتحدث بلهجات ليبية ومصرية وتونسية وسورية وغيرها، «تتكاثر مثل الجراد» بالأسلحة والمعدات الحربية. كان بينهم أفارقة أيضاً. شن هؤلاء هجوماً على عدة معسكرات في الجوار، من بينها معسكر الصاعقة التابع للجيش الوطني، حيث كان ابن الجبالي؛ إحسونة، جندياً فيه.. «قتلوا إحسونة؛ استوقفوه حين كان عائداً للبيت في سيارته، وأطلقوا عليه الرصاص».
كيف حدث هذا؟ وأين كان الجيش وقوات الأمن لحماية المدينة؟ كانت الأمور معقدة. واللعبة تشارك فيها جهات محلية تريد أن تشكل قواتها الخاصة بعد أن تعرض الجيش، في 2011، لضربات موجعة من طائرات وصواريخ حلف شمال الأطلسي (ناتو). ويقول العميد أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش، إن الحلف بعد أن انتهى من ضرب مخازن ودشم القوات المسلحة الليبية، جاءت جماعة «الإخوان» في 2012، وأخرجت آلاف العسكريين من الخدمة، وجلبت العسكريين المفصولين من الجيش من أيام القذافي، ومعظمهم كانوا مفصولين إما بسبب أنهم كانوا يحملون فكراً تكفيرياً، أو بسبب قضايا تمس الشرف وطبيعة الخدمة العسكرية، بحسب ما قال.
وتشكل مع أواخر ذلك العام جيشٌ جرار يتكون من خليط عجيب من ميليشيات ذات توجهات جهوية تخص مدناً بعينها أو توجهات مذهبية لها علاقة بجماعة «الإخوان» و«الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة» (المرتبطة بتنظيم القاعدة). واختلطت العناصر المدنية بالعسكرية.
وتشير التحقيقات العسكرية الحالية، التي تعتمد على ما تركه المتطرفون من أدلة وإثباتات، إلى حصول أمراء وعناصر من هذه الميليشيات على عتاد ودعم من جهات محلية وإقليمية ثبت فيما بعد أن لها علاقة بالإرهاب.
ويقول حسن إرحومة الذي كان يعمل في مصنع الإسمنت في بنغازي: «في ذلك الوقت أصبحت الكلمة العليا في المدينة لتنظيم أنصار الشريعة. أذكر أنه بعد أن استولوا على منزل الجبالي، تقدم نحو خمسين شاباً منهم، تتراوح أعمارهم بين تسعة عشر عاماً وثلاثين عاماً، وهم يهتفون الله أكبر، الله أكبر.. وقاموا بتفجير مبنى مديرية الأمن القريب من المصنع. وهزت قوة التدمير شوارع بنغازي، وهوت بطوابق المبنى إلى الأرض. وأثارت هذه الواقعة الفزع، وبدأت العائلات ترحل بعيداً».
حمل إرحومة أسرته في سيارة وغادر المدينة متسللاً ليقيم لدى أبناء عمومته في طبرق شرقاً. ومع أواخر عام 2014 كان فرع تنظيم «أنصار الشريعة» في درنة قد أعلن مبايعته لتنظيم داعش، بينما انقسم التنظيم في بنغازي بين مؤيد ومُنتظر، لكن إصرار الجيش الوطني على طرد التنظيم من هذه المدينة، أعاد تحالف كل أنواع المتطرفين ضمن «مجلس شورى بنغازي»، وأخذت المجاميع المسلحة تتحرك بكل حرية وطمأنينة في المدينة، وقد اقتربت عناصرها كثيراً من منطقة المعسكرات والمصانع ومزرعة القذافي القديمة، في نطاق منزل الجبالي.
ويضيف إرحومة: «أصبحوا يتحركون بالدبابات والمدرعات والسيارات التي تحمل فوقها مدافع من عيار 14.5 ملليمتر و23 ملليمتراً. وقلت وقتها إنه ما من قوة تقدر على إخراجهم من المدينة. وقد يمكثون فيها عشرات السنين. أثناء ذلك.. وفي الضواحي الخلفية، كانت سيارات العائلات تتسلل لتغادر إلى أي مكان آمن، سواء داخل ليبيا أو خارجها. لكن حتى الهروب كان صعباً ومحفوفاً بالمخاطر».
ويذكر جبريل عبد الله، الذي كان يعمل في قطاع الأمن بالمدينة، أنه سهَّل مهمة مغادرة عشرات العائلات، بينما كان يرى «الأنصار» أو «الدواعش» وهم ينتقون المنازل الكبيرة والمحصنة لكي يحولوها إلى مراكز لهم، ثم يقيمون الحواجز بحثاً عن رجال الأمن والجيش لقتلهم، كما فعلوا مع إحسونة ابن الجبالي.
إعدامات
ويتذكر عبد الله تلك الأيام حيث كانت رائحة الموت تغطي الطرقات: «في كل زاوية وعلى كل شارع كانت تقف سيارة تابعة للمتطرفين، مجهزة بأجهزة حواسب محمولة عليها ملفات تحوي أسماء كل من التحق في أي يوم من الأيام بالجيش أو بالشرطة. وإذا تصادف مرور أي شاب أو عائلة معها رجل، تقوم بوابة الدواعش بتوقيفها والكشف على أسماء الركاب على الحاسوب. إذا ظهر أن اسم أي راكب مسجل في ملفات الجيش أو الشرطة، يتم إطلاق النار على رأسه في الشارع ولو كانت معه أسرته».
ويقول مصدر أمني يشارك في التحقيق في مخلفات غرف «الدواعش» إن قاعدة البيانات المجمعة عن رجال الجيش والأمن، التي كانت لدى التنظيمات المتطرفة، حصلت عليها تلك التنظيمات من قادة لها في طرابلس.. «هذه المنظومة المتكاملة لم تكن توجد إلا في العاصمة... من المسؤول عن وصولها إلى متطرفي بنغازي؟ أياً كان فنحن نرى أنه شريك في أعمال التفخيخ والقتل التي طالت رجال الجيش».
وتقول مصادر أمنية إن المتطرفين قتلوا أكثر من خمسمائة من المنتمين للقوات المسلحة والشرطة في بنغازي وحدها، خلال عام 2014 فقط... وحين أطلق المشير حفتر «عملية الكرامة» لمحاربة المتطرفين وإنقاذ المدينة، استشاط قادة هذه التنظيمات غضباً. ويقول ضابط من قادة الحرب في المحور الذي يقع فيه منزل الجبالي إن أمراء حرب من مصراتة وطرابلس دخلوا في ذلك الوقت على الخط لدعم هؤلاء المسلحين في بنغازي، حيث مكنهم المدد والدعم بالأسلحة والأموال والمعلومات الاستخباراتية من اجتياح ما تبقى من معسكرات الجيش ومقار الشرطة. وكان أبرزها معسكر الصاعقة الذي كان يعد آخر مركز لوجود الدولة في بنغازي، وهو المعسكر نفسه الذي كان ابن الجبالي أحد جنوده.
وأقام قادة «الدواعش» في منزل الجبالي نحو عامين وحولوه إلى مقر نموذجي للتخطيط والتوجيه، لأنه يتوسط معسكرات ومرافق عدة جرت السيطرة عليها بالفعل من قبل خليط المتطرفين... كان زعماء كبار من هذه التنظيمات، من أمثال محمد الزهاوي (قتل في معركة مطار بنينا) ووسام بن حميد (يعتقد أنه فرَّ خارج ليبيا)، وزياد بلعم (انتقل بقواته للمنطقة الغربية)، وفقاً للمصادر الأمنية، يترددون على المقر الذي كان يغص بأجهزة الكومبيوتر والملفات والأوراق التي تخص «أمراء الحرب».
ولفناء البيت بوابة حديدية كبيرة لدخول السيارات وأخرى صغيرة لدخول الأفراد. أما باب المنزل فيشبه أبواب الفيلات. وله واجهة إسمنتية عريضة. وتدل الآثار على أن المتطرفين استخدموا السطح للإشراف على باقي معسكراتهم المحيطة، وللتمركز من فوقه بالصواريخ والمدافع المضادة للطائرات، ومنع أي محاولة للجيش من الاقتراب. وتوجد بقايا لمناظير مراقبة من تلك التي يصل مداها إلى أكثر من ثلاثة كيلومترات.
ويقول الجبالي: «حين زاد عدد المعسكرات التي سيطر عليها الدواعش من حولي، وبعد قيامهم بقتل ابني، تركت بيتي.. صدرت تعليمات من الجيش لسكان المناطق التي فيها معسكرات للدواعش بإخلائها... لقد كانوا يحيطون بمسكني من كل جانب». ويشير بذراعه إلى جهة اليمين: «من هنا مقر كتيبة راف الله السحاتي». ثم يشير إلى اليسار: «ومن هناك كتيبة أخرى اسمها الكتيبة 210. وفي الخلف ثلاث كتائب.. كانوا موجودين في كل مكان».
وكان أحد أقارب الجبالي يتردد على بيته لتفقده بين وقت وآخر، إلى أن فوجئ في يوم من الأيام بقدوم «الدواعش» لاحتلال المنزل. وقالوا إنهم من تنظيم «أنصار الشريعة». وقالوا أيضاً إنهم يعرفون من هو صاحب البيت. وقبل خروجهم من المقر، وأمام تقدم الجيش الوطني، قام «الدواعش» بحرق المنزل بما فيه بعد أن أخذوا منه ما أمكن من أجهزة وأوراق مهمة. وحتى الآن ما زال يمكن أن تعثر على بقايا أوراق يبدو فيها رصد للعاملين في جهاز الأمن. وأثناء إقامتهم في المنزل فتح المتطرفون ممرات، مثل الأبواب، للتنقل بين سور البيت والمعسكرات التي استولوا عليها في الجوار.
وتمكن الرجل من إعادة طلاء معظم جدران البيت، وأعاد ري وتنسيق زهور حديقة منزله بعد أن رجع إليه أخيراً، لكنه ترك الحجرة التي تقع على يمين الباب، بما فيها من آثار الخراب والحريق الذي خلفه الدواعش، كما هي، للذكرى.

- غداً في الحلقة الثانية:
آخر مربع سكني يتحصن فيه مسلحو بنغازي
قصة «سيدي خريبيش»



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.