المحكمة العليا في كينيا تصادق على انتخاب كينياتا

المعارضة تعتبر الحكومة «غير شرعية» وزعيمها يصف العملية الديمقراطية بـ«الخدعة»

رجلا شرطة على أهبة الاستعداد في نيروبي بعد إعلان انتخاب الرئيس كينياتا (رويترز)
رجلا شرطة على أهبة الاستعداد في نيروبي بعد إعلان انتخاب الرئيس كينياتا (رويترز)
TT

المحكمة العليا في كينيا تصادق على انتخاب كينياتا

رجلا شرطة على أهبة الاستعداد في نيروبي بعد إعلان انتخاب الرئيس كينياتا (رويترز)
رجلا شرطة على أهبة الاستعداد في نيروبي بعد إعلان انتخاب الرئيس كينياتا (رويترز)

أعلنت المعارضة الكينية أمس الاثنين أن حكومة الرئيس أوهورو كينياتا «غير شرعية»، رافضة بذلك إعلان المحكمة العليا التي صادق قضاتها بالإجماع على نتائج الانتخابات الرئاسية المعادة. وقال ائتلاف «التحالف الوطني العظيم» بزعامة رايلا أودينغا في بيان: «نعتبر الحكومة غير شرعية ولا نعترف بها». ويمهد قرار المحكمة اليوم الطريق أمام أداء كينياتا اليمين يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) لكن من المستبعد أن ينهي أسوأ أزمة سياسية تتعرض لها كينيا منذ عشر سنوات.
وكانت قد صادقت المحكمة العليا قبل فترة وجيزة على نتائج إعادة الانتخابات، والتي فاز بها الرئيس كينياتا، رافضة بذلك الطعون المطالبة بإلغاء الانتخابات. وقال كبير القضاة ديفيد ماراغا خلال تلاوة الحكم الذي تمت إذاعته مباشرة على التلفزيون الوطني، كما نقلت عنه وكالة رويترز: «الطعون ليست جدية.... ومن ثم فإنه تمت المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية».
وعمت الاحتفالات المعاقل المؤيدة لكينياتا لكن التوتر يبقى شديدا، لا سيما في معاقل زعيم المعارضة رايلا أودينغا التي شهدت مظاهرات عنيفة في الأشهر الأربعة الأخيرة.
وقال جاكسون مانداغو حاكم منطقة يواسين غيشو جاكسون، لوكالة الصحافة الفرنسية «في المرة السباقة كانوا يضحكون، اليوم جاء دورنا. نحن سعداء لأنه لن تكون هناك انتخابات حتى 2022».
وكانت أعلى سلطة قضائية في كينيا اتخذت قرارا تاريخيا بإلغاء نتائج الانتخابات السابقة التي جرت في الثامن من أغسطس (آب) وفاز فيها كينياتا أيضا.
وقد نظرت في طعنين لتحديد ما إذا كان الانتخابات الجديدة التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) مطابقة للدستور الذي أقر في 2010.
أعيدت الانتخابات في 26 أكتوبر الماضي، لكن المعارضة قالت إنها افتقرت إلى الشفافية ولم تكن محايدة. ووصف زعيمها أودينغا العملية الديمقراطية بـ«الخدعة». وكان الإقبال على التصويت ضعيفا ووقعت معارك بين الشرطة والمحتجين.
وكان ماراغا أعلن في سبتمبر (أيلول) إلغاء إعادة انتخاب الرئيس أوهورو كينياتا في أغسطس بسبب حصول «مخالفات وتجاوزات»، في قرار تاريخي لقي ترحيبا دوليا واعتبر فرصة لترسيخ الديمقراطية في كينيا. إلا أن هذا الحكم الذي شكل أحد الانتصارات القليلة لزعيم المعارضة أودينغا لم يؤد إلا إلى تعميق الأزمة، فيما أدت المظاهرات إلى مقتل 52 شخصا، منذ إجراء الانتخابات الأولى، غالبيتهم على أيدي الشرطة.
وقرر القضاة الستة بالإجماع رفض الطعون. وقال رئيسهم القاضي ديفيد ماراغا إن المحكمة رفضت طعنين على الاقتراع. وأضاف: «وبناء على ذلك... جرى تأييد (نتيجة) انتخابات الرئاسة التي أجريت يوم 26 أكتوبر». وكان مقدمو الطعنين قد دفعوا بوجوب إلغاء النتيجة لأن الاقتراع لم يجر في كل الدوائر الانتخابية البالغ عددها 291 دائرة. وتخلل اليوم الانتخابي أعمال شغب في معاقل المعارضة، حيث لم تفتح مراكز الاقتراع في 25 دائرة.
واندلعت أعمال العنف يوم أول من أمس الأحد، وقالت الشرطة إن أربعة أشخاص على الأقل قتلوا في حي فقير في نيروبي يعد من معاقل زعيم المعارضة أودينغا. وعُثر على الجثث العائدة لثلاثة رجال وامرأة في حي ماثاري العشوائي، إحدى المناطق التي شهدت أعمال عنف خلال الانتخابات الرئاسية.
وقال قائد شرطة نيروبي جابهيث كومي خلال مؤتمر صحافي إن الجثث الأربع مصابة بضربات بواسطة أدوات حادة فيما ظهرت جروح على جثة ناجمة عن سلاح أبيض.
واتهم أودينغا الحكومة بأنها وراء قتلهم الذي أعقب مقتل خمسة أشخاص على الأقل يوم الجمعة أثناء محاولة الشرطة تفريق أنصار المعارضة.
وأدت المقاطعة إلى فوز كينياتا بـ98,2 في المائة وبلغت نسبة المشاركة فيها 39 في المائة. ولم يتقدم أودينغا وحزبه ائتلاف «التحالف الوطني العظيم» (ناسا) بطعن في نتائج الانتخابات الثانية، على عكس ما فعله سياسي سابق وناشطان حقوقيان. وأشار الطعنان إلى مخالفات إجرائية، وبيئة ديمقراطية مسمومة. وفي جلسة لم تتعد بضع دقائق ردت المحكمة العليا في كينيا الاثنين الطعنين.
وفي بيان له، قال أودينغا إن الحكم «لم يشكل مفاجأة»، ولم يغير موقفه المعارض من حكومة يعتبرها غير شرعية. وأضاف أودينغا، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية «أنه قرار اتخذ بالإكراه. نحن لا ندين المحكمة، نحن نتعاطف معها».
وبدأ متظاهرون بالتجمع في مدينة كيسومو، وهي أحد معاقل أودينغا، حيث أحرقوا سيارة بحسب ما أفاد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية. وقالت ميرسيلاين اكينيي إن قرار «ماراغا جاء مخالفا لما نريد. كان بإمكانهم (قضاة المحكمة العليا) إلغاؤها لأنها لم تكن انتخابات. لم تجر سوى في أجزاء من البلاد». وأضافت اكينيي «سننتظر بابا (أودينغا) ليقول لنا كيف نمضي قدما».



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.