دي ميستورا في موسكو... و«جنيف 8» مرهون بـ«الرياض» و«آستانة»

برلمانيون: روسيا ستبقى في مناطق خفض التصعيد

TT

دي ميستورا في موسكو... و«جنيف 8» مرهون بـ«الرياض» و«آستانة»

يصل المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى العاصمة الروسية، اليوم الأربعاء، حيث سيجري محادثات مع وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والدفاع سيرغي شويغو. وقال دي ميستورا، في تصريحات للصحافيين، إنه سيبحث مع المسؤولين الروس سير العمل على تنفيذ اتفاق إقامة مناطق خفض التصعيد في سوريا، وكذلك «استئناف المفاوضات السورية في جنيف بموجب القرار (2254) الصادر عن مجلس الأمن الدولي».
وأكد مصدر من وزارة الخارجية الروسية لوكالة «تاس»، الزيارة، وقال إن المبعوث الدولي سيصل موسكو خلال الأسبوع الجاري. وقال مصدر مطلع من العاصمة الروسية لـ«الشرق الأوسط»، إن التحضيرات للجولة المقبلة من جنيف ستكون موضوعا رئيسيا على جدول المحادثات، لافتا إلى دخول العمليات ضد تنظيم داعش الإرهابي في سوريا مراحلها الأخيرة، وقال إن «هذه المستجدات تدفع إلى التحرك بفعالية أكبر في مجال التسوية السياسية للأزمة السورية». وأضاف أن «مناطق خفض التصعيد تشكل عاملا إيجابيا رئيسيا أيضا في هذا السياق»، لافتا إلى «الدور الرئيسي الذي تلعبه روسيا في هذا كله». وقال إن «لهذا السبب دي ميستورا سيأتي إلى موسكو، للتنسيق، قبل تحديد موعد الجولة المقبلة من جنيف»، وتوقع أن يزور المبعوث الدولي عواصم أخرى بعد موسكو.
في غضون ذلك رجح مصدر من وزارة الخارجية الروسية انعقاد الجولة المقبلة من المفاوضات السورية في جنيف خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبلة. وقال المصدر لوكالة «ريا نوفوستي»، إنه «من المخطط حاليا الدعوة للمفاوضات في نوفمبر»، لافتا إلى أن «الأمر رهن بمن سيمثل المعارضة في هذا اللقاء». وأشار إلى أنه «لم يتم بعد تحديد أعضاء وفد المعارضة». وتربط موسكو بين مفاوضات جنيف الدولية واللقاءات التشاورية بين الدول الضامنة في مسار «آستانة». وقال المصدر إن اللقاء بين الضامنين، روسيا وتركيا وإيران، متوقع في العاصمة الكازاخية يومي 30 - 31 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وقال السيناتور الروسي قسطنطين كوساتشوف، رئيس لجنة المجلس الفيدرالي للشؤون الدولية، إن تحديد موعد المفاوضات في جنيف رهن بأمرين، الأول المحادثات في آستانة، والثاني نتائج لقاء المعارضة السورية في الرياض. وقال إن لقاء آستانة قد ينعقد في 30 - 31 أكتوبر، وكذلك لقاء الرياض مرتقب نهاية أكتوبر أيضاً، في إشارة منه إلى الاجتماع الذي سيبحث خلاله ممثلو مختلف منصات المعارضة السورية مسألة تشكيل وفد موحد إلى مفاوضات جنيف.
من جانبه، قال وزير الخارجية الكازاخي خيرات عبد الرحمنوف في تصريحات أمس، إن «الدول الضامنة تواصل المشاورات المكثفة حول جدول أعمال وموعد اللقاء الجديد ضمن عملية آستانة». وأكد أنهم «وعدوا بالتأكيد في وقت قريب على الموعد الدقيق نهاية أكتوبر». وفي شأن متصل، قال مصدر مصري مقرب من أجواء التحضيرات للقاء آستانة، إن مصر مدعوة للمشاركة في اللقاء، وستشارك بصفة عضو مراقب.
إلى ذلك، قال مسؤولون من مجلسي البرلمان الروسي (الدوما والمجلس الفيدرالي)، إن العملية العسكرية الروسية في سوريا قد تنتهي نهاية العام الحالي، إلا أنها لن تقلص قواتها بعد ذلك، وستبقى بما في ذلك في مناطق خفض التصعيد.
وقال أندريه كراسوف، النائب الأول لرئيس لجنة مجلس الدوما لشؤون الدفاع، إن العملية ضد الإرهاب في سوريا قد تنتهي بحلول نهاية العام الجاري. ولفت إلى أن تقارير وزارة الدفاع الروسية تشير إلى تحرير 92 في المائة من الأراضي السورية من تنظيم داعش، ولم يتبق سوى 8 في المائة، «وسيشكل تحريرها المرحلة النهائية من العملية». وأضاف: «أعتقد أننا سنتمكن حتى نهاية العام الجاري ضمن الجهود المشتركة مع القوات الحكومية، والزملاء من إيران وتركيا، من القضاء على آفة القرن الحادي والعشرين». وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أعلن في مستهل زيارته أول من أمس إلى إسرائيل، أن العملية الروسية ضد الإرهاب في سوريا توشك أن تنتهي.
كما رجح السيناتور فرنتس كلينتسيفيتش، النائب الأول لرئيس لجنة المجلس الفيدرالي للدفاع والأمن، أن تنتهي العملية في سوريا نهاية العام الجاري، وقال في حديث لوكالة «إنتر فاكس»: «سننتهي من كل شيء على صلة بسوريا، ومع الإرهاب». وأكد أن روسيا بعد انتهاء هذه المرحلة لن تقلص قواتها في سوريا، وقال: «بالنسبة لمجموعة قواتنا العسكرية هناك، ستبقى لدينا قاعدة عسكرية، وأستبعد وجود حاجة لأي تقليص»، موضحا «توجد هناك 34 طائرة، ولا معنى لسحبها». أما السيناتور فيكتور أوزيروف فقد أكد أن القوات الروسية في مناطق خفض التصعيد ستبقى كذلك في سوريا لفترة ما من الزمن بعد انتهاء العملية ضد الإرهاب. وأعاد إلى الأذهان أن القوات الروسية في قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية موجودة هناك بموجب اتفاقيتين مع النظام السوري حول استخدام تلك القواعد لمدة 49 عاماً. ورجح أن «العسكريين الروس سيبقون في مناطق خفض التصعيد، لكن يستبعد أن يكون هذا لمدة طويلة». واستدرك بقوله إن «مثل هذا الأمر ممكن بحال إذا تقدمت القيادة السورية بطلب بهذا الخصوص إلى القيادة الروسية وقيادة الأركان».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.