الفلسطينيون يطالبون بريطانيا بالاعتذار في الذكرى المئوية لوعد بلفور

يستعدون لإحياء الذكرى بمسيرات وفعاليات ونشاطات تمتد لأسابيع

TT

الفلسطينيون يطالبون بريطانيا بالاعتذار في الذكرى المئوية لوعد بلفور

يصر الفلسطينيون على مطالبتهم للحكومة البريطانية بالاعتذار عما عرف باسم وعد بلفور، الذي كان صدر عن وزير الخارجية الأسبق آرثر جيمس بلفور في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1917، بإرساله برقية إلى زعيم الجالية اليهودية آنذاك ليونيل روتشيلد، يشير فيه إلى تأييد حكومة بريطانيا بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
ومع اقتراب الذكرى المئوية لهذا الوعد، يستعد الفلسطينيون لإحياء هذه الذكرى بمسيرات وفعاليات ونشاطات تؤكد على حقهم في فلسطين، وتطالب بريطانيا بتقديم اعتذار رسمي للشعب الفلسطيني لما حل به بسبب إجراءات الاحتلال طوال هذه السنوات. وطالب عضو المجلس الثوري لحركة فتح والمتحدث باسمها أسامة القواسمي، حكومة بريطانيا بالاعتذار للفلسطينيين عن هذا الوعد وجريمتها ضد الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين، الذين هُجّروا من أرضهم ووطنهم عنوة دون وجه حق، حسبما قال.
وأضاف في تصريح صحافي له، أنه على حكومة بريطانيا أن تعتذر عن وعد بلفور المشؤوم لا أن تحتفي بجريمتها، وفق وصفه. مضيفاً أن «آثار هذه الجريمة متواصلة ليومنا هذا، حيث اللجوء في المخيمات، وما نتج عن هذا الوعد المشؤوم من قتل وذبح ومجازر وتهجير شعب بأكمله». وتابع: «هذا الوعد مؤامرة شاركت فيها حكومة بريطانيا بشكل رئيسي مع المنظمات الصهيونية في العالم، لطمس هوية شعب أصيل يعيش فوق أرضه فلسطين منذ ستة آلاف سنة، وإقامة وطن مزعوم لليهود على أنقاض جماجمنا وتاريخنا وحضارتنا التي كانت منارة للعالم».
وأكد القواسمي أن إصرار حكومة بريطانيا على معاداة الشعب الفلسطيني من خلال تنظيمها لاحتفالية بمناسبة مرور مائة عام على الوعد المشؤوم، يحتم علينا رفع الصوت عاليا وبقوة بوجهها، من خلال الدعوة المباشرة لشعبنا الفلسطيني في كل أماكن تواجده للتظاهر ضد هذا الوعد، وضد إصرار بريطانيا على الاحتفاء بنكبتنا، ومطالبتها بالتكفير عن جريمتها ولو بالحد الأدنى، من خلال الاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس. كما جاء في تصريحه.
ودعت القوى الفصائل الفلسطينية إلى تنظيم أوسع حشد شعبي، ومشاركة كل القطاعات والشرائح من مختلف الأجيال في ذكرى مئوية وعد بلفور، رداً على استعدادات الحكومة البريطانية للاحتفال بذلك. وشدد بيان الفصائل على أهمية العمل على كل المستويات لرفع وتيرة المشاركة في الفعاليات التي من المقرر الإعلان عنها خلال الأيام القريبة المقبلة، وتصل ذروتها في الثاني من نوفمبر المقبل، وتستمر على مدار الشهر المقبل في كل المناطق الفلسطينية والشتات، لمطالبة بريطانيا بإلغاء تلك الاحتفالات، والاعتذار للشعب الفلسطيني.
واعتبرت دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية إعلان الحكومة البريطانية الاحتفال بالذكرى المئوية لوعد بلفور بأنه يصب باتجاه معاداة الشعب الفلسطيني، ويضع بريطانيا في المربع المعادي لقيم الحق والعدالة الإنسانية، خاصة أن وعد بلفور منذ صدوره وحتى اللحظة كرس قانون القوة والجور، ونكران الحقوق للشعوب. وقال زكريا الأغا رئيس الدائرة وعضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، إنه يتوجب على بريطانيا الاعتذار عن صدور وعد بلفور لا الاحتفال به، مؤكدا أن رفض بريطانيا الاعتذار، وإصرارها على تنظيم احتفالات مع مسؤولين إسرائيليين بالذكرى، سيقابله حراك فلسطيني رسمي من خلال مقاضاة بريطانيا، ومتابعة هذا الملف أمام المحاكم الدولية، إلا إذا تراجعت بريطانيا عن موقفها الرافض للاعتذار، وإقرارها بأن وعد بلفور كان خطأ تاريخا، وأن تصحيحه يتم من خلال الاعتذار للشعب الفلسطيني، وإعلان الاعتراف بدولته المستقلة كاملة السيادة، على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وطالب الأغا المجتمع الدولي برفع الظلم التاريخي عن الشعب الفلسطيني، ومحاسبة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني وانتهاكاتها لمبادئ الشرعية الدولية وقراراتها، وإلزامها بإنهاء احتلالها، والإقرار بحقوق الفلسطينيين التي أقرتها الشرعية الدولية، وتمكينه من العودة إلى دياره التي هجر منها عام 1948 وفق القرار 194 وتجسيد سيادته واستقلاله وإقامة دولته على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد طالب شخصيا بريطانيا في كلمة له بالأمم المتحدة في نهاية سبتمبر (أيلول) 2016 بريطانيا بأن تعتذر عن وعد بلفور، وأن تعترف بالدولة الفلسطينية. مشيرا حينها إلى معاناة الشعب الفلسطيني كثيراً بسبب هذا الوعد. ودعا عباس حينها بريطانيا لتحمل مسؤوليتها التاريخية والقانونية والسياسية والمادية والمعنوية لنتائج وعد بلفور، والاعتذار للشعب الفلسطيني لما حل به من نكبات وظلم، وتصحيح هذه الكارثة التاريخية ومعالجة نتائجها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.