غرينبلات في تل أبيب ورام الله لبحث إيجابيات المصالحة الفلسطينية

واشنطن لنتنياهو: اتفاق القاهرة يحمل بشائر للجميع

TT

غرينبلات في تل أبيب ورام الله لبحث إيجابيات المصالحة الفلسطينية

على الرغم من المعارضة الإسرائيلية لاتفاق المصالحة، وصدور قرارات حازمة ضد الاتفاق عن المجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة الإسرائيلية، أعلن مسؤولون أميركيون في إدارة الرئيس دونالد ترمب، عن تأييدهم للمبادرة المصرية التي حققت المصالحة، واعتبروها خطوة إيجابية. وقال أحد هؤلاء لمراسلي الصحف الإسرائيلية في واشنطن، أمس الأحد، إن الاتفاق فتح بابا، ولو ضيقا، أمام الدخول إلى القطاع، وسيكون وضع الإسرائيليين والفلسطينيين أفضل مع هذا التطور.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة في تل أبيب، أن هذا الموقف انعكس، أيضا وبشكل عملي، في الزيارة التي يقوم بها المبعوث الرئاسي إلى الشرق الأوسط، جيسي غرينبلات، وشملت كلا من القاهرة وتل أبيب ورام الله، حيث التقى مع المسؤولين هناك، وتركزت محادثاته معهم في موضوع المصالحة.
وأكدت هذه المصادر أن جارد كوشنير، كبير مستشاري الرئيس، تحدث بنفسه مع أوساط قيادية في الشرق الأوسط حول المصالحة، بينهم قادة الحكومة الإسرائيلية. ويقول المسؤولون الأميركيون إن «البيت الأبيض ليس ساذجا ويعرف ما هي الصعوبات والعقبات التي تقف في وجه التطورات الجديدة، ويعرف تماما ما هي حماس وما هي أهدافها. لكنه يرى في عودة السلطة إلى قطاع غزة، على الرغم من أن حكمها سيكون جزئيا، فرصة قد تؤتي ثمارا إيجابية. وهم يؤيدون الرؤية المصرية بضرورة خوض التجربة حتى لو لم تكن مضمونة».
وحسب جهات إسرائيلية مطلعة على المحادثات الإسرائيلية الأميركية بهذا الشأن، فإن واشنطن ترى في الجهود المصرية للمصالحة، وما قد ينجم عنها من عودة للسلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، «تطورا يلائم خطة الرئيس دونالد ترمب، لطرح مبادرة أميركية لعملية سلام إقليمي شاملة، خلال أشهر».
وبدا أن المسؤولين الإسرائيليين ليسوا راضين عن هذه التقييمات. وهم يشيرون إلى تصريحات وتصرفات قادة حماس منذ التوقيع على اتفاق المصالحة في القاهرة، قبل أسبوعين، ليبددوا الآمال في حصول تغيير جدي. وقال مسؤول حكومي رفيع في تل أبيب، أمس: «نحن في إسرائيل لا نستطيع تجاهل ممارسات حماس، وخصوصا زيارة وفد رفيع منها إلى طهران وتصريحات رئيس الوفد، نائب رئيس الحركة صالح العاروري، بأن الزيارة هي ردهم على المطالب الإسرائيلية بقطع العلاقات مع طهران».
وكان غرينبلات نشر يوم الخميس، قبل سفره إلى القاهرة، رد فعل أول من الإدارة الأميركية على التوقيع على اتفاق مصالحة بين فتح وحماس. وقد شدد على أهمية عودة السيطرة المدنية والأمنية في غزة إلى السلطة الفلسطينية، وكرر موقف الولايات المتحدة الثابت منذ عام 2005، الذي يقضي بأن كل حكومة فلسطينية يجب أن تعترف بإسرائيل، وتهجر العنف، وتلتزم بالاتفاقات السابقة، بما في ذلك نزع سلاح الإرهابيين. وشدد البيان على أنه إذا كانت حماس تريد أن تكون جزءا من الحكومة الفلسطينية، فعليها أن تقبل هذه الشروط. وقد اعتبر الإسرائيليون هذا البيان مناصرا لموقفهم. وشددت الناطقة بلسان وزارة الخارجية في واشنطن، هايتر نورت، يوم الخميس الماضي، على القول بأن بيان غرينبلات لم يتضمن أي جديد، بل عبر عن سياسة أميركية مستمرة منذ سنين طويلة. «لسبب ما هناك أناس يبدو أنهم ناموا ولم يعرفوا بأن هذه هي سياستنا»، قالتها بتهكم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».