مفاوضات لإخراج «داعش» والمدنيين من الرقة

اقتراح بانتقالهم إلى دير الزور من دون أسلحتهم

TT

مفاوضات لإخراج «داعش» والمدنيين من الرقة

بدأ مجلس الرقة المدني وساطة لضمان ممر آمن للمدنيين العالقين في جيوب ما زالت تحت سيطرة «داعش» في الرقة، بحسب ما أعلن التحالف الدولي بقيادة أميركا، في حين أشارت معلومات إلى أن المفاوضات تشمل أيضا إخراج عناصر التنظيم من المدينة التي تقترب «قوات سوريا الديمقراطية» من تحريرها، باتجاه دير الزور من دون أسلحتهم.
وأعلن التحالف الدولي بقيادة واشنطن في بيان ليل الثلاثاء، أن «مجلس الرقة المدني يقود محادثات لتحديد أفضل طريقة لتمكين المدنيين المحاصرين من قبل التنظيم من الخروج من المدينة، حيث يحتجز الإرهابيون مدنيين كدروع»، من دون تحديد الجهة التي يتم التفاوض معها.
من جهته، قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط» إن المفاوضات تجري بين غرفة العمليات التي تجمع التحالف و«قوات سوريا الديمقراطية» من جهة و«داعش» من جهة أخرى، وتحديدا عبر قيادي في التنظيم من جنسية أوروبية وأصول عربية موجود في الرقة، ذلك بهدف إخراج المدنيين من تبقى من عناصر التنظيم وعوائلهم إلى البوكمال والريف الشرقي لدير الزور. وأشار إلى أن دولة أوروبية عارضت أي اتفاق يؤدي إلى خروج هؤلاء العناصر لاعتقادها أن أحد الأشخاص المسؤولين عن هجمات باريس موجود داخل الملعب البلدي في مدينة الرقة، طالبين اعتقاله أو القضاء عليه.
وفي حين رفض مسؤولو مجلس الرقة المدني إعطاء تفاصيل أكثر عن المفاوضات، أشار الناشط في «تجمع الرقة تذبح بصمت»، أبو محمد الرقاوي إلى أن المفاوضات كانت بدأت قبل خمسة أيام وكان يفترض أن يبدأ تنفيذها قبل أن تتعثّر نتيجة رفض مجموعات من طرفي النزاع: «داعش» و«قوات سوريا الديمقراطية»، له، لافتا لـ«الشرق الأوسط»، «إلى أنه سجّل شبه توقف للمعارك في المنطقة منذ بدء هذه المفاوضات قبل خمسة أيام، والتي تقضي بخروج مسلحي داعش من دون أسلحتهم إلى البادية ودير الزور». وأشار أحد القياديين الميدانيين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى حالة من «الهدوء» عموماً في الرقة، رغم تنفيذ التحالف غارات على نقاط عدة.
وتحدث عبد الرحمن عن «حافلات نقل ركاب كانت متوقفة حتى وقت متأخر من ليل الثلاثاء في مزارع الأسدية الواقعة شمال مدينة الرقة»، الأمر الذي أكده أيضا «الرقاوي»، لافتا كذلك إلى خروج أكثر من 400 مدني من المدينة خلال الأيام الأربعة الماضية.
ولا يزال التنظيم يسيطر على أكثر من نصف مساحة محافظة دير الزور (شرق). وتعد مدينتا البوكمال الحدودية مع العراق، والميادين، آخر أبرز معقلين له في البلاد، حيث يشهد محيطهما معارك عنيفة بين التنظيم وقوات النظام.
وقالت المتحدثة باسم حملة «غضب الفرات» جيهان شيخ أحمد لـوكالة الصحافة الفرنسية إن «ما يقارب 600 إلى 700 مرتزقة من داعش ما زالوا في المدينة، بالإضافة إلى ما بين 800 و900 جريح». وأفادت بمحاولة عناصر من التنظيم «التخفي» في صفوف مئات المدنيين الذين فروا من المدينة الثلاثاء.
وسبق أن شهدت مناطق عدة في سوريا حوصر فيها «داعش» مفاوضات مماثلة، أدت إلى انسحاب مقاتليه بعد استسلامهم لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، وهو ما حصل في العاشر من مايو (أيار) في مدينة الطبقة التي تقع على بعد نحو خمسين كيلومتراً غرب الرقة. كما انسحب التنظيم من مدينة منبج التي كان تعد أبرز معاقله في محافظة حلب (شمال)، بعد محاصرتهم من «قوات سوريا الديمقراطية» التي سيطرت على المدينة في أغسطس (آب) 2016.
وتم إجلاء المئات من عناصر التنظيم مع أفراد من عائلاتهم نهاية أغسطس من منطقة حدودية بين لبنان وسوريا إلى شرق سوريا، بموجب اتفاق مع «حزب الله» اللبناني. وقدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي وجود ثمانية آلاف شخص محاصرين في المدينة. وفر عشرات الآلاف منها منذ بدء المعارك.
وفي دير الزور، حيث من المتوقع أن ينتقل عناصر التنظيم في الرقة، يواجه «داعش» حاليا هجومين منفصلين في المحافظة الحدودية مع العراق، أحدهما تقوده «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم أميركي والثاني يقوده الجيش السوري بدعم روسي.
وعادت الاشتباكات أمس في مناطق قرب بادية الميادين، ولفت «المرصد» إلى أن قوات النظام وبعد فشلها في تحقيق تقدم في المدينة لجأت إلى توسيع المساحة التي تعتزم تطويقها من 3 جهات، وترك جهة نهر الفرات مفتوحة، لإجبار التنظيم على الانسحاب من شرق مدينة دير الزور إلى منطقة محكان نحو الضفاف الشرقية للنهر من المنطقة الممتدة، حيث تدور المعارك ضد «قوات سوريا الديمقراطية» التي تقود عملية «عاصفة الجزيرة».
وأشار «المرصد» أمس إلى قصف مكثف من قبل قوات النظام المتمركزة في بادية محكان مستهدفة الميادين وبلدات محكان والقورية والعشارة وصبيخان ودبلان في الريف الشرقي لدير الزور، بالتزامن مع غارات للطائرات الحربية الروسية والتابعة للنظام على مناطق في محيط حطلة، بالضفاف الشرقية لنهر الفرات، المقابلة لمدينة دير الزور.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».