الإقلاع عن التدخين ملاذ المصريين بعد زيادة أسعار السجائر

12.6 مليون مدخن في مصر بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء                    (أ.ب)
12.6 مليون مدخن في مصر بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (أ.ب)
TT

الإقلاع عن التدخين ملاذ المصريين بعد زيادة أسعار السجائر

12.6 مليون مدخن في مصر بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء                    (أ.ب)
12.6 مليون مدخن في مصر بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (أ.ب)

تباينت ردود الأفعال عقب قرار الحكومة المصرية بزيادة أسعار السجائر بنسبة 25 في المائة؛ ما يوفر نحو 453 مليون دولار أميركي سيتم توجيهها للخدمات الاجتماعية والصحة والتعليم.
وكعادة كل مرة ترتفع فيها أسعار السجائر تتجدد الدعوات للمدخنين بالإقلاع، على الأقل خوفاً على حالتهم الصحية قبل التكلفة المالية، في وقت يمثل فيه التدخين أحد الأسباب الرئيسية لمرض سرطان الرئة، وهو نوع السرطان الأكثر شيوعاً في مصر.
وأثارت زيادة أسعار السجائر حالة من الجدل بين المصريين، لتتصدر اهتمامات المصريين وأحاديثهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفكّر البعض جدياً في الإقلاع عن التدخين لتوفير ما يتم إنفاقه على السجائر عليه، وبخاصة في ظل ارتفاع كبير في مختلف الأسعار، وخصوصاً المواد الغذائية منذ تحرير سعر الصرف قبل أكثر من عام، في إطار برنامج للإصلاح الاقتصادي بدأته الحكومة المصرية في 2014.
ويقول محمد علي (30 عاماً) ويعمل محاسباً إنه قرر الإقلاع عن التدخين بعد هذه الزيادة، مشيراً إلى أنه كان قد أقلع قبل ثلاث سنوات؛ ما ساعده على توفير المبلغ اللازم للحصول على شقة تزوج فيها قبل شهور، مضيفاً «سأسعى للإقلاع مجدداً ونهائياً لتسديد ديوني، خصوصاً أن السجائر تلتهم نحو ربع راتبي».
ولفت محمد إلى أن عدداً من أصدقائه يحذون حذوه في الإقلاع عن التدخين، وآخرون يعتزمون اتخاذ خطوة مماثلة.
أما هشام رضا، محام، فيقول: «منذ ميلاد طفلتي وأنا أفكر في الإقلاع لأوفر لها بيئة نقية في المنزل، ومع الزيادات المستمرة أعتقد أني سآخذ القرار قريباً».
أما السيدة فاطمة السيد (61 عاماً)، ربة منزل، فهي سعيدة بهذا الارتفاع حتى يقلع زوجها وأبناؤها الشباب عن التدخين إلى الأبد، بعد أن فشلت كل محاولات الإقناع السابقة، قائلة: «الغلا قاسي وهينسوها».
نهج آخر قرر محمد دسوقي اتباعه بعد زيادة أسعار السجائر، حيث قرر الإقلاع ليس عن التدخين، وإنما عن تقديم السجائر للآخرين كما جرت العادة في مصر، وأكد «أشتري علبتين يومياً قيمتهما 30 جنيهاً، أي 900 جنيهاً شهرياً، وبالأسعار الجديدة سيرتفع إلى 1140 جنيهاً شهرياً تقريباً، وبالتالي سأوفر نحو ثلث المبلغ الذي أنفقه الآن على السجائر».
في المقابل، سادت حالة من الغضب بين الكثير من المدخنين، الذين أعربوا عن امتعاضهم من الزيادة المتكررة في أسعار السجائر خلال السنوات الأخيرة.
يذكر أن هناك 12.6 مليون مدخن فوق 15 عاماً، بحسب تقديرات السكان التي أجراها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في 2016.
وأكد البعض على تمسكهم بالتدخين رغم زيادة سعر السجائر، معللين ذلك بأن التدخين عادة لا يمكن إيقافها برأيهم، في حين أخذ البعض يتذكر أسعار السجائر قبل سنوات قليلة مقارنة بما هي عليه اليوم.
وأعرب مجدي حسن (53 عاماً)، سائق تاكسي، عن امتعاضه على الزيادة، معللاً أنها «الشيء الوحيد اللى بنفك عن نفسنا بيها من غلب الدنيا».
من جانبه، يتساءل محمد محسن «لماذا لا تطبق الزيادة على الأنواع المستوردة فقط من التبغ وتترك الحكومة الأنواع المحلية التي يستهلكها نسبة كبيرة من العمال والبنائيين مثلاً، وتمثل تلك الزيادة عبئاً على حياتهم اليومية؟».
وكان بيان لوزارة المالية المصرية أفاد بأن مجلس النواب قد وافق أول من أمس (الثلاثاء) على زيادة الضرائب المفروضة على التبغ بنسبة 25 في المائة في مسعى لزيادة إيرادات الخزانة العامة.
وجاء في البيان أن الزيادة جاءت بناءً على «مقترح الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر سنة 2016».
كما أن ذلك يأتي «في إطار تنفيذ الإجراءات الإصلاحية التي صاحبت عرض قانون موازنة 2017-2018»، التي بدأت في الأول من يوليو (تموز).
ويتضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي أيضاً خفض دعم المحروقات وفرض ضريبة للقيمة المضافة.
ووفقاً للقرار، ستشهد أسعار عبوات السجائر في مصر زيادة تراوح بين 3.5 جنيه (0.20 دولار) و6.5 جنيه على مختلف الأنواع.
وتقول وزارة المالية المصرية: إنه من المتوقع أن يصل الأثر المالي السنوي لزيادة الضرائب على التبغ نحو 8 مليارات جنيه (453 مليون دولار)، والتي سيتم إنفاقها في برامج الحماية الاجتماعية والصحة والتعليم.
من جانبه، قال وزير المالية المصري عمرو الجارحي: «إن الإجراء يتوافق مع أفضل المعايير الدولية الخاصة بالضرائب على التبغ والسجائر، كما أنه يستجيب لتوصيات منظمة الصحة العالمية التي تؤكد على فاعلية زيادة الضريبة القطعية وتأثيرها الإيجابي على نسب استهلاك منتجات التبغ».
وتسارعت وتيرة الزيادة في أسعار السجائر خلال السنوات الأربع الأخيرة، ففي يوليو 2014، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قانوناً بفرض ضريبة 50 في المائة من سعر البيع للمستهلك، إضافة إلى 175 قرشاً لكل علبة سجائر والتي لا يزيد سعر بيعها على 9 جنيهات، و225 قرشاً للعبوة التي يكون سعر بيع المستهلك النهائي بين 9 جنيهات و15 جنيهاً، و275 قرشاً للعبوة التي يكون سعر بيع المستهلك النهائي أكثر من 15 جنيهاً، وهي الزيادة الأولى منذ يونيو (حزيران) 2011، حينما قررت الشركة الشرقية للدخان الحكومية زيادة أسعار السجائر المحلية بجميع أنواعها تنفيذا للقانون 49 لسنة 2011 وقانون الضريبة على المبيعات.
وفي فبراير (شباط) 2015، أصدر الرئيس السيسي، قراراً بقانون رقم 12 لسنة 2015، بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991، يقضي بزيادة قيمة الضريبة المفروضة على السجائر.
وعلى مدار العامين الماضيين، رفعت شركات السجائر الأجنبية والمصرية أسعارها أكثر من مرة.



عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
TT

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

في حالة استثنائية تجسد عمق الالتزام والإرث الدبلوماسي، حملت أسرة بن زقر التجارية العريقة في مدينة جدة (غرب السعودية) شرف التمثيل القنصلي الفخري لجمهورية فنلندا عبر 3 أجيال متعاقبة، في مسيرة دبلوماسية وتجارية متواصلة امتدت لأكثر من 7 عقود.

بدأت القصة كما يرويها الحفيد سعيد بن زقر، في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما علم الجد سعيد بن زقر، بوجود جالية مسلمة في فنلندا تعاني من غياب مسجد يجمعهم، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالسفر إلى هناك لبناء مسجد يخدم احتياجاتهم الدينية.

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

لكن الشيخ سعيد واجه بعض التحديات كما يقول الحفيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تتمثل في منع القانون الفنلندي تنفيذ المشروع في ذلك الوقت، وأضاف: «بعد تعثر بناء المسجد، تقدمت الجالية المسلمة هناك بطلب رسمي إلى الحكومة الفنلندية لتعيين الجد سعيد قنصلاً فخرياً يمثلهم، وهو ما تحقق لاحقاً بعد موافقة الحكومة السعودية على ذلك».

وفي وثيقة مؤرخة في السابع من شهر سبتمبر (أيلول) 1950، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تظهر موافقة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، على تعيين الشيخ سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة.

وجاء في الوثيقة: «فلما كان حضرة صاحب الفخامة رئيس جمهورية فنلندا، قد عيّن بتفويض منه السيد سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة، ولما كنا قد وافقنا على تعيينه بموجب ذلك التفويض، فأننا نبلغكم بإرادتنا هذه أن تتلقوا السيد سعيد بن زقر بالقبول والكرامة وتمكنوه من القيام بأعماله وتخوّلوه الحقوق المعتادة وتمنحوه المميزات المتعلقة بوظيفته».

وثيقة تعيين الجد سعيد بن زقر صادرة في عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه (الشرق الأوسط)

وأضاف الحفيد سعيد، القنصل الفخري الحالي لفنلندا: «أعتقد أن جدي كان من أوائل القناصل الفخريين في جدة، حيث استمر في أداء مهامه حتى عام 1984، لينتقل المنصب بعد ذلك إلى والدي، الذي شغله حتى عام 2014، قبل أن يتم تعييني خلفاً له قنصلاً فخرياً».

وفي إجابته عن سؤال حول آلية تعيين القنصل الفخري، وما إذا كانت العملية تُعد إرثاً عائلياً، أوضح بن زقر قائلاً: «عملية التعيين تخضع لإجراءات دقيقة ومتعددة، وغالباً ما تكون معقدة، يبدأ الأمر بمقابلة سفير الدولة المعنية، يعقبها زيارة للدولة نفسها وإجراء عدد من المقابلات، قبل أن تقرر وزارة الخارجية في ذلك البلد منح الموافقة النهائية».

الأب محمد بن زقر عُين قنصلاً فخرياً على مستوى مناطق المملكة باستثناء الرياض مقر السفارة (الشرق الأوسط)

وتابع قائلاً: «منصب القنصل الفخري هو تكليف قبل أن يكون تشريفاً، حيث تلجأ بعض الدول إلى تعيين قناصل فخريين بدلاً من افتتاح قنصلية رسمية، لتجنب الأعباء المالية، وعادةً ما يتحمل القنصل الفخري كل التكاليف المترتبة على أداء مهامه».

ووفقاً للأعراف الدبلوماسية فإن لقب القنصل الفخري، هو شخص من مواطني الدولة الموفد إليها، بحيث تكلفه الدولة الموفِدة التي لا توجد لديها تمثيل دبلوماسي بوظائف قنصلية إضافة إلى عمله الاعتيادي الذي عادة ما يكون متصلاً بالتجارة والاقتصاد.

يسعى الحفيد سعيد بن زقر إلى مواصلة إرث عائلته العريق في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين السعودية وفنلندا، والارتقاء بها إلى مستويات متقدمة في شتى المجالات. يقول بن زقر: «منذ تعييني في عام 2014، حرصت على تأسيس شركات وإيجاد فرص استثمارية في فنلندا، خصوصاً في مجالات تكنولوجيا الغذاء والوصفات الصناعية، إذ تتميز فنلندا بعقول هندسية من الطراز الأول، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة للتعاون والابتكار».

الحفيد سعيد بن زقر القنصل الفخري الحالي لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

ويرى القنصل الفخري لجمهورية فنلندا أن هناك انفتاحاً سعودياً ملحوظاً على دول شمال أوروبا، ومن بينها فنلندا، وأوضح قائلاً: «تتركز الجهود بشكل كبير على شركات التعدين الفنلندية التي تُعد من بين الأكثر تقدماً في العالم، إلى جانب وجود فرص واعدة لم تُستغل بعدُ في مجالات صناعة السيارات، والطائرات، والصناعات الدفاعية».

وفي ختام حديثه، أشار سعيد بن زقر إلى أن القنصل الفخري لا يتمتع بجواز دبلوماسي أو حصانة دبلوماسية، وإنما تُمنح له بطاقة تحمل مسمى «قنصل فخري» صادرة عن وزارة الخارجية، وبيّن أن هذه البطاقة تهدف إلى تسهيل أداء مهامه بما يتوافق مع لوائح وزارة الخارجية والأنظمة المعتمدة للقناصل الفخريين بشكل رسمي.