علمت «الشرق الأوسط» أن الجولة الثالثة من مفاوضات توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، التي عقدت في القاهرة بين ضباط ليبيين، والتي اختتمت أعمالها مساء أول من أمس، توصلت إلى نقاط اتفاق شبه نهائية حول توحيد الجيش الليبي، وعلاقته بالسلطة المدينة في ليبيا التي تعاني من فوضى عسكرية وأمنية منذ عام 2011.
وفي غضون ذلك، أعلنت إيطاليا، التي تترأس مجلس الأمن الدولي، أن ملف ليبيا سيكون حاضراً على جدول أعمال جلسة ستعقد في السادس عشر من الشهر الحالي، وذلك بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وممثله الخاص إلى ليبيا غسان سلامة.
وعلى الرغم من أن البيان الختامي لاجتماعات القاهرة، التي ضمت ممثلين عن الجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر من شرق البلاد، بالإضافة إلى ضباط محسوبين على حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، لم يعلن الاتفاق صراحة على إعادة تشكيل الجيش بقيادة حفتر، فإن العميد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم الجيش أكد في المقابل لـ«الشرق الأوسط» أن «المحادثات توصلت إلى اتفاق تام بين الفرقاء الليبيين»، مشيراً إلى أن «معظم نقاط الخلاف قد انتهت تقريباً».
وأرجع المسماري عدم إفصاح البيان عن هذا الاتفاق إلى «وجود تخوف من حدوث تسريبات تضر بعملية توحيد المؤسسة العسكرية»، لافتاً إلى أن هناك «جهات متربصة بهذا المشروع، وتسعى لإفشاله... والأمور مضت على نحو جيد للغاية؛ هناك اتفاق تم بانتظار أن تعقد جولة محادثات لاحقة في القاهرة للتصديق عليه، بعد مشاورات سيجريها من حضروا اللقاء مع الجهات التي يمثلونها».
وبسؤاله إن كان ذلك يعني أن الضباط الموالين لحكومة السراج قد وافقوا على أن يتم تشكيل توحيد الجيش، وإعادة تشكيله مجدداً بقيادة المشير حفتر، أجاب المسماري موضحاً: «لقد تعمدنا أن نتعامل بالصفة العسكرية فقط، دون النظر إلى أي أمور سياسية، وبالتالي: نعم... لدينا اتفاق سنعلنه قريباً»، مضيفا أن هناك «حالة تفاؤل إيجابية بما جرى في القاهرة»، ودلل على ذلك بأن الجولتين السابقتين من الاجتماعات «تضمنت تشكيل لجنتين، لكن الاجتماع الثالث الأخير تم خلاله تشكيل لجنة واحدة هي المسؤولة عن صياغة الاتفاق».
ورداً على إعلان العميد سالم جحا، أحد الضباط المتحاورين في القاهرة، أنه سيتم إلغاء منصب وزير الدفاع في الفترة المقبلة، أوضح المسماري: «هذا الأمر متفق عليه، ولكن ليس إلغاءً كلياً، بل ضم وزارة الدفاع والقيادة العامة لضروريات المرحلة»، على حد تعبيره.
وبحسب ما قاله جحا في تصريحات لـ«قناة ليبيا»، مساء أول من أمس، فإن الاجتماعات خلصت إلى هيكل تنظيمي مكتمل، يشتمل على مستويات القيادة، يضمن تماسكها وعدم جنوحها نحو السلطة، وسلامة وجودها في دولة مدنية، كما يضمن توزيع السلطات.
كما أوضح جحا أنه سيتم إنشاء مجلس للقيادة العامة للجيش، يتكون من القائد العام، ورئيس الأركان العامة كنائب له، وعضوية قادة الأسلحة النوعية كافة، والإدارات المهمة، بالإضافة إلى آمري المناطق العسكرية، بينما سيكون مجلسا الدفاع والأمن القومي بمثابة الأجسام القيادية العليا برئاسة رئيس الدولة.
وكان البيان الرسمي الصادر عن اللجنة المصرية المعنية بليبيا، التي يترأسها اللواء محمد الكشكي مساعد وزير الدفاع المصري، قد لفت إلى أنها بحثت مع وفد من العسكريين الليبيين الأفكار والحلول لتدشين مرحلة جديدة على مسيرة توحيد المؤسسة العسكرية، وقال إن العسكريين الليبيين شددوا على الثوابت الوطنية الخاصة بآليات توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، ودراسة كل الشواغل التي تدعم تحقيق هذا المسار، وطبيعة العلاقة بين السلطة المدنية والمؤسسة العسكرية، وكذا عملية إعادة هيكلة وتنظيم المؤسسة العسكرية. كما ناشد الحضور من العسكريين الليبيين كل أبناء الشعب الليبي دعم هذا المسار التوافقي، وعدم الانجرار وراء مساعي أي طرف لتقويض هذا الجهد الداعي إلى توحيد المؤسسة العسكرية، بما يساهم في الإسراع من وتيرة الاستقرار.
وطبقاً للبيان، فقد اتفق الحضور على معاودة اللقاء بالقاهرة مرة أخرى، بهدف استكمال التشاور حول الخطوات الإجرائية المطلوبة بعد العودة للوطن لطرح ما تم إنجازه خلال هذه الجولة، والتصديق على تنفيذ المقترحات التي توصلت إليها اللجان لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية.
إلى ذلك، أحال رئيس حكومة الوفاق الوطني في العاصمة طرابلس قيادياً بارزاً في قواته العسكرية للتحقيق بعد إطلاقه تهديدات تلفزيونية مثيرة للجدل ضد مصر. ونقلت وكالة الأنباء الليبية الموالية للسراج عن مصدر مسؤول بمكتبه الإعلامي أن السراج «أبدى استياءه من التصريحات غير المسؤولة الصادرة عن العميد محمد القنيدي، مسؤول الشرطة العسكرية في قوات عملية (البينان المرصوص)، التي تمس دولاً شقيقة تربطنا بها علاقات أخوة وتعاون».
وأشار المصدر إلى أن السراج، بصفته القائد الأعلى للجيش، أمر بتكليف المدعي العام العسكري بالتحقيق مع القنيدي لخروجه في الإعلام، وإدلائه بتصريحات دون إذن رسمي، مخالفاً بذلك اللوائح والقوانين المعمول بها.
ومن جانبه، طالب عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة، إيطاليا وتونس وفرنسا بحث مجلس الأمن الدولي على الانعقاد بشكل طارئ لبحث حادثة قصف طيران مجهول لمدينة درنة الليبية، التي خلفت 17 قتيلاً وأكثر من 30 جريحاً من المدنيين.
وأجرى السويحلي اتصالات هاتفية مع وزيري الخارجية الإيطالي أنجيلينو ألفانو، ونظيره التونسي خميس الجهيناوي، بالإضافة إلى السفيرة الفرنسية لدى ليبيا، بريجيت كورمي.
ودعا الحكومة الإيطالية إلى «تكثيف الجهود، وحشد الدعم الدولي، من خلال رئاستها لمجلس الأمن، من أجل عقد جلسة طارئة لمناقشة التدابير اللازمة لحماية المدنيين في ليبيا، ومحاسبة الضالعين في ارتكاب جرائم حرب، وانتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان».
ونقل عن وزير الخارجية الإيطالي أن «حكومة بلاده سوف تسعى بقوة لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، الذي تترأسه حالياً، لمناقشة جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان الأخيرة في شرق ليبيا، واتخاذ الإجراءات الضرورية حيالها».
وفي غضون ذلك، حذرت قيادة الجيش الوطني الليبي من استمرار ما وصفته بالهجوم غير المبرر، واستهداف مقرات وحدات الجيش (مقر اللواء الرابع واللواء 26 ومركز تدريب العزيزية) في منطقة ورشفانة، وحملت في بيان لها، مساء أول من أمس، الجهة التي أصدرت هذه الأوامر المسؤولية الكاملة عن سلامة المدنيين بالمنطقة، وسلامة مقرات وحداتها العسكرية النظامية.
اختتام اجتماعات القاهرة باتفاق على توحيد المؤسسة العسكرية الليبية
السراج يحقق مع قيادي هدد مصر... والسويحلي يطالب بجلسة طارئة لمجلس الأمن
اختتام اجتماعات القاهرة باتفاق على توحيد المؤسسة العسكرية الليبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة