«طالبان» تغيب عن محادثات في مسقط هدفها إحياء عملية السلام الأفغانية

مقتل 8 من عناصر الحركة بغارات أميركية

جنود أفغان بعد مواجهات مع «طالبان» في هيرات بغرب البلاد (إ.ب.أ)
جنود أفغان بعد مواجهات مع «طالبان» في هيرات بغرب البلاد (إ.ب.أ)
TT

«طالبان» تغيب عن محادثات في مسقط هدفها إحياء عملية السلام الأفغانية

جنود أفغان بعد مواجهات مع «طالبان» في هيرات بغرب البلاد (إ.ب.أ)
جنود أفغان بعد مواجهات مع «طالبان» في هيرات بغرب البلاد (إ.ب.أ)

قُتل ما لا يقل عن ثمانية من عناصر حركة «طالبان» في قصف جوي نفذته القوات الأميركية للمرة الأولى على إقليم باداخشان (شرق أفغانستان)، بعد سنوات من وقف الجيش الأميركي عملياته في المنطقة، طبقاً لما ذكرته وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء أمس الأربعاء. وجاء القصف الجوي في وقت نقلت فيه وكالة «رويترز» عن مسؤول أفغاني ومصدر بوزارة الخارجية الباكستانية أن ممثلين عن أفغانستان والصين وباكستان والولايات المتحدة سيجتمعون في سلطنة عمان الأسبوع المقبل، لبحث إحياء محادثات السلام مع متشددي «طالبان».
ولفتت «رويترز» إلى أنه لم يتضح ما إذا كان ممثلون عن «طالبان» سيشاركون في المحادثات. وقالت مصادر في هذه الحركة، إنهم لم يتلقوا دعوة ويعتزمون تفويت المحادثات التي ستجرى في مسقط يوم الاثنين، مما يلقي بظلال من الشك على جهود إحياء المفاوضات المتعثرة منذ وقت طويل.
وذكرت الوكالة أن مجموعة التنسيق الرباعية التي تضم أفغانستان والصين وباكستان والولايات المتحدة، تحاول تمهيد الطريق لإجراء حوار مباشر بين الحكومة الأفغانية و«طالبان»؛ لكنها حققت نجاحاً ضئيلاً.
وقال أمين وقاد، أحد المساعدين المقربين من الرئيس الأفغاني أشرف غني، والعضو البارز في مجلس السلام الأعلى: «سيشارك ممثلو المجلس والحكومة. وهو (اجتماع) مهم لأن ممثلي طالبان سيكونون هناك. سنمضي بخطة واضحة».
وأكد مسؤول كبير بوزارة الخارجية الباكستانية إجراء المحادثات يوم 16 أكتوبر (تشرين الأول). وأوردت «رويترز» أن السفارة الأميركية في إسلام آباد لم تعلق على النبأ.
وفشلت المحادثات والجهود الرامية لبدء المفاوضات بعد الإعلان في 2015 عن وفاة الملا محمد عمر، مؤسس حركة «طالبان» الذي ظل زعيماً لها لمدة طويلة، في 2013.
وقال قياديان كبيران في «طالبان» الأفغانية لـ«رويترز» طالبين عدم ذكر اسميهما، إن مجلس قيادة الحركة اجتمع أول من أمس الثلاثاء، وقرر عدم إرسال وفد إلى مسقط حتى إذا تلقت الحركة دعوة للمشاركة.
على صعيد آخر، قُتل ما لا يقل عن ثمانية من عناصر حركة «طالبان» في قصف جوي نفذته القوات الأميركية للمرة الأولى على إقليم باداخشان، بعد سنوات من وقف الجيش الأميركي عملياته في المنطقة، طبقاً لما ذكرته وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء أمس الأربعاء.
وذكر مسؤولون محليون أن غارات جوية استهدفت منطقة أرجستان بإقليم باداخشان مساء الثلاثاء. وأوردت وكالة الأنباء الألمانية أن قائد الشرطة الإقليمية عبد الخالق أقساي قال إن ثمانية على الأقل من عناصر «طالبان» قتلوا، مشيراً إلى أن القصف الجوي أدى أيضاً إلى جرح آخرين من الحركة. وأضاف أنه تم تدمير أسلحة وذخائر ومتفجرات كانت بحوزة المتمردين. وتابع أقساي بأنه تم استهداف المتشددين في قرية «جول بالا» وسط عمليات تطهير مستمرة للمنطقة من قبل قوات الأمن الأفغانية.
ولفتت الوكالة الألمانية إلى أن الغارات تأتي فيما عززت القوات الأميركية عملياتها ضد الإرهاب في أفغانستان، لا سيما عمليات القصف الجوي، خلال الأشهر الأخيرة.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».