اقتتال «الزنكي» و«الهيئة» شمال سوريا يخلط الأوراق بين الفصائل

انفجار سيارة في ريف إدلب أمس (أريحا اليوم)
انفجار سيارة في ريف إدلب أمس (أريحا اليوم)
TT

اقتتال «الزنكي» و«الهيئة» شمال سوريا يخلط الأوراق بين الفصائل

انفجار سيارة في ريف إدلب أمس (أريحا اليوم)
انفجار سيارة في ريف إدلب أمس (أريحا اليوم)

لليوم الخامس على التوالي، تواصلت الاشتباكات بين «هيئة تحرير الشام» التي تضم «جبهة النصرة» من جهة و«حركة نور الدين الزنكي» من جهة ثانية، بالأسلحة الثقيلة في ريف حلب الغربي، ما أسفر عن مقتل عشرات من كلا الطرفين، إضافة إلى مقتل مدني وإصابة آخرين بجروح.
وأكد محمد أديب عضو المكتب الإعلامي في «حركة نور الدين الزنكي» لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «الصراع مع الهيئة مستمر حتى إنهاء الأخيرة»، مشيراً إلى أن «صراع الهيئة مع الزنكي يختلف تماماً عن صراعاتها مع باقي الفصائل، كونها تقاتل اليوم أبناء البلد أنفسهم في الريف الغربي، وكون عناصر الزنكي هم من أبناء القرى التي تبغي عليها الهيئة».
من جهته، قال مصدر من قطاع ريف حلب الغربي في «هيئة تحرير الشام» لـ«الشرق الأوسط» إن «الحرب مع الزنكي مستمرة، والأمور تتجه نحو التصعيد ضد الحركة». كما اتهم «حركة نور الدين الزنكي ببدء العدوان على معاقل الهيئة من خلال قصفها لمدينة دارة عزة في الريف الغربي من حلب بالمدفعية الثقيلة».
وتبادل طرفا النزاع الاتهامات بشأن البدء بـ«العدوان على الآخر»، حيث عزا القيادي في «الهيئة» الخلاف بين الجانبين، إلى «انشقاق مجموعة من الهيئة في حيان بريف حلب الغربي، ورفضها تسليم السلاح الثقيل للهيئة، قبل أن يعتقل عناصرها» وذلك رداً على «اعتقال مماثل لحركة الزنكي لمجموعة تابعة للهيئة في بشنطرة في ريف حلب الغربي، ورفضها وجود مجموعات موالية للهيئة في مناطقها».
بدوره، رد القيادي في «الزنكي» على اتهامات «الهيئة»، قائلا إن هذه «الاتهامات عارية من الصحة، فالهيئة هي من قامت بعمليات الاستفزاز للحركة، منذ إعلاننا الانشقاق عنها، وهي من باشر الهجوم على مقار الحركة في أطمة ودير حسان في ريف إدلب الشمالي».
في حين اتهم القيادي في «حركة نور الدين الزنكي» حسام الأطرش عناصر «هيئة تحرير الشام» باعتقال جرحى «الزنكي» أثناء إسعافهم لمشفى باب الهوى بالقرب من الحدود التركية.
وفي سياق الاقتتال الدائر بين الجانبين، دعت «حركة أحرار الشام» في بيان صادر عنها، في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري «هيئة تحرير الشام إلى إصلاح صفوفها، والقبول بمحكمة شرعية مستقلة، للفصل في النزاع بينها وبين الفصائل الأخرى»، مهددة «الهيئة» بـ«الوقوف في الاقتتال إلى جانب حركة الزنكي وتشكيل غرفة عمليات واحدة في حال عدم الاستجابة».
إلى ذلك، أعلن «فيلق الشام» في بيان صادر الخميس الماضي، نيته «إرسال قوات فصل بين الجانبين لإنهاء الاقتتال بينهما»، لكن لم يتم توثيق أي خطوات حقيقية لـ«الفيلق» على الأرض.
وردت «حركة الزنكي» على بيان فيلق الشام بالقول: «إن ثلثي عناصر فيلق الشام يبايعون (قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد) الجولاني بالخفاء».
في السياق ذاته، دعا حسن الدغيم القيادي السابق في «كتائب وألوية شهداء سوريا» التي كان يتزعمها جمال معروف التي قضت عليها «جبهة النصرة» في نهاية عام 2014 دعا إلى «ضرورة وقوف جميع الثوار والإعلاميين والسياسيين مع ما تبقى من مشروع الثورة وجيشها الحر - في إشارة إلى حركة الزنكي - ضد الفئة الصائلة التي لا تستمع إلى خطابي الشرع والعقل»، في إشارة إلى هيئة تحرير الشام.
واعتبر الدغيم أن «الهيئة» المتشددة «مختطفة من قيادة مجهولة التوجه والهوية، وغير واضحة المشروع العسكري والسياسي». كما وصفها بـ«المارقة عن التحكيم الشرعي والناشزة عن مشروع الثورة»، مشيراً إلى أنه «لا يجوز لأي من منتسبيها طاعتها والقتال معها ضد أي فصيل من فصائل الثورة السورية». وأوضح: «ما يجري الآن من اقتتال بين الهيئة والزنكي، يأتي في إطار استكمال سياسة الأولى بابتلاع الفصائل، لتكون هي صاحبة الشوكة»، وزاد: «إن ما يتم ويجري بتوافق إقليمي، لضمان سيطرة فصيل واحد على المنطقة، مما يسهل عملية تطبيق تفاهمات آستانة بين الدول صاحبة الشأن في القضية السورية».
وبعد ثلاثة أيام من الاقتتال الدائر بين الجانبين، سيطرت «هيئة تحرير الشام» على كامل الريف الشمالي من إدلب، بعد انسحاب مقاتلي «حركة نور الدين الزنكي» من قريتي دير حسان، وأطمة.
في جانب آخر، طردت «حركة نور الدين الزنكي» مقاتلي «الهيئة» من معظم معاقلهم في الريف الغربي، وبالأخص في الفوج 111، الذي كان يعتبر المقر الرئيسي لتدريب ما يسمى بـ«جيش النصرة» التابع لـ«الهيئة»، إضافة إلى طردها «الهيئة»من بلدتي تقاد وبسرطون، فيما استولت «الهيئة»على قرية الإبزمو في ريف حلب الغربي بعد اشتباكات عنيفة بين الطرفين.
ونجحت «حركة نور الدين الزنكي»، في تجييش الشارع ضد «الهيئة» في معاقلها بريف حلب الغربي، حيث خرجت مظاهرات يوم الجمعة، تطالب بوقف الاقتتال والرضوخ إلى الوساطة انتهت بمقتل شخص وإصابة آخرين برصاص عناصر من الهيئة، بحسب سكان محليين.
وتعتمد «الهيئة» في حربها على «حركة نور الدين الزنكي» على مقاتلي قطاع البادية، الذي يشكل الشعيطات النسبة الأكبر من مقاتليه، لكن قتل الكثير منهم في المعارك الدائرة مع «الزنكي»، دون وجود تقديرات دقيقة لأعداد القتلى، بحسب مصادر ميدانية في منطقة الصراع.
وتعود جذور الخلاف بين «الهيئة» و«حركة نور الدين الزنكي» إلى انشقاق الأخيرة عن تحالف «الهيئة»، بعد اقتتال الأخيرة مع «حركة أحرار الشام» في يوليو (تموز) الماضي، ثم ما لبث أن تطور إلى حرب بين الجانبين، في بلدة تلعادة بريف إدلب الشمالي، والذي انتهى بسيطرة «الهيئة» على كامل البلدة، وطردها لمقاتلي الحركة منها، وتتالت المناوشات بين الجانبين إلى أن وصل إلى مرحلة الحرب الحقيقية في السابع من نوفمبر الجاري.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.