روسيا تستعد لـ«مؤتمر الشعوب السورية»

موسكو تنفي قصف إدلب وتنتقد تحقيقات «الكيماوي»

TT

روسيا تستعد لـ«مؤتمر الشعوب السورية»

أكد دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، أن نقاشا جديا يدور حول فكرة تأسيس «مؤتمر الشعوب السورية» التي كشف عنها الروسي فلاديمير بوتين خلال منتدى «فالداي» الحواري الدولي في سوتشي، لكن الكرملين فضل «ضبط الحماسة». وقال: إنه من المبكر الحديث عن كيفية وموعد تأسيس ذلك الكونغرس.
وكان بيسكوف قال في تصريحات أمس: إنه «من السابق لأوانه الحديث عن متى وكيف سيتم تشكيل كونغرس الشعوب السورية»، موضحا أن «الرئيس بوتين أعلن خلال حديثه أمام منتدى (فالداي)، أن نقاشا جديا يدور حول تلك المبادرة وخطوطها العامة، وأن روسيا هي التي طرحتها»، وكرر ما قاله الرئيس بوتين بأن «تنفيذ هذه المبادرة سيكون على المدى الطويل، وسيساعد على إكمال عملية تطبيع الأوضاع في سوريا بطريقة مستدامة». وأشار إلى أن الرئيس بوتين تحدث عن وجود فهم للاتجاه العام الذي يمكن أن تتحرك فيه الأمور من أجل مواصلة البحث عن تسوية، وكيفية تفعيل ذلك بالتفصيل، وكذلك كيفية تنفيذ الخطة المناسبة.
وقال مصدر مطلع من العاصمة الروسية: إن فكرة عقد مؤتمر يشارك فيه ممثلون عن كافة فئات ومكونات الشعب السوري ليست فكرة جديدة، وكانت موسكو تدعو دوما إلى «حوار شامل لا يقتصر على مشاركة الأطراف السياسية والعسكرية المتناحرة، بل وممثلين عن المكونات الأخرى للشعب السوري، الاجتماعية والعرقية والدينية»، وأوضح أن «موسكو على قناعة بعدم إمكانية التوصل إلى حل ثابت يعيد الاستقرار المنشود إلى البلاد دون مشاركة واسعة لجميع الأطياف في تحديد مستقبل سوريا السياسي، على أساس توافق عام». وأكد المصدر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الدبلوماسية الروسية تستطلع بحذر مواقف جميع الأطراف إزاء فكرة تأسيس مؤتمر الشعوب السورية بصفته خطوة نحو الحل السياسي»، لافتاً إلى أن العمل سيستمر بالتوازي على أكثر من مسار «حيث ستعمل الدول الضامنة عبر منصة (آستانة) على حل مسائل مهمة تتعلق باستعادة الثقة بين الأطراف، مثل ملفات المعتقلين والمفقودين، وكذلك تثبيت وقف إطلاق النار نهائيا في مناطق خفض التصعيد»، واصفا نجاح عمل تلك المناطق «التحدي الأكبر الذي يواجه فكرة عقد المؤتمر السوري، والمضي لاحقا في الحل السياسي. وبحال النجاح فسيكون ممثلو تلك المناطق عامل مشاركة حاسم في المؤتمر». وقال: إن روسيا لا تعيش أي أوهام بشأن تحقيق نجاح سريع، لكنها تعلق الآمال على تقدم ملموس، وستبقى متمسكة بمسار المفاوضات في جنيف باعتباره الغطاء الدولي لمجمل الجهود على درب التسوية السورية، كما ستعزز تعاونها في هذا الشأن مع «الدول الضامنة» والقوى الإقليمية الكبرى، لضمان انخراط فاعل من جانب الجميع في المؤتمر.
ميدانياً، نفت وزارة الدفاع الروسية، أمس، اتهامات وجهتها وزارة الخارجية الأميركية بقصف القوات الروسية لمحافظة إدلب، وقال إيغور كوناشينكوف، المتحدث الرسمي باسم الوزارة: إن «الطيران الروسي لا يشن غارات على مناطق مأهولة»، متهما الولايات المتحدة بأنها تقوم بذلك وأنها «حققت انتصارا في مدينة الرقة بعد مسح المدينة عن وجه الأرض». ورأى كوناشينكوف، أن الولايات المتحدة اعترفت أخيرا بوجود سلاح كيماوي لدى تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي في إدلب. وبنى المسؤول الروسي استنتاجه انطلاقا من نص تحذير قال، إن الخارجية الأميركية نشرته على موقعها الرسمي تحذر فيها رعاياها من زيارة إدلب، وقال: إن الوزارة أشارت في التحذير إلى أن تنظيم «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقا) الناشطة في محافظة إدلب تستخدم الأسلحة الخفيفة والثقيلة والعبوات الناسفة والسلاح الكيماوي. وربط كوناشينكوف بين ما استنتجه من نص البيان على موقع الخارجية الأميركية، والهجوم الذي تعرضت له خان شيخون في 4 أبريل (نيسان) الماضي، مُلمحا إلى أن «النصرة» هي من نفذت الهجوم، وقال: إن الولايات المتحدة كانت حتى الآونة الأخيرة تتهم النظام السوري بذلك.
في سياق متصل، شنت الخارجية الروسية هجوما حادا، أمس، على لجان التحقيق الدولية في الهجمات الكيماوية في سوريا. وفي خطوة رأى فيها مراقبون محاولات ضغط روسية على اللجنة، قال ميخائيل أوليانوف، مدير قسم حظر انتشار الأسلحة بالخارجية الروسية: إن روسيا ستتخذ قرارها بشأن تمديد فترة عمل الآلية المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة فقط، بعد أن يقدم خبراء اللجنة تقريرهم حول الهجوم على خان شيخون. وينتظر أن تقدم اللجنة تقريرها في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وقال الدبلوماسي الروسي: إن استنتاجات الخبراء في اللجنة حتى الآن ليست مقنعة، وإن التحقيق الذي تجريه الآلية المشتركة في سوريا ليس مهنياً.
في شأن آخر، ثمن مجلس الدوما الروسي تحرير مدينة الرقة من «داعش»، لكنه أحال الفضل في ذلك إلى القوات الروسية وقوات النظام، وقال يوري شفيتكين، نائب رئيس لجنة الدوما لشؤون الدفاع في تصريحات أمس: إن «تحرير (قوات سوريا الديمقراطية) لمدينة الرقة لم يكن ممكنا لو لم تنفذ القوات الحكومية السورية بدعم من القوات الجوية الروسية عملياتها»، وأكد أن «تلك القوات هي من يقوم حصرا بالتصدي للإرهاب»، معبرا عن قناعته بأنها شغلت القوات الرئيسية للإرهابيين، وساهمت بهذا الشكل في تحرير الرقة، حسب قوله.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».