الجميع يعرف أن الهنود لا يعيشون من دون 4 أشياء ضرورية هي: الطعام والدين والكريكيت والسينما. وهناك رابطة قوية بين السينما الهندية، أو بوليوود، والطعام، سواء كان ذلك طبق حلوى الجزر الذي تصنعه كل أم بالمنزل أو طبق «الخير» المصنوع من الأرز مع عصيدة اللبن المحلّى بالسكر، وكلاهما لعب دوراً بارزاً في الأفلام الهندية.
وعبر سنوات طويلة، مرت السينما الهندية بتغييرات كبيرة فيما يخص طبيعة القصة والموازنة المرصودة للفيلم والتكنولوجيا المستخدمة في صناعته، لكن ما لم يتغير ولم يسقط في جميع الأفلام هو سحر الطعام. فلا يزال الطعام يمثل طريقة التعبير عن الحب في الأفلام، ولا يزال الهنود يقبلون على الأفلام التي يمثل فيها الطعام معنى أساسياً.
- الطعام والعاطفة
في فيلم «شيف»، أو الطاهي، الذي أُنتج مؤخراً والذي يلعب فيه الممثل سيف علي خان دور طاهٍ مثير للمشكلات تعرض للفصل من عمله بمطعم هندي بنيويورك بعدما سدد لكمة إلى زبون اشتكى من الطبق الذي قُدم له بالمطعم والذي كان من إعداد الطاهي. ولطموحه الكبير ولرغبته في مواصلة عمله، قرر الطاهي السفر إلى مدينة كيرالا، للمّ شمل أسرته مجدداً والعيش مع ابنه الصغير وزوجته السابقة، وقرر على مضض إدارة عربة طعام ليعود إلى المهنة التي لطالما أحبها. وجاءت عربة الطعام لكي تمنحه فرصة لمّ شمل الأسرة والعيش مع ابنه الصغير خلال رحلة عبر مختلف المدن الهندية في عربة الطعام الجديدة.
ولكي يستعد لدوره في الفيلم، تدرب سيف خان على يد طاهيين يعملان بفندق «جي دابليو ماريوت» بمدينة جاهو في مومباي، وأفاد الطاهي التنفيذي رانغيت توماس بأنهم درّبوا خان على كل شيء بدءاً من صنع المعكرونة إلى إتقان طريقة كلام الطهاة.
تقدم الهند نفسها في الفيلم باعتبارها أرض المأكولات الشهية من خلال لوحة زاهية الألوان للأطعمة التي عرضتها من خلال عربة الطعام التي جابت البلاد. اختزل الفيلم الأطعمة والأطباق المختلفة في عربة الطعام التي وظفها لإطلاع المشاهد على مختلف الأطباق التي تعكس ثقافات هندية متنوعة.
وفي حديثه إلى الإعلام، أفاد سيف أن الطهي يشبه العلوم إلى حد بعيد، ويرجع ذلك إلى المزيج الرائع الذي يتألف منه كل طبق والنتيجة التي يصل إليها الطاهي في النهاية والتي تمثل اكتشافاً. عند سؤاله عن طبقه المفضل، ابتسم سيف قائلاً: «أكثر ما أحب طهيه هو الاسباغيتي، فما زلت لا أجيد طهي الطعام الهندي، فإعداد الاسباغيتي سهل جداً. لكن لأنها تتسبب في زيادة الوزن، فإن زوجتي لا تدعني أعدها في أغلب الأحوال، ولو أنني فعلت، فغالباً ما أتناولها بمفردي».
- التركيز على الطعام
في تعليقه على الفيلم، قال الناقد السينمائي توران أدراش: «أصبحنا اليوم نرى تركيزاً أكبر على الطعام في السينما. فالرومانسية المقترنة بالطعام في السينما الهندية باتت ظاهرة أكثر وضوحاً من نظيرتها في السينما الأميركية والأوروبية. اليوم أصبحنا من عشاق مشاهدة برامج الطهي العالمية مثل (ماستر تشيف وفوود ستغرام) وبتنا مغرمين بثقافتها، ولذلك أصبح من الصعب الحصول على مقعد بمطعم ياباني مساء السبت مثلاً. كذلك أصبحت غالبية الهنود أكثر دراية واهتماماً بأنواع الطعام عن ذي قبل». وأضاف إدراش أن الأفلام المعاصرة التي لا تركز بالضرورة على الطعام تحرص عليه مثلما تحرص على الملابس والمعدات وتعرضه بدقة وتعرض تفاصيله كما تعرض تفاصيل الحياة اليومية. فتسليط الضوء علي الطعام في الأفلام السينمائية باعتباره أحد المتطلبات الأساسية للحياة اليومية، وكذلك بوصفه متعة حسية يعرضه مخرجو الأفلام على اختلاف مشاربهم وثقافاتهم كان سبباً في ظهور ثقافة سينمائية جديدة.
وحسب مخرج فيلم «شيف»، رغا مينون، «لم يحدث من قبل أن قال أحد الزبائن للطاهي أو لأصدقاء مالك المطعم مثلاً إنه كان من الأفضل تقليل كمية الصلصة». فقد كان العمل في فيلم «شيف» بمثابة تحدٍّ مختلف للطاهية ومستشارة التغذية سانديا كومار، التي تخطى عدد ما صنعته في الفيلم من البيتزا والروتي (الخبز الهندي التقليدي) 5000 رغيف وفطيرة. وتقول إنه تعين عليها صنع 50 – 100 رغيف وفطيرة بيتزا في يوم واحد، ولذلك فقد كان ذلك اليوم أكثر الأيام إرهاقاً لها على مدار أيام التصوير. وأضافت: «كان يجب أن يظل الجبن لزجاً ومحتفظاً بتماسكه عندما تمسك بقطعة البيتزا. وخلال مراحل الإعداد المختلفة، وضعت الفطائر في صفوف أمامي»، حسب سانديا. الطعام الحقيفي يفسد بسهولة، ولذلك فهو لا يمكن أن يستمر طازجاً إلى أن ينتهي تصوير جميع مشاهد الفيلم.
- الممثلون الأساسيون الذين أدوا دور الطهاة
على مر السنين، ظهر العديد من الأفلام التي كان بطلها يؤدي دور الطباخ، ولم تكن المعارك التي خاضها البطل مع حفنة من الأشرار أو إنقاذه مستغيثاً هي ما خلبت قلوب وعقول المشاهدين، بل كانت الأطباق الشهية التي يعرضها على الشاشة.
أكثر الأفلام شهرة التي تناولت الطعام كان فيلم «باوراشي» الذي كان فيه الممثل راغيش خانا أول بطل يلعب فيه دور الطباخ في أوج تألقه في عمله. فقد استخدم الطعام أداة للمّ شمل عائلة ممزقة تعيش تحت سقف واحد، وكانت رسالة الفيلم أنه عندما تتناول طعاماً رائعاً فلن يقل يومك روعة عما تذوقته. أدى أميتاب باتشان دور البطولة في فيلم «تشني كام»، أو (سكر أقل)، الذي نال استحسان النقاد، حيث أدى فيه دور طباخ متغطرس يعمل في المطعم الوحيد في لندن الذي يقدم مذاقاً هندياً خالصاً لزبائنه من صفوة المجتمع. كان هذا أول فيلم من أفلام بوليوود يسلط الضوء على مطعم تجاري محترف يديره طاهٍ هندي يذكّرك بالطاهي البريطاني الشهير ماركو بيري وايت.
يزعم أميتاب باتشان في فيلمه أنه يعد أشهى طبق «حيدر أبادي زفراني باولو» (الأرز المضاف إليه الزعفران وحبات الجوز) في العالم، مؤكداً أن «أي شخص لا يعجبه مذاقه لا بد أن يكون لسانه ميتاً».
غير أن مقالاً نُشر في إحدى الصحف كشف أن باتشان لا يستطيع حتى سلق بيضة لإنقاذ حياته من الموت جوعاً، لكن كان عليه تعلم بعض دروس الطهي من طهاة محترفين وإتقان طريقة كلامهم. كذلك حقق فيلم «إنغليش فينغليش» نجاحاً عالمياً، وكان بوابة الهند للوصول بشكل رسمي إلى جائزة «أكاديمي أواردز». وفي هذا الفيلم استغلت بطلة الفيلم الممثلة سيرديفي عائدات بيع حلوى «لادوس» الهندية الشهيرة في الإنفاق على دروس اللغة الإنجليزية التي تتلقاها.
- قصة الطعام
يعد الطعام محوراً رئيسياً يحدد مسار الأحداث في العديد من الأفلام الهندية، خصوصاً ما يتعلق بالهوية والمكان والعائلة، وفي حالات أخرى يمثل الطعام الحبكة الدرامية نفسها مثلما شاهدنا في فيلم «دوات الشك»، أو عيد الحب، ويعد الفيلم إعلاناً يُسيل اللعاب لمطبخ حيدر آباد، لما يقدمه، بدءاً من الكباب والبرياني إلى حلوى الخبز وطبق الجلبي. ففي الفيلم، استطاع الطاهي (بطل الفيلم) أن يسحر لب الفتاة عن طريق نكهة ومذاق طبق «البرياني» والكباب.
وفي فيلم «رامي لندن ويل»، يقدم الطاهي أشهى الأطعمة من خلال مطعمه بالفندق الهندي، واستطاع بما يقدمه أن يثبت النظرية التي تقول بأن «الطريق إلى قلب المرأة هو معدتها» بعد أن استغل مهاراته في الطهي في سلب قلب فتاته.
بوليوود والطعام... علاقة لا يفرقها لسان
الأكل والسينما من بين أهم 4 أشياء لدى الهنود
بوليوود والطعام... علاقة لا يفرقها لسان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة