«الحشد» ينسحب من مناطق متنازع عليها بعد «انتفاضة كردية»

الأمم المتحدة قلقة من معلومات عن «تهجير قسري»... والأكراد يتحدثون عن فرار 100 ألف إلى أربيل والسليمانية

أكراد فروا من كركوك في موقع لإيواء النازحين في أربيل أمس (أ.ف.ب)
أكراد فروا من كركوك في موقع لإيواء النازحين في أربيل أمس (أ.ف.ب)
TT

«الحشد» ينسحب من مناطق متنازع عليها بعد «انتفاضة كردية»

أكراد فروا من كركوك في موقع لإيواء النازحين في أربيل أمس (أ.ف.ب)
أكراد فروا من كركوك في موقع لإيواء النازحين في أربيل أمس (أ.ف.ب)

انسحبت وحدات «الحشد الشعبي» من مناطق كردية متنازع عليها مع حكومة بغداد، في ظل أنباء عن «انتفاضة» يقوم بها الأكراد ضد وجود هذه القوات في مناطقهم، في حين أكدت مصادر أخرى أن انسحاب «الحشد» من كركوك وسنجار وخانقين جاء بناء على أمر من رئيس الوزراء حيدر العبادي، ويأتي في إطار اتفاق مع جزء من الأكراد، وتحديداً حزب «الاتحاد الوطني»، على إدارة مشتركة لبعض المناطق التي تتنازع عليها بغداد وأربيل.
ونقلت وكالة «رويترز» عن نوزاد هادي محافظ أربيل عاصمة إقليم كردستان قوله للصحافيين أمس أن نحو 18 ألف أسرة من كركوك ومدينة طوزخورماتو الواقعة إلى الجنوب الشرقي لجأت إلى أربيل والسليمانية. وقال أحد معاونيه لـ«رويترز» إن العدد الإجمالي للنازحين بلغ نحو 100 ألف فرد. وقال هيمن هورامي أحد كبار مساعدي رئيس الإقليم مسعود بارزاني في تغريدة على «تويتر» إن النازحين «فروا من عمليات نهب وظلم طائفي»
من فصائل «الحشد الشعبي». وقال مسؤولون في مجال الإغاثة في الأمم المتحدة إنهم تلقوا مزاعم بأن 150 منزلاً أحرقت وجرى تفجير 11 في طوزخورماتو وبأن مقار أحزاب تركمانية في كركوك تعرضت لهجمات.
وقالت بعثة المساعدة التابعة للأمم المتحدة في العراق في بيان: «تحث الأمم المتحدة حكومة العراق على اتخاذ كل الإجراءات لوقف أي انتهاكات وضمان حماية كل المدنيين ومحاكمة مرتكبي أعمال العنف والترهيب والتهجير القسري للمدنيين».
وتقع خانقين، التي يقطنها بالأساس أكراد شيعة، خارج الحدود الرسمية لإقليم كردستان العراق شبه المستقل في شمال البلاد. وتطالب حكومة الإقليم وحكومة بغداد المركزية بالسيادة عليها.
وجاء ذلك في وقت رحبت حكومة إقليم كردستان بالدعوة التي وجهها رئيس الوزراء العراقي للحوار يوم الثلاثاء بعد العملية العسكرية الواسعة للجيش العراقي واستعادته المناطق المتنازع عليها وضمنها كركوك. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بيان صادر عن حكومة الإقليم أن «مجلس الوزراء رحب بمبادرة السيد حيدر العبادي رئيس وزراء العراق الاتحادي الفيدرالي، لبدء الحوار مع حكومة الإقليم من أجل حل القضايا العالقة وفق الدستور، وضمن مبدأي الشراكة والتوافق».
وصدر موقف حكومة أربيل في وقت قال ناشطون أكراد إن المناطق المتنازع عليها مع بغداد تشهد منذ الليلة قبل الماضية «انتفاضة جماهيرية كردية» ضد «الحشد الشعبي» والقوات العراقية التي دخلتها يوم الاثنين بعد انسحاب قوات «البيشمركة» منها. لكن المتحدث باسم «الحشد الشعبي» النائب أحمد الأسدي قال أمس إن قطعات «الحشد» وقوات عراقية أخرى انسحبت من مناطق وسط كركوك استجابة لقرار أصدره العبادي. وقال الأسدي لوكالة الأنباء الألمانية إن «توجيهات القائد العام للقوات المسلحة واضحة. تم انسحاب قطعات الحشد الشعبي والقوات الأخرى من وسط كركوك بعد إتمام مهامها، وتم إسناد ضبط الأمن إلى قوات الشرطة المحلية، وحالياً القوات العراقية التي شاركت في عملية بسط الأمن في المدينة خارج كركوك». وأضاف أن «الانسحاب كان لكل القوات وليس للحشد فقط، وتسلمت الشرطة المحلية واجباتها داخل المدن».
وذكر أن «عملية مغادرة آلاف من المدنيين من منازلهم أمر طبيعي بعد دخول القوات العراقية لوسط كركوك، ونحن حرصنا على إعادتهم، ولكن هناك وسائل إعلام وفضائيات كردية تبث من أربيل أكاذيب، وتنشر أخباراً مضللة وكاذبة مفادها أن القوات العراقية في كركوك ستقتلكم إذا ما تمت عودتكم إلى منازلكم، وهذا كلام غير صحيح. جميع مكونات المدينة إخوة والقوات العراقية تعمل على حمايتهم».
وذكر أن قوات «الحشد الشعبي» وقوات الفرقة 16 في الجيش العراقي تسلمت مواقعها بعد انسحاب قوات «البيشمركة» من المناطق المتنازع عليها في سنجار وربيعة وسهل نينوى وسد الموصل وزمار ومناطق أخرى.
لكن مواطنين من داخل مدن كركوك وخانقين وسنجار وجلولاء (وهي من المدن المتنازع عليها) تحدثوا في اتصالات هاتفية مع «الشرق الأوسط» عن «اعتداءات ينفذها مسلحو الحشد وأفراد من القوات العراقية وبيمها حرق أعلام كردستان». قال هؤلاء إن هذه الممارسات «أدت إلى انتفاضة سكان هذه المناطق وطردهم للحشد من مناطقهم». وقال أحد هؤلاء: «استولى مدنيون على عجلات مدرعة تابعة للحشد الشعبي في خانقين وأعادوا رفع أعلام كردستان مجدداً»، مشيراً إلى سقوط ضحايا مدنيين. وقال مصدر آخر إن «كركوك شهدت أيضاً انتفاضة واسعة من قبل مواطنيها ضد القوات العراقية أسفرت عن انسحاب الحشد الشعبي إلى المناطق الجنوبية والغربية خارج المدينة وفي قاعدة كي 1 العسكرية، فيما لا تزال قوات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية تتمركز في مداخل المدينة».
وقال المواطن علي الأركوازي من مدينة خانقين لـ«الشرق الأوسط»: «منذ دخول القوات العراقية والحشد الشعبي إلى المدينة بدأوا بالاستهزاء بنا وبرموزنا ويعملون على النيل من كرامتنا كبشر، لذا تظاهرنا ضدهم وطلبنا منهم أن يخرجوا من المدينة، لكنهم عادوا مساء (أول من) أمس وكرروا استهزاءهم بالمدينة وأهلها فتظاهرنا ضدهم ورفع المتظاهرون شعارات (أخرجوا من مدينتنا) و(كلا كلا للعبادي وكلا للحشد) و(عاشت كردستان وعاشت البيشمركة)، لكنهم أطلقوا النار على المئات من شباب المدينة»، متحدثاً عن سقوط ضحايا ومصابين، وهو أمر لم تؤكده مصادر أخرى.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».