السودان يتعهد لأميركا بقطع علاقته مع كوريا الشمالية

سوليفان طالب الخرطوم بوقف شامل لإطلاق النار وكفالة الحريات الدينية

نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان في محاضرة بجامعة العلوم الإسلامية بمدينة أم درمان أمس (أ.ف.ب)
نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان في محاضرة بجامعة العلوم الإسلامية بمدينة أم درمان أمس (أ.ف.ب)
TT

السودان يتعهد لأميركا بقطع علاقته مع كوريا الشمالية

نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان في محاضرة بجامعة العلوم الإسلامية بمدينة أم درمان أمس (أ.ف.ب)
نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان في محاضرة بجامعة العلوم الإسلامية بمدينة أم درمان أمس (أ.ف.ب)

أعلنت الإدارة الأميركية حصولها على تعهدات سودانية بقطع الخرطوم علاقاتها مع كوريا الشمالية، وطالبتها بوقف إطلاق نار شامل، ووقف الهجمات على مناطق العمليات، وكفالة الحريات الدينية وحقوق الإنسان.
وقال نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان في محاضرة بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية بمدينة أم درمان أمس، إن السودان أكد التزامه بقطع علاقاته مع كوريا الشمالية، موضحا أن حكومة بلاده ترحب بالقرار السوداني.
ووصل جون سوليفان أول من أمس إلى العاصمة السودانية الخرطوم في زيارة رسمية تستغرق يومين، ناقش خلالها مع المسؤولين السودانيين قضايا الإرهاب وحقوق الإنسان والحريات الدينية.
وفي واشنطن ذكرت الناطقة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت في تصريحات أمس أن السودان وعد باتخاذ خطوات تجاه كوريا الشمالية بسبب التهديد الخطير لبرنامجها النووي، وقالت إن حكومة بلادها ممتنة لموقف حكومة السودان الحازم باتخاذ خطوات مهمة حيال التهديد الخطير لكوريا الشمالية، معتبرة فرض العزلة على نظام بيونغ يانغ عنصراً رئيسياً لاستدامة السلام والاستقرار في أنحاء العالم.
وأفاد سوليفان في تصريحات صحافية أعقبت لقاءه رئيس مجلس الوزراء السوداني بكري حسن صالح أول من أمس أن بلاده تتوقع من حكومة السودان قطع علاقتها مع كوريا الشمالية.
وسارع وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور للقطع بأن حكومته ملتزمة بما خرج عن مجلس الأمن الدولي من قرارات، وقال بهذا الخصوص «نحن ملتزمون بعدم وجود أي علاقات تجارية أو عسكرية مع كوريا الشمالية، ونتطلع لأن تكون شبه الجزيرة الكورية خالية من الأسلحة النووية».
وفي سياق آخر، طلبت واشنطن من الخرطوم وقف الهجمات على مناطق النزاعات، وإعلان وقف إطلاق نار شامل ونهائي لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد.
ودعا سوليفان في محاضرته أمس حكومة السودان إلى وقف الهجمات في مناطق النزاعات بإقليم دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق، وقال إن حكومته تطالب باستمرار الحوار بين الحكومة السودانية والحركات المعارضة المسلحة، والدخول في عملية سياسية شاملة، قاطعاً بعدم «وجود طريق آخر لتحقيق السلام غير الحوار».
كما دعا المعارضة المسلحة بجنوب كردفان والنيل الأزرق إلى قبول المقترح الأميركي، وفتح الممرات لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين من الحرب، مشددا على أن «السلام والاستقرار سيعيدان البلاد إلى الطريق الصحيح، ونحن مع سودان آمن ومزدهر».
واقترحت واشنطن في وقت سابق أن تنقل وكالة المعونة الأميركية والمنظمات الطوعية المساعدات الإنسانية والمستلزمات الطبية إلى مطار سوداني داخلي، بما يتيح للسلطات التأكد من محتوى الشحنة، لتنقل بعدها إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحركة بجنوب كردفان والنيل الأزرق، وهو ما وافقت عليه الخرطوم ورفضته الحركة الشعبية – شمال.
لكن الحركة الشعبية رفضت المقترح الأميركي، وقدمت مقترحاً بديلاً بنقل 20 في المائة من المساعدات الإنسانية عبر مدينة أصوصا الإثيوبية، وهو ما رفضته الخرطوم.
من جهة أخرى، واصل سوليفان زياراته ولقاءاته لليوم الثاني على التوالي، حيث زار أمس «مسجد النيلين»، الذي يعد أحد أشهر مساجد العاصمة الوطنية السودانية أم درمان. ودخل سوليفان رفقة القائم بأعمال السفارة الأميركية ستيفن كوتسس، وبعض طاقمه المسجد، وتلقى شرحاً للأنشطة داخله وتدريس العلوم الإسلامية، وذلك في أول زيارة من نوعها لدار عبادة سودانية يقوم بها مسؤول أميركي رفيع.
ودعا سوليفان الأئمة والدعاة الذين اجتمع بهم داخل المسجد إلى تعزيز الحريات الدينية، وإشاعة التعايش الديني في البلاد بقوله «نحن ملتزمون بالتعاون مع السودان لتعزيز التسامح الديني، وحرية الأديان، وكفالة حقوق الإنسان»، مشددا على أهمية احترام الحريات الدينية واحترام حقوق الإنسان باعتبارها مهمة في الحوار مع الخرطوم لـ«منع الإرهاب والتطرف».
واقترح سوليفان عقد مؤتمر مائدة مستديرة، تنظمه الحكومة مع رجال الدين والأئمة والدعاة، يتعلق بكفالة الحريات الدينية والتنوع واحترام حقوق الإنسان. كما أبدى المسؤول الأميركي انزعاج حكومته مما سماه «هدم الكنائس واعتقال القساوسة»، وقال: «لن تتجاهل حقوق الإنسان، وتتطلع إلى التسامح لمحاربة التطرف».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.