مصادر فلسطينية: مصر أوقفت حرباً كانت وشيكة في غزة

الفلسطينيون تخوفوا من تدمير المصالحة... وإسرائيل «غير معنية بحرب جديدة»

مقاتلون تابعون لحركة {الجهاد الإسلامي} خلال تشييع ضحايا تفجير النفق (أ.ف.ب)
مقاتلون تابعون لحركة {الجهاد الإسلامي} خلال تشييع ضحايا تفجير النفق (أ.ف.ب)
TT

مصادر فلسطينية: مصر أوقفت حرباً كانت وشيكة في غزة

مقاتلون تابعون لحركة {الجهاد الإسلامي} خلال تشييع ضحايا تفجير النفق (أ.ف.ب)
مقاتلون تابعون لحركة {الجهاد الإسلامي} خلال تشييع ضحايا تفجير النفق (أ.ف.ب)

قالت مصادر فلسطينية مطلعة، إن مصر نجحت في وقف أو تأجيل مواجهة كادت تندلع بين حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل، بعد قتل إسرائيل مجموعة من مقاتلي الحركة في نفق جرى تفجيره قرب الحدود.
وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «عندما بدأت الأخبار تتوالى حول وجود عدد متزايد من الشهداء، وكيف تعمدت إسرائيل قتلهم بهذه الطريقة، بدا الموقف صعبا، وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي النفير بين مقاتليها، كان هناك قلق في إسرائيل ورام الله ومصر، وحتى لدى حماس، حول ما يمكن أن تتطور إليه الأمور، قبل أن تلقي مصر بثقلها لوقف تدهور محتمل».
وكان الموقف قد تدهور بعد تفجير إسرائيل أول من أمس، نفقا تابعا لحركة الجهاد الإسلامي، بطريقة أدت إلى قتل سبعة مقاتلين من الجهاد وحماس، هبوا لنجدة عدد غير معروف من رفاقهم المحاصرين تحت الركام.
وتوقعت أوساط عدة، أن ترد الجهاد فورا، ما سيعني اندلاع مواجهة جديدة على غرار حرب 2104 التي وقعت بعدما قتلت إسرائيل سبعة من كتائب القسام التابعة لحماس في قصف نفق تابع للحركة، واستمرت 51 يوما.
وتجنبا لسيناريو مماثل، تواصل مسؤولو المخابرات المصرية طويلا مع قيادة الجهاد في الداخل والخارج، وركزوا على عدم الانجرار وراء حرب تريدها إسرائيل في هذا الوقت.
وقالت المصادر، إن مصر طلبت تفويت الفرصة على إسرائيل التي أرادت تخريب المصالحة، والمضي قدما في تشكيل حكومة وحدة من أجل إنقاذ قطاع غزة، بدل إدخاله في دوامة دمار جديدة.
ولم تقتصر الضغوط على مصر، بل حاولت السلطة بدورها، وكذلك حركة حماس، نزع فتيل المواجهة.
واتفقت السلطة وحماس أن أفضل رد على إسرائيل هو تحقيق المصالحة. وبدا واضحا أن الطرفين لا يرغبان ولا يؤيدان الدخول في مواجهة جديدة.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، في بيان: «إنه في ظل استمرار الجرائم الإسرائيلية بحق أبناء شعبنا في غزة الباسلة، أجدد تأكيدي على ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية وارتقاء الجميع إلى مستوى المسؤولية الوطنية، بتقوية الجبهة الداخلية، واستكمال المصالحة، والالتفاف حول القيادة الشرعية وعلى رأسها فخامة الأخ الرئيس».
بل عمدت السلطة إلى التذكير بموعد تسليم المعابر، وهي النقطة الأهم في المصالحة، الذي سيجري اليوم.
وقال رئيس هيئة الشؤون المدنية، حسين الشيخ، إن حكومة الوفاق الوطني جاهزة لتسلم معابر قطاع غزة بشكل كامل وفعلي، ابتداء من صباح اليوم الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2017. وأوضح الشيخ أن تسلم المعابر سيشمل أيضا معبر رفح، الذي ستستمر لأسبوعين إجراءات توفير الاحتياجات المطلوبة لفتحه، وفق اتفاق المعابر عام 2005 خلال أسبوعين.
وأكد الشيخ، أنه سيعلن عودة العمل، بشكل طبيعي، على معبر رفح، كما كان قبل 14 يونيو (حزيران) 2007، ابتداء من تاريخ 15 نوفمبر المقبل، وبالتنسيق الكامل مع الأشقاء المصريين والجهات ذات الصلة. وشدد الشيخ على مراعاة المستجدات الأمنية لجمهورية مصر العربية ودولة فلسطين.
وكان وفد مصري رفيع وصل أمس إلى غزة للإشراف على تسلم المعابر. ودخل الوفد إلى غزة عبر معبر بيت حانون (إيرز)، ورأسه السفير المصري لدى السلطة الفلسطينية سامي مراد، في أول زيارة له للقطاع.
وقال المتحدث باسم المعابر في قطاع غزة، هشام عدوان، إن الوفد المصري سيشرف على عملية تسليم المعابر للحكومة. وأضاف، في مؤتمر صحافي، أن «عجلة تسليم المعابر انطلقت»، مشيرا إلى فتح فرع لبنك فلسطين في معبر رفح، ليتم توريد الموارد المالية لحكومة التوافق، على أن تحول الجباية إلى حساب هيئة المعابر والحدود في السلطة.
واتفقت حماس مع السلطة على ضرورة المضي في مشروع المصالحة بدلا من خوض مواجهة، ردا على القصف الإسرائيلي.
وقال رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، إن «الرد على المجزرة يجب أن يكون بالمضي قدما بالوحدة الوطنية، لأن العدو يعلم أن قوتنا في وحدتنا، ولا يمكن لأي شعب أن يكون تحت الاحتلال، إلا أن يكون موحدا على أسس واستراتيجيات واضحة لا تمس بالثوابت».
وشدد هنية، خلال كلمة ألقاها في صلاة الجنازة بالجامع الكبير في البريج، على ضرورة الإسراع في تطبيق خطوات المصالحة والرد على الجريمة بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، منتقدا السلطة في عودتها للتنسيق الأمني.
وتابع هنية: «واهم هذا العدو إن كان يعتقد بهذه المذبحة والمجزرة أنه قادر على أن يفرض قواعد اللعبة، يدنا أعلى وسيفنا بتار، وإرادتنا قوية، وعزيمتنا أقوى من هذا المحتل. واهم من يعتقد أنه قادر على خلط الأوراق أو تبديل الأولويات... والأولويات واضحة، على رأسها المقاومة وسلاح المقاومة. وتحدث هنية عن الوحدة الفلسطينية، وقال: لقد «مضينا بها وسنمضي بها. وأقول لا يمكن لشعب تحت الاحتلال أن ينتصر، إن لم يكن موحدا على رؤية وأسس واستراتيجيات وعلى رأسها خيار المقاومة الشاملة».
وجاء حديث هنية متزامنا مع تصريحات لعضو المكتب السياسي لحماس خليل الحية، الذي تحدث عن المقاومة الراشدة التي تعرف كيف تدير صراعها مع العدو.
وفي ظل هذه المواقف؛ الفلسطيني الرسمي، والمصري، وموقف حماس، وجدت الجهاد نفسها تحت ضغوط كبيرة، رافقها مسؤولية أكبر، حول صيغة الرد على إسرائيل مع تجنيب غزة حرب جديدة. وهي تدرك الجهاد أن جر غزة إلى حرب ستكون عواقبه صعبة، وأن عدم الرد قد يكون مأخذا ما، لكن بحسب مصادر مقربة منها، فثمة خيارات أخرى للرد.
وقالت مصادر، إن الحركة أوضحت لجميع الأطراف أنها تدرس خياراتها، وتحتفظ لنفسها بحق الرد.
وقال خالد البطش، القيادي في الجهاد الإسلامي، إن حركته لن تسمح للعدو بأن يغير قواعد الاشتباك، وأن يقتل ويقصف ويطلب مننا أن نكون عقلاء، مضيفا: «المقاومة صاحبة القرار».
وفي إسرائيل، سارعت القيادة السياسية والعسكرية إلى الإعلان بأنها ليست معنية بالتصعيد الحربي. وعللت عملية تدمير النفق بأنها دفاع عن النفس جرى في المقطع الواقع في الجهة الإسرائيلية من الحدود. ونفت أن تكون قد استخدمت غازات سامة أو أسلحة كيماوية.
وقال وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، في مؤتمر صحافي خاص بالحادث، إن «التدمير تم بطريقة خاضعة للرقابة». وأضاف: «لقد تم اكتشاف النفق بواسطة وسائل تكنولوجية في المنطقة التي، لم يتم حتى الآن، إنشاء الجدار فيها، بهدف شل عمل النفق». وتابع: «قيادة اللواء الجنوبي نفذت عملية تفجير مراقبة لنفق إرهابي تسلل إلى أراضينا مقابل خان يونس. أؤكد أن الانفجار تم في أراضينا، وحفر النفق في أراضينا هو انتهاك صارخ لكل الشروط المتعارف عليها. رغم المصالحة، بقي قطاع غزة مملكة للإرهاب». وقال إن الهجوم هو نتاج اختراق تكنولوجي، مضيفا أن إسرائيل «ليست معنية بالتصعيد».
ووصف الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، العميد رونين مانليس، حفر النفق نحو الأراضي الإسرائيلية بأنه «انتهاك صارخ للسيادة الإسرائيلية استلزم ردا عسكريا». وأضاف أن الجيش الإسرائيلي يعتبر حماس مسؤولة عن أي نشاط في قطاع غزة، ويعتقد أن المنظمة على علم بحفر النفق. ونفى مانليس الادعاءات بأن الجيش استخدم مواد كيماوية خلال التفجير. وقال إن «التفجير تم بشكل مراقب داخل الأراضي الإسرائيلية، ولم يتم استخدام مواد غير معروفة». وقال مانليس إن إسرائيل ليست معنية بالتصعيد، ولا توجد لدى الجيش أي مصلحة في المواجهة العسكرية مع غزة.
وقال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بداية اجتماع كتلة حزب الليكود، الليلة قبل الماضية: «كل من يحاول إلحاق الضرر بنا سنضر به، ونحن نرى في حماس المسؤولة عن أي محاولة للإضرار بسيادة إسرائيل، تخرج من أراضيها من قبل أشخاص خاضعين لسلطتها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.