قدم نادي ليفربول مستوى سيئا للغاية خلال الأسابيع الأخيرة للدرجة التي جعلته بمثابة «حالة اختبار» لقوة الفرق التي تواجهه. ورغم هذا المستوى المتراجع، أصر المدير الفني لنادي مانشستر يونايتد جوزيه مورينيو على اللعب بطريقة دفاعية بحتة خلال لقاء الفريقين على ملعب «آنفيلد»، وظل المدير الفني البرتغالي ينتظر اللحظة المناسبة حتى يندفع ليفربول للهجوم ويستغل هو الهجمات المرتدة، لكن ذلك لم يحدث وانتهت تلك المباراة المملة بالتعادل السلبي. وبالنظر إلى الحالة السيئة التي كان عليها ليفربول ونقاط الضغط الواضحة في خط دفاعه من جهة والأداء القوي الذي كان يقدمه مانشستر يونايتد قبل تلك المباراة من جهة أخرى، كان هناك شعور بعد المباراة بأن مانشستر يونايتد قد خسر نقطتين كانتا في المتناول.
وتعمق هذا الشعور بعد أسبوع واحد عندما استغل توتنهام هوتسبير نقاط الضعف الواضحة في خط دفاع ليفربول وسحقه بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد على ملعب ويمبلي. هذه ليست مقارنة مباشرة بين المباراتين بكل تأكيد، لأن اللعب على ملعب آنفيلد بالنسبة لمانشستر يونايتد يكون أصعب بالطبع من أن يلعب توتنهام هوتسبير على ملعبه، حتى ولو كان هذا الملعب هو ملعب ويمبلي، لكن ما ظهر جليا من هاتين المباراتين هو أن الانتظار حتى يرتكب الفريق المنافس خطأ هو أمر سلبي للغاية ولا يحقق النتائج المرجوة.
وبناء على ذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا كان مورينيو سلبيا إلى هذه الدرجة وهو يلعب أمام ليفربول في أسوأ حالاته؟ قبل عشر سنوات، اقترح المهاجم الأرجنتيني السابق خورخي فالدانو حلا لذلك، فبعد مشاهدته لمباراة مملة أخرى لمورينيو على ملعب آنفيلد، حين كان المدير الفني البرتغالي يقود تشيلسي وكانت تلك المباراة هي مباراة الإياب للدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا عام 2007. كتب فالدانو في صحيفة «ماركا» الإسبانية يهاجم هذا الأداء الممل من جانب لاعبي مورينيو قائلا: «يجب أن نعرف أن مورينيو ورفائيل بينيتيز (المدير الفني لليفربول في تلك المباراة) لم يلعبا كرة القدم من قبل، وهذا هو ما جعلهما يبثان كل هذه الأشياء التافهة إلى عالم التدريب. هؤلاء الذين لم يكن لديهم الموهبة للعب كرة القدم لا يؤمنون بالموهبة التي يمتلكها اللاعبون، ولا يؤمنون بالقدرة على الابتكار من أجل تحقيق الفوز. باختصار، قدرات بينيتيز ومورينيو في عالم التدريب هي نفس قدرات بينيتيز ومورينيو التي لم تمكنهما من احتراف كرة القدم كلاعبين».
والآن، لا يبدو هذا صحيحا على المستوى العالمي، فهناك أعداد كبيرة من المديرين الفنيين الذين لديهم خبرات محدودة أو ليس لديهم خبرات على الإطلاق كلاعبين محترفين لكنهم نجحوا في عالم التدريب وكانوا يجعلون فرقهم تقدم كرة قدم ممتعة للغاية مثل الإيطالي أريجو ساكي والأرجنتينبي مارسيلو بيلسا والألماني جوليان ناجلسمان. وفي نفس الوقت، هناك عدد كبير من المديرين الفنيين الذين كانوا لاعبين بارزين لكن بمجرد دخولهم عالم التدريب أصبحوا يعتمدون على طرق لعب بها قدر كبير من التحفظ والتأمين الدفاعي، مثل الإنجليزي جورج غراهام والإيطالي فابيو كابيلو والأرجنتيني دييغو سيميوني. وبالتالي، يمكن القول بأنه لا توجد علاقة مباشرة بين الطريقة التي كان يلعب بها المدير الفني عندما كان لاعبا والطريقة التي تلعب بها الفرق التي يتولى تدريبها بعد ذلك.
لكن ربما يختلف الأمر في حالة مورينيو، الذي يبدو دائما وكأنه يحاول مقاومة الإحساس بأنه دخيل على لعبة كرة القدم وبأنه لم يكن لاعبا محترفا، ويبدو هذا بصورة واضحة خلال احتفالاته التي يقلد فيها حركات اللاعبين عند إحرازهم للأهداف، مثل الركوض والتزحلق على ركبتيه والعديد من الحركات الأخرى التي يقوم بها اللاعبون. وقد استاء مورينيو، على سبيل المثال، عندما وصفه الرئيس السابق لنادي برشلونة الإسباني جوسيب لويس نونيز والصحافة المحلية الإسبانية بأنه «المترجم»، في إشارة إلى عمله السابق قبل أن يدخل عالم التدريب.
وعلاوة على ذلك، دائما ما يحاول مورينيو أن يقحم نفسه في المباريات والتأكيد على أنه ربما لا يكون داخل الملعب لكنه يشارك وكأنه واحد من اللاعبين، ويتضح ذلك من خلال تصريحاته عندما كان يشغل منصب المدير الفني لنادي بورتو البرتغالي والتي وصف فيها «الحديث إلى وسائل الإعلام» بأنه «جزء من اللعبة»، حيث قال: «عندما أذهب إلى المؤتمر الصحافي قبل المباراة، تكون المباراة قد بدأت بالفعل في عقلي. وعندما أذهب إلى مؤتمر صحافي بعد المباراة، فإن المباراة لم تنته بعد. وحتى لو انتهت المباراة، فقدت بدأت المباراة التالية بالفعل».
وقد تم تعزيز هذا الشعور بالاغتراب عندما تم تجاهله في قائمة المديرين الفنيين المرشحين لتولي تدريب نادي برشلونة الإسباني عام 2008. ورغم أن مورينيو قد صرح في الآونة الأخيرة بأنه رفض تدريب برشلونة، فإن مسؤولي النادي الإسباني يقولون عكس ذلك، حيث قال مارك انغلا، نائب رئيس برشلونة السابق: «إنه يشعر بالأسى من حقيقة أنه قد رُفض».
وإذا لم يتمكن مورينيو من أن يكون أحد اللاعبين، فيمكنه على الأقل أن يتحكم في اللاعبين! ويمكنه تكوين هيكل أو كيان ويؤكد أن الفضل في ذلك يعود إليه وأنه المايسترو الذي يحرك اللاعبين جميعا وليس مجرد لاعب داخل الملعب! ورغم النظرية التي تقول إن شعوره بالنقص لعدم لعبه كرة القدم يجعله في حالة رغبة دائمة في السيطرة على اللاعبين طوال الوقت، فقد اتهم مورينيو عندما كان يعمل في ريال مدريد وتشيلسي من قبل اللاعبين بأنه لا ينظمهم بشكل كاف في الناحية الهجومية، فهو يكتفي بتنظيم الجوانب الدفاعية فقط، ولا ينظم الأداء الهجومي بالشكل الذي يقوم به مديرون فنيون مثل أنطونيو كونتي أو جوسيب غوارديولا. وتكمن المشكلة في أن لاعبا مثل إيدن هازارد قد يشعر بوجود تنظيم واضح في أحد الجوانب وغياب هذا التنظيم في الجانب الآخر، وهو ما يجعله غير قادر على تقديم الحلول الإبداعية داخل الملعب رغم مهاراته وإمكانياته الكبيرة. وعلاوة على ذلك، أصبح من الشائع وصف مورينيو بأنه مدير فني برغماتي، لأنه يفكر في القيام بكل شيء من أجل تحقيق الفوز بغض النظر عن الشكل والأداء، كما ظهر خلال مباراة مانشستر يونايتد المملة أمام ليفربول.
وُصفت المباراة أمام ليفربول بأنها أول اختبار لمؤهلات مانشستر يونايتد للمنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكن الخطة التي انتهجها مورينيو في التعادل من دون أهداف في ليفربول أثارت تساؤلات حول قدرته على المنافسة هذا الموسم. وكان جدول المباريات كريما مع يونايتد ووفر له منافسين متوسطين في أول سبع مباريات واستغل فريق مورينيو ذلك فحقق ستة انتصارات وسجل 21 هدفا مقدما كرة قدم ممتعة. لكن في أول اختبار ضد أحد «الستة الكبار» تراجع يونايتد للدفاع تماما وكان ذلك بكل وضوح وفقا لتعليمات بعدم السماح لليفربول بأي مساحة وتقييد تحركات مهاجميه.
وكان المدرب البرتغالي نفى فكرة أن يكون فريقه قد خاض اللقاء أمام ليفربول في آنفيلد بهدف الحصول على نقطة التعادل مشيرا إلى أن التعادل السلبي جاء ليعكس نتاج خطط مدرب ليفربول يورغن كلوب أيضا وليس أسلوب لعبه وحده.
هل سلبية مورينيو نابعة من أنه كان لاعباً فاشلاً؟
قدرات المدرب البرتغالي في عالم التدريب هي نفسها التي لم تمكنه من احتراف كرة القدم
هل سلبية مورينيو نابعة من أنه كان لاعباً فاشلاً؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة