البطريرك الماروني: استمرار النزوح يولد الإرهاب

TT

البطريرك الماروني: استمرار النزوح يولد الإرهاب

أكد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، أن «وجود اللاجئين يشكّل خطراً سياسياً وديموغرافياً وأمنياً على لبنان»، معتبراً أن «رغبة المجتمع الدولي بتوطين اللاجئين يهدد الاستقرار في لبنان والمنطقة»، محذراً من أن «استمرار النزوح يسهم في توليد الإرهاب، وهذا يعني أن المجتمع الدولي يسهم في ذلك».
وقال الراعي في كلمة له، خلال زيارته الرعوية إلى أبرشية سيدة لبنان في ولاية لوس أنجليس الأميركية: «من حق كل اللاجئين إلى لبنان، المسيحيين والمسلمين العودة إلى أراضيهم وبلدانهم، من أجل المحافظة على ثقافتهم وحضارتهم وتاريخهم، نحن لسنا في مشكلة معهم، إنما ندعم قضيتهم الإنسانية والوطنية، ولكن استمرار وجودهم في لبنان يشكل عبئاً وخطراً سياسياً وديموغرافياً واقتصادياً وأمنياً».
ورأى أنه «إذا كان في نية المجتمع الدولي توطين اللاجئين في لبنان، فهذا أمر مرفوض من قبل جميع اللبنانيين وفي الدستور اللبناني، وهذا خطر كبير يهدد الاستقرار في المنطقة». وأضاف: «مع تضامننا الإنساني الكامل مع النازحين، لم يعد باستطاعة لبنان واللبنانيين تحمل مزيد من تداعيات النزوح».
وأشار البطريرك الماروني، إلى أن «المسيحيين طبعوا بثقافتهم الشرق وكانوا في أساس حضارته، وهم خلقوا الاعتدال الإسلامي وعززوه بفعل العيش الواحد مع المسلمين، وقد تبادلوا معاً الحضارة والقيم، وإذا فقد المسيحيون تأثيرهم ودورهم في الشرق الأوسط سيفقد المسلمون الاعتدال»، معتبراً أن لبنان «يتميّز عن سائر دول الشرق الأوسط بسبب فصله الدين عن الدولة، وبفعل العيش المسيحي - الإسلامي المتوازن، وهذا ما يحول دون إمكانية حكمه من قبل أي طائفة أو سيطرتها عليه».
وخلال لقاء مع ممثلي الطوائف المسيحية والإسلامية في لوس أنجليس، استغرب الراعي من «طريقة تعامل المجتمع الدولي، الذي يكتفي بتهنئة لبنان على استضافته النازحين دون تحمل مسؤوليته كما يجب حيال ذلك». ولفت إلى أنه «إذا بقي النازحون لمدة أطول بفعل استمرار الحروب، فهذا يعني أن المجتمع الدولي يسهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة في تحضير إرهابيين وأصوليين في الشرق، وربما في لبنان، عبر تغافله عن القيام بواجبه». وقال: «الإرهابيون خرجوا من مجتمعات تعيش في البؤس والضياع والفقر، وباعوا نفوسهم للشر بعد غسل أدمغتهم واللعب على عصبياتهم التي لا تمت إلى أي دين سماوي بصلة».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.