أوجه التشابه بين كاتالونيا واسكوتلندا وكيبيك الكندية

أقاليم لديها مقومات الانفصال... لكن الحسم للعامل الاقتصادي

TT

أوجه التشابه بين كاتالونيا واسكوتلندا وكيبيك الكندية

في استفتاء اسكوتلندا في سبتمبر (أيلول) 2014 بدأت بعض الشركات الكبيرة والبنوك التلويح بأنها ستنقل مقراتها إلى خارج الإقليم؛ مما آثار مخاوف اقتصادية كبرى وعلامات استفهام حول ما قد يجنيه الاسكوتلنديون من منافع في حالة قرروا الانفصال عن لندن. هذه كانت بعض العوامل التي لعبت دورا في إقناع الناس بالتصويت لصالح البقاء ضمن المملكة المتحدة، كما أظهرت استطلاعات الرأي آنذاك. وهذا ما حصل أيضا في حالة إقليم كاتالونيا؛ إذ لوحت بعض الشركات هي الأخرى بنقل مقرها الرئيسي خوفا من أن تجد نفسها خارج سوق الاتحاد الأوروبي في حال انفصال الإقليم عن إسبانيا، وهذا الأمر يذكر أيضا بالوضع في مقاطعة كيبيك عندما وصل الانفصاليون إلى السلطة فيها عام 1976.
وقال ماريو بولاز، الأستاذ في المعهد الوطني للبحث العلمي في كيبيك، لوكالة الصحافة الفرنسية «هناك نقاط تشابه، وطبقة رجال الأعمال نادرا ما تؤيد هذا النوع من الانفصال. الأمر مرتبط جزئيا بقرار الشركات، إلا أن الابتزاز السياسي أو الاقتصادي» قد يلعب أيضا دورا.
وعندما فاز الحزب الكيبيكي بانتخابات المقاطعة في الخامس عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) 1976، أعربت المجموعة الناطقة بالإنجليزية عن قلقها الشديد كأقلية داخل المقاطعة، مع العلم أنها كانت تمسك بالوضع الاقتصادي فيها منذ خروج كيبيك عن السيطرة الفرنسية عام 1760.
وأضاف بولاز في تصريحه لوكالة الصحافة الفرنسية «بالنسبة للناطقين بالإنجليزية كانت الصدمة كبيرة عندما شاهدوا حزبا صغيرا لم يكن موجودا انتخابيا قبل سبعة أعوام، وهو يسيطر على السلطة ويعد بالاستقلال».
لم يكتف الحزب الكيبيكي بالدعوة إلى إجراء استفتاء حول الاستقلال فحسب، بل قام ابتداء من العام 1977 بتعزيز القانون الذي يجعل من اللغة الفرنسية اللغة الوحيدة الرسمية في المقاطعة. كما أصبحت الفرنسية لغة العمل في الغالبية الساحقة من الشركات الكبيرة، كما باتت لغة التعليم للمهاجرين الجدد.
وأمام الواقع الجديد «غادر نحو 200 ألف ناطق بالإنجليزية» المقاطعة خلال الأعوام الـ15 التالية ونقلوا معهم عددا كبيرا من الشركات التي كانوا يملكونها.
وبين يناير (كانون الثاني) 1977 ونوفمبر 1978 غادرت مونتريال نحو 263 شركة، حسب تعداد قام به مجلس أرباب العمل في كيبيك.
وفي يناير 1978 حصلت «المفاجأة الصاعقة» عندما نقلت شركة «سان لايف» للتأمين مركزها مع العاملين الـ800 فيها من مونتريال، حيث تم تأسيسها إلى تورونتو، مشيرة إلى المشاكل اللغوية التي تواجهها في كيبيك الناطقة بالفرنسية.
ولم يقتصر الأمر على «سان لايف»؛ إذ قام مصرف مونتريال بنقل غالبية نشاطه الإداري إلى تورونتو مع أنه أبقى شكلا مقره الرئيسي في مونتريال.
ورغم الهزيمة الكبيرة للانفصاليين خلال الاستفتاء في كيبيك الذي جرى في العشرين من مايو (أيار) 1980، فإن الوضع لم يتغير كثيرا: فقد حلت تورونتو مكان مونتريال كعاصمة اقتصادية لكندا حتى أنها باتت أكبر مدينة في البلاد استنادا إلى التعداد السكاني الذي جرى عام 1981.
وبدأت مونتريال مرحلة تدهور اقتصادي كارثية، وكانت الطامة الكبرى عام 1997 عندما تخلت بورصة مونتريال عن المبادلات لأسهم الشركات لبورصة تورونتو. وبعد عشر سنوات تم الاتفاق على دمج البورصتين في بورصة واحدة.
وأضاف بولاز «إن الوضع في كيبيك في تلك الفترة كان مختلفا جدا عن الوضع في كاتالونيا؛ لأن ما كان موجودا في كيبيك كان شبه استعمار».
وتابع: «مع أن ثلثي سكان مونتريال كانوا من الناطقين بالفرنسية، لم يكن بالإمكان مشاهدة مظاهر فرانكفونية في المدينة، فاللافتات كانت جميعها بالإنجليزية، ولغة الأعمال كانت الإنجليزية، وكانت الأقلية الناطقة بالإنجليزية تسيطر تماما على الوضع الاقتصادي».
وأضاف بولاز «الفرق الكبير بين كاتالونيا وكيبيك، أن أي شركة فرانكفونية لم تقم بنقل مقرها الرئيسي من كيبيك حتى في أصعب الظروف» مع أن غالبية أصحاب هذه الشركات كانوا معادين للاستقلال.
إلا أن الأمر حصل عام 1995 لدى إجراء الاستفتاء الثاني الذي خسره الانفصاليون في كيبيك بفارق صغير، والسبب أن طبقة جديدة من رجال الأعمال الفرانكفونيين كانت ظهرت في المقاطعة وسيطرت على مقاليدها الاقتصادية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».