مؤتمر الإفتاء «المصرية» يحذر من نشر «الفتاوى الشاذة»

العيسى: يتعين مراعاة الفارق بين فتوى الأفراد وفتوى الدول

الدكتور العيسى على منصة حفل افتتاح المؤتمر يتوسط شيخ الأزهر ووزير الأوقاف المصري («الشرق الأوسط»)
الدكتور العيسى على منصة حفل افتتاح المؤتمر يتوسط شيخ الأزهر ووزير الأوقاف المصري («الشرق الأوسط»)
TT

مؤتمر الإفتاء «المصرية» يحذر من نشر «الفتاوى الشاذة»

الدكتور العيسى على منصة حفل افتتاح المؤتمر يتوسط شيخ الأزهر ووزير الأوقاف المصري («الشرق الأوسط»)
الدكتور العيسى على منصة حفل افتتاح المؤتمر يتوسط شيخ الأزهر ووزير الأوقاف المصري («الشرق الأوسط»)

واصل مؤتمر «دور الفتوى في استقرار المجتمعات»، الذي نظمته دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الافتاء حول العالم، أعماله أمس بالقاهرة، لليوم الثاني على التوالي. وشدد المشاركون خلاله على ضرورة «وقف نزيف الفتاوى من غير أهلها» والكف عن نشر «الفتاوى الشاذة»، ومحذرا من شيوع ظاهرة «الإسلاموفوبيا».
وثمن علماء مشاركون في المؤتمر كلمة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، التي ألقاها أول من أمس خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر. وقال الدكتور محمد البشاري أمين عام المؤتمر الإسلامي الأوروبي، رئيس الفيدرالية العامة لمسلمي فرنسا أمس، إن «كلمة العيسى لها أثر كبير، وشديد الأهمية في إلقاء الضوء على أهم القضايا التي يعاني منها العالم الإسلامي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مطالبة الشيخ عيسى بتوحيد الفتوى ووجود قانون لها، مطلب في محله للقضاء على الفتاوى التي تطلقها التنظيمات المتشددة من وقت لآخر».
حضر افتتاح المؤتمر العالمي الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، وعدد غفير من مفتي العالم الإسلامي ورؤساء جمعيات وهيئات إسلامية حول العالم وصل عددهم إلى 63 عالماً.
وخلال فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر أمس، أعلن الدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب في مصر، اقتراب البرلمان من إصدار قانون يمنع نزيف الفتوى من غير أهلها، من خلال إلزام الفضائيات بالكف عن نشر الفتاوى الشاذة، أو الصادرة عن جهات غير مؤهلة، أو التي تؤجج الصراعات بين المسلمين، والتصدي لظاهرة فتاوى التكفير والتطرف والإرهاب.
بينما دعا الدكتور مصطفى سيريتش المفتي العام السابق في البوسنة، علماء الأمة إلى التصدي ومعالجة الإرهاب الذي أوقع علينا ظلماً وزوراً وشوه صورة الإسلام تحت اسم الإسلاموفوبيا.
وكان الدكتور العيسى، قد أشار في كلمته أمام المؤتمر، إلى أن شتات الفتوى وعدم زمها بقانون ضابط وفعال ولا سيما ما يخص الشأن العام يعتبر معضلة تطرد سلبا ونعياً كُل يوم، ولهذا أثر كبير على سلم المجتمعات واستقرارها، ولا يقتصر ذلك على مجتمعات الدول الإسلامية؛ بل يتعداها لبلاد ما يسمى بالأقليات.
ولفت أمين عام رابطة العالم الإسلامي إلى أن كثيرا من الناس ضل في تيه بعض حاملي النصوص، فحسبوا العلم سرد مادتها المجردة في استظهار مذهل واستعراض خداع، يخبط خبط عشواء، كما فات بعضاً آخر، الفرقُ بين الفتوى العامة والخاصة، والتفريقُ بين خاصة الأفراد أنفسهم، لاختلاف الأحوال، كما فات كذلك مراعاة الفرق نفسه في الفتوى العامة، ولم يتيقظ بعض المفتين لأمر مهم، فغاب عنهم أن الاحتياط في فتوى الأفراد والمؤسسات الخاصة يختلف عن الاحتياط في فتوى المؤسسات العامة، ولا سيما شأن الدول؛ فقاعدة رفع الحرج وعموم البلوى تكتنف هذا المحل أكثر من غيره، وسطحية النظر تغفل عن ما يكابده، وما أهون الحرب على النظارة.
مضيفاً أن رعاية جميع ما سبق يصب في مصلحة استقرار المجتمعات وإلفها، التي تتناولها محاور هذا المؤتمر، ويتعين لهذا التصنيف العالي من الفتاوى تخصيص إمام فتوى عام لا يزاحم أو ردها لفتوى مجمعية، مع المنع البات من تطرق غيرهم لها، في إطار الحماية القانونية لحظ الصالح العام، مع تكييف اختراق هذا الحمى بالعمل الجنائي، حيث تخطى سقف حرية الرأي العلمي إلى مداهمة استقرار المجتمع بانتحال اسم الشرع وهو - هنا - في طليعة الأفعال الضارة، ومتى أفضت الحرية إلى هذا النوع من السطو، استحالت لفوضى وجناية عامة في ظرف مشدد، مؤكداً أن «هذا كله لا يصرف العالم عن العناية أيضاً بفتوى الأفراد، فلها ارتباط كذلك بالاحتياط لحكم الشريعة مع التأليف عليه».
عن فائدة الفتوى المجمعية، قال أمين عام رابطة العالم الإسلامي: ما أحسن الوصال والتنسيق - عند الاقتضاء - مع الدول ذات التجانس والتقارب لتوحيد الفتوى ما أمكن الحال، وكلما اتحد حكم الشريعة في نظر المجتهدين فيما تمس الحاجة لضبطه، كان أكثر تأثيراً ونفعاً، والمدخل الآخر على مجمعية الفتوى هو تضاربها مع مجمع آخر، وهذا لا بد له من نظر ومعالجة؛ وإلا زاد الزمانة علة، وما أصعب الاختلاف في فهم أطر الدين متى تجاوز إطار سعته المسموح بها، وأفضى إلى الشر والنزاع والتشويش، وما شكوى سنة الإسلام اليوم؛ إلا من كثرة الرؤوس في رسمية مرجعيتها العلمية، فكيف بتطفلها وعشوائيتها؟
موضحاً أنه وصلاً لقانون الفتوى في هذا المعنى يتعين تجريم الاختلاف على فتوى الإمام الجامع للأمة على جادة تآلفها، وإذا كان المخالف ينشد براءة الذمة فقد برئت بفتوى المؤهل وبكف كل مخالف له بسياسة المانع الشرعي والزاجر القانوني، وكثير ممن يخالف ويجازف في هذا لا يخلو من دافع مستجر، أو هوى متبع، ومن جعل علمه غرضاً للأهواء اضطرب ديناً ودنيا، وتبقى السعة العلمية في هذا الخصوص بعينه في أروقة الدراسات الأكاديمية والمؤلفات العلمية لا في أوساط عموم الناس.
ودعا في كلمته علماء ومفتي العالم لحماية حمى الفتوى من تصنيف الترخيص لها على الموضوعات مع التحفظ على الفتاوى الحية حيث لا مجال للتدبر ولا التحرير، وشرع الله لا يلقى جزافاً على الهواء، وهو أول ما يستفرغ له الوسع، دراسة وتأملاً ومراجعة، فضلاً عما في تلك الفتاوى الطائرة من استدراج المفتي بحبائل الاستفتاء، وكم لكثير منهم من وقائع ذات مخاطر ومزالق، ولئن مضت في زمن سابق ليُسر الحال وبراءة السؤال، فالحال اليوم تختلف.
وأشاد حضور المؤتمر أمس، بما جاء في كلمة الشيخ العيسى، وقال الدكتور البشاري على هامش فعاليات المؤتمر أمس، إن «ما جاء في كلمة الشيخ العيسى يصب في مصلحة استقرار المجتمعات، خاصة في أنه يجب تخصيص إمام عام للفتاوى»، مضيفاً: أن مطالبته بتوحيد الفتوى ووجود قانون لها، مطلب في محله للقضاء على الفتاوى المتشددة التي تطلقها الجماعات المتشددة من وقت لآخر... وهذه الفتاوى هي التي يغري بها «داعش» الشباب.
وقال البشاري إن «الشيخ العيسى مهد الطريق أمام من يتصدى للفتوى بأنه يجب عليه التيسير والتخفيف، عن طريق عدم إهمال النص أو الواقع، وهو حديث في محله حتى يستطيع من يتصدى للإفتاء أن يجيب على جميع التساؤلات في كل الأزمة».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.