المصريون في لبنان احتفلوا بفوز السيسي كرئيس للجمهورية

الرقص على إيقاع أغنية «بشرة خير» وتقديم الحلويات للمارة عنونا الفرحة

المصريون في لبنان احتفلوا بفوز السيسي كرئيس للجمهورية
TT

المصريون في لبنان احتفلوا بفوز السيسي كرئيس للجمهورية

المصريون في لبنان احتفلوا بفوز السيسي كرئيس للجمهورية

لم يكن في إمكانك أول من أمس، المرور قرب محطة للوقود أو أن تركن سيارتك في موقف عمومي أو أن تشتري الخضار في بيروت، دون أن تلاحظ معالم الفرحة التي ارتسمت على وجوه المصريين المحتفلين بفوز عبد الفتاح السيسي رئيسا لجمهورية مصر.
فإثر إعلان النتائج الأولية لصناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية المصرية، التي أظهرت أن غالبية أصوات المقترعين جاءت لمصلحة السيسي، راح المصريون العاملون في لبنان يحتفلون بهذا الفوز كلّ على طريقته ومن مركز عمله.
صحيح أن هذه الاحتفالات اقتصرت على ترداد المحتفلين أغنية «بشرة خير» لحسين الجسمي، وعلى رفع لافتات صغيرة كتب عليها «السيسي رئيسي»، إلا أن اللبنانيين لم يتوانوا عن مشاركة المصريين فرحتهم، فأخذوا يرددون عبارة «عقبالنا» وهم يتناولون حلويات البقلاوة التي قدّمها المحتفلون لزوّارهم احتفاء بالفوز.
فالمعروف أن النسبة الأكبر من المصريين الموجودة في لبنان، تعمل في مجالات عدة تسمح لهم بالاحتكاك اليومي والمباشر باللبنانيين، فهم إما يتولّون مهمة غسل السيارات وتعبئة الوقود في محطات البنزين، وإما ركن السيارات في المواقف العامة. إضافة إلى مهمات أخرى بينها بيع الخضار وتصليح الأعطال الكهربائية وإمدادات «الدش» (كابلات الصحون اللاقطة للأقمار الصناعية) والعمل في محلات بيع الزجاجيات وغيرها.
وكانت منطقة الأشرفية في بيروت إحدى المناطق التي شهدت الاحتفالات الأكبر بالمناسبة، إذ سيّر بعض العمّال المصريين في شوارعها الرئيسة وفي مقدمها ساحة ساسين، مسيرات وتجمعات صغيرة احتفاء بالفوز.
«قوم نادي عالصعيدي وابن اخوك البورسعيدي والشباب اسكندراني واللمة دي لمّة رجال»، هي كلمات أغنية «بشرة خير»، التي ما انفك المصريون العاملون في لبنان يرددونها ويرقصون على أنغامها في شوارع بيروت. وقال المصري محمد خليل لـ«الشرق الأوسط» وهو يعمل في محل لبيع الفواكه والخضار بأن هذه الأغنية صارت بمثابة النشيد الوطني الثاني للمصريين بعد أن أهداها لهم المطرب الإماراتي حسين الجسمي، وبأنها تحاكيهم بلغتهم الشعبية وتليق بالمناسبة.
أما المصري يوسف إبراهيم الذي اعترف بأنه انتخب زعيم التيار الشعبي حمدين صباحي المرشح الوحيد مقابل السيسي، فأكّد أن خسارة مرشّحه لن تثنيه عن الاحتفال كون هذا الفوز يعني للمصريين جميعا بأنهم أصبحوا أحرارا في قراراتهم الداخلية.
ولم تتوان «أم محمود» في الوقوف وسط طريق مؤد إلى ساحة ساسين في الأشرفية، لتقدّم البقلاوة للمارة وسائقي السيارات وهي تردد «السيسي رئيسي مبروك لمصر». وأشار عبدو أحمد وهو عامل في محطة للوقود في المنطقة نفسها بأنه وزملاءه المصريين اتخذوا قرارا بالاحتفال في المناسبة دون التسبب بأي إزعاج للبنانيين، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قررنا الاحتفال في منازلنا وفي مراكز عملنا وبهدوء نسبي حتى لا نتسبب بالحرج لأهل المنطقة، فاللبنانيون عامة في قلبهم غصّة لأن الرعايا العرب في بلادهم استطاعوا انتخاب رئيس لهم بينما هم أهل البيت تقاعسوا عن ذلك».
وكان الرعايا السوريون في لبنان قد شاركوا في انتخابات رئاسة الجمهورية في بلادهم، عندما توجهوا بعشرات الآلاف إلى مبنى سفارتهم الواقع في منطقة الحازمية وتسببوا بزحمة سير خانقة للبنانيين جعلتهم يلاقون صعوبة كبيرة للإفلات منها.
واعتبر محمود قابيل وهو مصري يعيش في لبنان منذ أكثر من عشرة أعوام، أن «نزول حمدين صباحي إلى الانتخابات كان صوريا حتى لا يقال إن المصريين غير ديمقراطيين فيضطرون إلى انتخاب (فرعون آخر) لهم».
وقرر بعض العاملين المصريين التجمع مساء البارحة في مقاه شعبية تقع في بيروت، للاحتفال بالفوز من خلال لمّة مصرية حقيقية تناولوا فيها أطباق «الطعمية» و«الكشري» التي صنعوها بأنفسهم وبعد أن سمح لهم القيمون على هذه المحلات بذلك شرط أن يتناولوا المشروبات الغازية ويدخنوا النرجيلة على حسابهم الخاص.
وتستعدّ شريحة من العمّال المصريين للاحتفال بهذا الحدث بعد ظهر الأحد، الأول من يونيو (حزيران) المقبل (بعد إعلان النتيجة رسميا في مصر) فتتجمّع على أحد مداخل العاصمة الشرقي (قرب سوق الأحد)، بحيث ستستقل السيارات المزيّنة بصور الرئيس المصري الجديد وتجول فيها لساعة واحدة فقط، كما ذكر لنا أحد منظميها، كي لا تتسبب بالإزعاج وبزحمة سير لأهل المنطقة أثناء عودتهم إلى منازلهم من عطلة الويك إند الأسبوعية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».