وزير كردي في الحكومة الاتحادية: بغداد لن تفاوض أربيل إلا إذا ألغت الاستفتاء

إقليم كردستان يحتجّ على خفض حصته من موازنة العراق

TT

وزير كردي في الحكومة الاتحادية: بغداد لن تفاوض أربيل إلا إذا ألغت الاستفتاء

ناشدت حكومة إقليم كردستان العراق، الحكومة الاتحادية، الدخول في مفاوضات لحل المشكلات العالقة بينهما، وفقاً للدستور، وبالأخص معالجة الأزمة المالية الحالية التي تعصف بمواطني إقليم كردستان، وطالبت الوزيرين الكرديين في الحكومة الاتحادية بالعمل من أجل عدم تمرير موازنة الدولة داخل مجلس الوزراء الاتحادي من دون تلبية المطالب الكردية. لكن وزيراً كردياً في الحكومة العراقية أكد في بيان «أن الحكومة الاتحادية لن تقبل بأقل من (إلغاء) نتائج الاستفتاء الذي جرى في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، كشرط أساسي لبدء المفاوضات»، بينما أشارت نائبة كردية إلى أن «الحكومة الاتحادية تتخوف أن تعود حكومة الإقليم إلى التلويح بورقة الاستفتاء مرة أخرى في المستقبل، ولهذا تصر على إلغائه، وليس تجميد نتائجه».
وكانت حكومة الإقليم قد عقدت اجتماعاً عاجلاً، أمس، مع محافظي المحافظات الأربع في الإقليم ورؤساء مجالس محافظاتها، للتباحث حول آلية التعامل مع الحكومة الاتحادية، خصوصاً أن بغداد تسعى وتحاول إلى أن تتعامل مباشرة من الناحية المالية مع المحافظات لا مع حكومة إقليم كردستان، وهذا ما يثير المخاوف من إلغاء حقوق دستورية للشعب الكردي، كما أشار بيان لحكومة الإقليم صدر عقب انتهاء اجتماع أمس. وجاء في البيان أن الموازنة التي تسعى الحكومة الاتحادية إلى تمريرها من دون إشراك حكومة الإقليم يعد انتهاكاً صارخا للدستور العراقي، حيث جرى تغيير الحصة المقررة لكردستان من نسبة 17 في المائة إلى 12 في المائة، وأورد المشروع الكيان الكردي باسم «محافظات شمال العراق»، في حين أن هذا الكيان مثبت في الدستور كـ«إقليم كردستان العراق». وأضاف البيان أن «الحصة المقررة لإقليم كردستان من الموازنة لا تكفي لسد احتياجات محافظة واحدة، فكيف بالمحافظات الثلاث الأخرى».
وفي حين جددت حكومة الإقليم ببيانها الدعوة إلى مفاوضات ثنائية مع بغداد، وطالبت الحكومة الاتحادية بإتاحة الفرصة أمامها للمشاركة في صياغة مشروع موازنة اتحادية توافقية تتناسب مع الأسس الدستورية وبما يراعي مصالح الشعب الكردستاني، أكد وزير الهجرة والمهجرين في الحكومة الاتحادية درباز محمد أن «الحكومة الاتحادية لن تقبل بأقل من إلغاء نتائج الاستفتاء الذي جرى للانفصال»، مشيراً في بيان نشره على حسابه الشخصي بشبكة التواصل الاجتماعي إلى أن «شرط الحكومة الاتحادية هو إلغاء الاستفتاء وليس تجميده»، داعياً إلى الإسراع في إلغاء نتائج الاستفتاء «لأن الوقت ليس في صالح مواطني كردستان».
من جهتها، أشارت سروة عبد الواحد، رئيسة كتلة حركة التغيير الكردية المعارضة في البرلمان العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «بغداد متخوفة من معاودة التلويح بورقة الاستفتاء في المراحل المقبلة، ولذلك تطالب بإلغائه وليس بتجميده». وقالت إنها وزملاءها في البرلمان العراقي «يبذلون جهوداً مكثفة لإرغام الحكومة الاتحادية على معالجة مسألة رواتب موظفي الإقليم التي تأخرت بشكل خطير وباتت تهدد الحياة المعيشية للمواطنين». وحول الموازنة المقترحة للعام المقبل، قالت النائبة: «للأسف هناك تخفيض غير معقول في حصة كردستان من الموازنة، والذي سيؤثر بشكل سلبي على حياة المواطنين». وحثت النائبة حكومة الإقليم على الإسراع بتسليم مواردها ومنافذها الحدودية وآبارها النفطية للسلطة الاتحادية لكي تساعد شعبها في تأمين الرواتب والميزانية وتطبيع الأوضاع مع الحكومة الاتحادية.
وحول أزمة النازحين من مدينة طوزخورماتو، طالبت النائبة بانسحاب فوري لقوات الحشد الشعبي التي تثير سيطرتُها على المدينة مخاوفَ النازحين وتَحول دون عودتهم إلى منازلهم، وقالت إن «على الحكومة الاتحادية أن ترسل قوات مشتركة من الجيش والبيشمركة لإدارة الأمن هناك، أو على الأقل أن ترسل قوات الشرطة الاتحادية وتسحب قوات الحشد من هناك لكي يطمأن السكان الكرد ويعودوا إلى ديارهم».



كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.