رئيس الفلبين يعلن تحرير مراوي من قبضة «داعش»

مجموعة من المسلحين تحتجز 20 رهينة

الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي يلتقط صورة تذكارية مع أفراد من الجيش عقب إعلان تحرير مدينة مراوي في جنوب البلاد أمس (رويترز)
الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي يلتقط صورة تذكارية مع أفراد من الجيش عقب إعلان تحرير مدينة مراوي في جنوب البلاد أمس (رويترز)
TT

رئيس الفلبين يعلن تحرير مراوي من قبضة «داعش»

الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي يلتقط صورة تذكارية مع أفراد من الجيش عقب إعلان تحرير مدينة مراوي في جنوب البلاد أمس (رويترز)
الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي يلتقط صورة تذكارية مع أفراد من الجيش عقب إعلان تحرير مدينة مراوي في جنوب البلاد أمس (رويترز)

أعلن الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي تحرير مدينة مراوي في جنوب البلاد من قبضة متشددين موالين لتنظيم داعش أمس، على الرغم من أن مجموعة من المسلحين لا تزال تحتجز 20 رهينة.
وقال دوتيرتي متحدثاً إلى الجنود في مراوي بعد مقتل زعيمين للمتشددين إن القتال انتهى، مؤكداً أن الوقت قد حان لعلاج المصابين وإعادة إعمار المدينة الواقعة في جزيرة مينداناو، التي يبلغ عدد سكانها 200 ألف نسمة.
وأضاف الرئيس الفلبيني: «أعلن تطهير مدينة مراوي من الإرهابيين وهو ما يمثل بداية للإصلاح».
وقال المتحدث باسم الجيش رستيتوتو باديلا لقناة «إيه إن سي» الإخبارية إن ما بين 20 و30 متشدداً ما زالوا يقاومون ويحتجزون نحو 20 رهينة، مؤكداً في الوقت ذاته أن «المتشددين المتبقين لا يمثلون تهديداً».
وأضاف: «لا يمكن أن يخرجوا أو أن يدخلوا بأي حال من الأحوال... وبالتالي فإن من المهم جداً أن تسحقهم قواتنا حتى الموت، وذلك لأنه تم احتواء المنطقة والسيطرة عليها بدرجة عالية جداً».
ويزور دوتيرتي قواته في هذه المدينة المسلمة، جنوب الأرخبيل، للاحتفال غداة إعلان الجيش عن اختراق كبير مع مقتل زعيم تنظيم داعش في جنوب شرقي آسيا إيسنيلون هابيلون في معركة بالمدينة.
وقال دوتيرتي في كلمة ألقاها بعد قليل على سماع انفجارات وإطلاق نار في المدينة: «سيداتي سادتي، أعلن مراوي محررة من نفوذ الإرهابيين، ما يعني بدء إعادة التأهيل».
وتابع فيما أدى تحية عسكرية لقواته «أعدكم أن هذا الأمر لن يتكرر».
ووقف دوتيرتي على مسرح في قاعة رياضية سقفها مدمر قرب لافتة تحمل صوراً كبرى للمسلحين القتلى. وبعد مغادرته التقط الجنود صوراً لهم أمام المبنى المتضرر، فيما رفع آخرون علم الفلبين على دبابة.
لاحقاً أوضح رئيس الأركان الجنرال أدواردو آنو أن القتال ما زال مستمراً ضد 20 إلى 30 مسلحاً ما زالوا في المدينة، معتبراً أن المواجهات تأتي في إطار «أعمال التمشيط». وقال آنو في بيان «بات بالإمكان اعتبار العدد القليل لما تبقى من العدو مسألة من قبيل تطبيق القانون، ولا تشكل تهديداً خطيراً يعرقل إعادة التأهيل».
كذلك أفاد نائب قائد القوة التي تواجه الإسلاميين الكولونيل روميو براونر، وكالة الصحافة الفرنسية، بسعي الجنود إلى إنقاذ نحو 20 رهينة.
ورداً على سؤال للصحافيين، إن كان إعلان دوتيرتي رمزياً قال براونر: «أجل، لأنه لا يسعنا القول إن (تلك المنطقة) مؤمنة تماماً».
وفي 23 مايو (أيار)، احتل مسلحون بايعوا تنظيم داعش بعض أنحاء مراوي، المدينة المسلمة الكبرى في الفلبين، حيث الأكثرية كاثوليكية، بعد محاولة فاشلة للأمن لاعتقال إيسنيلون هابيلون زعيم التنظيم الإرهابي. وتعرض المتمردون لحملة مستمرة من القصف الجوي المدعوم من الولايات المتحدة، ومعارك ميدانية طاحنة مع الجيش في المعركة الأطول التي تجري بالبلاد في منطقة سكنية منذ الحرب العالمية الثانية.
وأعلن الجيش أول من أمس مقتل هابيلون الذي كان على لائحة «أهم الإرهابيين المطلوبين» الأميركية خلال هجوم عسكري فجراً، إلى جانب عمر خيام ماوتي، أحد الشقيقين اللذين تحالفا مع هابيلون للسيطرة على المدينة. وأشار دوتيرتي إلى أن هابيلون قاد حملة لتنظيم داعش لإنشاء «دولة خلافة» في جنوب شرقي آسيا مع الهزائم الميدانية اللاحقة بالتنظيم في العراق وسوريا. وامتلأت شوارع مراوي برصاصات الرشاشات الفارغة والركام، فيما ما زال الجنود يلاحقون الماليزي محمود أحمد الذي يعتبر خليفة هابيلون المحتمل في المنطقة. وأعلن الجيش أنه بين ستة إلى ثمانية مقاتلين أجانب في منطقة المعارك التي تشمل 60 إلى 80 مبنى». وقال المتحدث العسكري الميجور جنرال رستيتوتو باديلا: «ما زال محمود أحمد واحداً من أهم أهدافنا في العمليات الجارية». وقال خبير الإرهاب أحمد كومار راماكريشنا من كلية «س. رجاراتنام» للدراسات الدولية في سنغافورة إن أحمد سيتولى حتماً في حال نجاته من المعارك قيادة المسلحين التابعين للتنظيم المتطرف في جنوب الفلبين. كما يعرف عن أحمد أنه محاضر جامعي في بلده ساعد على جمع المال من الخارج.
ويشكل جنوب الفلبين المضطرب معقلاً لعدد من العصابات المتطرفة التي أعلنت مبايعة تنظيم داعش، بما فيها جماعة أبو سياف وماوتي التي نفذت عمليات خطف مقابل الحصول على فدية. وأعلن الجيش الثلاثاء رفع مستوى الإنذار في جزء من جنوب الفلبين تحسباً لاعتداءات انتقامية ينفذها موالون للمسلحين. كما أكدت الولايات المتحدة أمس دعم الحملة النهائية للجيش الفلبيني في مراوي. وقالت الملحقة الإعلامية بالسفارة الأميركية مولي كوشينا لوكالة الصحافة الفرنسية: «ستواصل الحكومة الأميركية العمل مع القوات المسلحة الفلبينية في المراحل الأخيرة لهذه العملية، وتتطلع إلى التعاون في ضمان إعادة الاستقرار وإعادة التأهيل في مراوي».



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».