متحف جين أوستن... أمسية لطيفة في بيت كاتبة رائدة

منزل جين أوستن... وصورتها على عملة بريطانيا
منزل جين أوستن... وصورتها على عملة بريطانيا
TT

متحف جين أوستن... أمسية لطيفة في بيت كاتبة رائدة

منزل جين أوستن... وصورتها على عملة بريطانيا
منزل جين أوستن... وصورتها على عملة بريطانيا

صدرت عام 2017 ورقة بنكنوت جديدة داخل المملكة المتحدة فئة 10 جنيهات إسترليني تحمل صورة جين أوستن - فمن تكون وما سر أهميتها البالغة التي جعلت صورتها تنال مثل هذا التكريم؟
ولدت جين أوستن في 16 ديسمبر (كانون الأول) 1776 وأصبحت واحدة من رائدات الكاتبات على مستوى المملكة المتحدة. وتدور أحداث الروايات التي أبدعتها في صفوف أبناء الطبقتين الوسطى والعليا وتميزت بأسلوبها الظريف ودقة الملاحظات الاجتماعية وعمقها في رسم صورة حياة المرأة في مطلع القرن الـ19. ولا تزال تجري طباعة رواياتها حتى اليوم، وجرى تحويل بعضها لأعمال سينمائية. وجاء صدور ورقة البنكنوت الجديدة التي تحمل صورة جين احتفاءً بالذكرى الـ200 لوفاتها عام 1817 عن عمر يناهز 41 عاماً.
على مسافة ما يقرب من 60 ميلاً جنوب غربي وسط لندن، تقع قرية تشوتون، القريبة من مدينة ألتون. وتضم القرية متحف جين أوستن المقام داخل المنزل الذي قضت به السنوات الثماني الأخيرة من عمرها.
ولدت جين في قرية ستيفنتون في هامشير. وكانت واحدة من بين ثماني إخوة، بينهم شقيقة واحدة لها، كاسندرا، وستة أشقاء ذكور. وقد عمل اثنان من أشقائها في الأسطول وحصلا على رتبة أدميرال. وجاءت جين من عائلة شديدة الترابط تشجع تعليم الفتيات. وأبدت جين منذ سن مبكرة عشقها للكتابة، ودعمها في ذلك والداها. ومن بين القضايا التي تناولتها باستمرار حاجة الشابات «لضمان الحصول على زيجة جيدة» توفر لهن الأمان والاستقرار الماليين - وصعوبة ضمان وجود علاقة قائمة على الحب كأساس للزواج.
عام 1801، تقاعد والدها وانتقلت أسرتها إلى مدينة باث. وفي أعقاب وفاة والدها عام 1805، تنقلت جين ووالدتها وشقيقتها كاسندرا بين منازل عدة. وبعد فترة، ورث شقيقها مالا وفيرا من عائلة أخرى، وعام 1809 وفر منزلاً أنيقاً في تشوتون لوالدته وشقيقتيه ليعيشوا فيه إلى الأبد. ورغم كتابتها عن الحب والرومانسية، لم تتزوج جين وشقيقتها قط، رغم أنه من المعروف أن جين تلقت عروضاً كثيرة للزواج. أما شقيقتها، فكانت مخطوبة، لكن مات خطيبها قبل إتمام الزواج.
بالنسبة لجين، فقد ساعدها شقيقها هنري على التفاوض مع أحد الناشرين ونجحت بالفعل في نشر روايتها الأولى «عقل وعاطفة»، عام 1811. ولاقت روايتها التالية، «كبرياء وتحامل»، والتي كانت جين تطلق عليها «طفلتي المحبوبة»، ردود فعل إيجابية للغاية من النقاد. عام 1814، نشرت رواية «مانسفيلد بارك»، ثم «إيما» عام 1816. وجرى نشر جميع روايات جين أوستن دون ذكر اسمها عليها، وذلك لأنه في ذلك الوقت ساد اعتقاد في المجتمع بأنه من غير اللائق أن تتكسب امرأة قوتها عبر امتهان الكتابة. أيضاً، ربما رغبت جين في تجنيب نفسها وأسرتها سهام النقد المباشر حال إخفاق الرواية.
عام 1816، بدأت جين تعاني اعتلال صحتها. وانتقلت إلى ونشستر لتلقي العلاج، لكنها توفيت هناك في 18 يوليو (تموز) 1817. وبعد وفاتها، صدرت لها روايتان أخريان، «الإقناع» و«دير نورثانغر» وتركت رواية أخيرة غير مكتملة.
في القرن الـ20، تأسست جمعية خيرية بهدف الحفاظ على تراث جين أوستن، وتمكنت من شراء المنزل عام 1949 وتحويله إلى متحف. اليوم، يفتح المنزل أبوابه يوميًا للزائرين من مارس (آذار) حتى ديسمبر .
وتعتبر زيارة المنزل فكرة جيدة لقضاء أمسية لطيفة. ويقف المنزل في قلب قرية تشوتون الهادئة الصغيرة، وهو جدير باستكشافه والتحول عبر أرجائه للتعرف على بعض القطع المرتبطة مباشرة بجين وأسرتها. وتتمثل أهم هذه القطع في المنضدة التي كانت تكتب عليها وشهدت مولد أعمالها الأدبية الرائعة. جدير بالذكر أنه بعد وفاة جين، تخلت والدتها عن المنضدة، لكنها لحسن الحظ موجودة الآن داخل المتحف. كما أن المنزل ذاته مثير للاهتمام، ذلك أن تاريخ بنائه يعود إلى القرن الـ17 ومزود بإطار خشبي وواجهة مصنوعة من الآجر. ويوجد في بعض النوافذ مصاريع خشبية تنزلق نحو الداخل بحيث يمكن استخدامها بديلاً عن الستائر. كما عثر مسؤولو الجمعية الخيرية التي تتولى إدارة المتحف بقايا من ورق حائط كان يغطي الجدران خلال الفترة التي عاشتها جين بالمنزل. وبالفعل، نجحت في وضع ورق جديد على الجدران يحاكي شكل الورق القديم.
وللاطلاع على مزيد من المعلومات التفصيلية عن متحف جين أوستن، يمكنكم زيارة الموقع التالي:
www.jane - austens - house - museum.org.uk ويقع المنزل قرب الطريق الرئيسي «إيه 31» وعلى بعد ميلين فقط من محطة قطارات مدينة ألتون المجاورة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».