مهمات {الناتو} في ظل المتغيرات الدولية

تشكيل هياكل قيادة جديدة لمواجهة التوترات المتزايدة مع روسيا

الأمين العام لحلف {الناتو} ينس ستولتنبرغ (يمين) مع وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
الأمين العام لحلف {الناتو} ينس ستولتنبرغ (يمين) مع وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
TT

مهمات {الناتو} في ظل المتغيرات الدولية

الأمين العام لحلف {الناتو} ينس ستولتنبرغ (يمين) مع وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
الأمين العام لحلف {الناتو} ينس ستولتنبرغ (يمين) مع وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس في بروكسل أمس (إ.ب.أ)

يتأهب وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل لمناقشة تعزيز مهمة الحلف في أفغانستان وتعديل هيكل القيادة للحلف وذلك في مواجهة التهديدات الروسية وأزمة كوريا الشمالية النووية. وسوف يكون الاجتماع الذي سوف يستمر يومين الأول لوزراء دفاع الناتو منذ أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن استراتيجية جديدة لأفغانستان في أغسطس (آب) الماضي، نصت على التركيز على تعقب وقتل الإرهابيين. ومن المقرر أن يعلن وزراء الحلف اليوم الخميس تعزيز مهمتهم «الدعم الحازم» في أفغانستان التي تعد حاليا 13 ألف جندي في مبادرة تهدف إلى دعم «الاستراتيجية الجديدة» التي أعلنها الرئيس الأميركي في هذا البلد. ومن المفترض أن تساهم الولايات المتحدة في المهمة بـ2800 جندي إضافي على أن تكون حصة شركائها نحو 700 جندي إضافي، بحسب مصادر دبلوماسية اتصلت بها وكالة الصحافة الفرنسية. وكانت واشنطن طلبت من شركائها إرسال «نحو ألف» جندي إضافي إلى أفغانستان، حيث تصّعد حركة طالبان من وتيرة هجماتها ضد الجيش واعتداءاتها بما في ذلك في العاصمة كابل.
وكان الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ قد صرح أول من أمس الثلاثاء بأن التحالف يعتزم زيادة عدد أفراد مهمة الدعم الحازم في أفغانستان من 13 إلى 16 ألف جندي. ولن تشارك قوات الناتو الجديدة في المعارك، ولكنها سوف تستمر في تدريب ومساعدة وتقديم النصيحة للقوات الأفغانية، كما جاء في تصريحات الأمين العام للحلف نقلتها الوكالة الألمانية.
بعدما دعا ترمب لمدة طويلة إلى الانسحاب من أفغانستان، تم اتخاذ القرار بشأن السياسة الأميركية الجديدة في أغسطس بعد تقييم طويل للوضع على الأرض، حيث يسيطر متمردو طالبان على مساحات متزايدة من الأراضي باتت تقارب 40 في المائة من مساحة البلاد.
ويجري وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، الذي وصل بروكسل أمس، مشاورات لمدة يومين حول الملفات الساخنة مثل أفغانستان وكوريا الشمالية وروسيا وسوريا مع نظرائه من الحلف. وقال ماتيس لصحافيين على متن الطائرة في طريقه إلى أوروبا أنه بعد استعادة السيطرة على الموصل في العراق والرقة، أبرز معاقل التنظيم في سوريا حان الوقت للتفكير في مرحلة «ما بعد» تنظيم داعش. وأوضح ماتيس، كما نقلته الصحافة الفرنسية، أن غالبية الأسئلة التي تُطرح علي الآن تتعلق في المرحلة التالية إذ لم يعد الأمر يتعلق بـ«هل سنوقف توسع تنظيم داعش ونتغلب عليه» بل «ماذا سيحصل بعدها؟». وسيكون «التهديد العالمي» الذي يشكله نظام كيم يونغ أون في صلب لقاء على مائدة العشاء بحضور ماتيس ونظرائه الـ28 في مقر الحلف في بروكسل.
من المقرر أن يلتقي ماتيس بعد ظهر الخميس في مقر الحلف الأطلسي نحو 60 وزيرا وممثلا عن الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش من أجل تقييم الوضع بالنسبة إلى الحملة العسكرية في سوريا والعراق.
وصرح أمين عام الناتو ستولتنبورغ أمس الأربعاء بأن «كل الحلفاء اتفقوا على ضرورة ممارسة ضغوط قوية على كوريا الشمالية حول سلوكها المتهور». كما سيتم التباحث حول روسيا التي تراجعت العلاقات معها إلى أدنى مستوى بسبب الأزمة الأوكرانية وتواجه اتهامات بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة لصالح ترمب.
ومن المتوقع أن يوافق وزراء الناتو على خطة لتشكيل هياكل قيادة جديدة للقوات المتحركة وتوفير المعدات بصورة أسرع عبر المحيط الأطلسي وداخل أوروبا. وتهدف الخطوة لمواجهة التوترات المتزايدة مع روسيا. وتشمل أجندة المباحثات المقررة خلال حفل العشاء المقرر مساء الخميس قضية كوريا الشمالية. وقال ستولتنبرغ: «هناك تهديد لحلفاء الناتو ولشركائنا وللنظام الدولي لعدم الانتشار النووي» مضيفا: «لدينا القدرات ولدينا الإرادة لمواجهة أي عدوان». ودعيت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أيضا لحضور العشاء.
من المقرر أيضا أن يلتقي ماتيس في بروكسل نظيره التركي نور الدين جانكلي. وتشهد العلاقات بين تركيا وواشنطن توترا نتيجة الخلافات حول قيام الولايات المتحدة بتدريب وحدات حماية الشعب الكردية وتزويدها بالأسلحة ضد تنظيم داعش فيما تعتبرها أنقرة مجموعة «إرهابية».
ذكرت مصادر بوزارة الدفاع التركية أن تركيا وقعت على خطاب نوايا مع فرنسا وإيطاليا أمس الأربعاء لتعزيز التعاون في مشروعات الدفاع المشترك بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي. وقالت المصادر إن كونسورتيوم «يوروسام» الفرنسي – الإيطالي والشركات التركية سيفكرون في نظام يستند إلى نظام سامب - تي الصاروخي الذي أنتجه يوروسام وتحديد الاحتياجات المشتركة للدول الثلاث.
من جانب آخر قالت المفوضية الأوروبية إنه وفي ضوء الوضع السيئ لحقوق الإنسان في تركيا، فإنها تعتزم التقدم باقتراح لإدخال تعديلات على المساعدات المالية التي تقدمها المفوضية لتركيا من أجل تهيئتها للانضمام للاتحاد. وذكرت المفوضية في بروكسل أمس الأربعاء أن مسؤول الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية يوهانيس هان سيقدم اقتراحا بهذا الشأن خلال الاجتماع الوزاري الأوروبي في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وكان رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي قد طالبوا المفوضية، في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقديم اقتراح بحجم الأموال التي يجب تقليصها من المساعدات الأوروبية لتركيا. وتسعى المفوضية من خلال هذه المساعدات لمساعدة تركيا في جعل نظامها القضائي متلائما مع المعايير الأوروبية. ويفترض في الأصل أن يقدم الاتحاد الأوروبي نحو 45.‏4 مليار يورو لتركيا في الفترة بين عام 2014 و2020.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.