الأمم المتحدة تبدأ حملة لمساعدة آلاف المهاجرين في صبراتة

TT

الأمم المتحدة تبدأ حملة لمساعدة آلاف المهاجرين في صبراتة

قالت منظمتان تابعتان للأمم المتحدة، مساء أول من أمس، إنهما تحاولان تقديم المساعدة لأعداد كبيرة من المهاجرين، العالقين في مدينة صبراتة الليبية، بعد اشتباكات بين فصائل متنافسة للسيطرة على المدينة، التي تعد مركزا لتهريب البشر.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة، إن أربعة آلاف مهاجر على الأقل، بينهم حوامل وأطفال حديثو الولادة وآخرون، ليس لديهم عائل نقلوا من مخيمات ومراكز إيواء غير نظامية إلى مستودع بالمدينة منذ انتهاء الاشتباكات يوم الجمعة الماضي، فيما قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إن قرابة 6 آلاف شخص كانوا محتجزين في تلك المواقع غير النظامية.
بدوره، قال صديق الجياش، رئيس لجنة الطوارئ في مدينة زوارة، إن مئات المهاجرين الذين تركوا صبراتة وصلوا إلى المدينة التي تبعد نحو 25 كيلومترا إلى الغرب سيرا على الأقدام على الشريط الساحلي، موضحا أن نحو ألف و700 مهاجر موجودون حاليا في زوارة في حاجة ماسة للمساعدة.
وتعد صبراتة أشهر نقطة انطلاق لمهاجرين، أغلبهم من أفريقيا جنوب الصحراء، يسعون لعبور البحر المتوسط في قوارب من ليبيا.
لكن عدد رحلات العبور انخفض كثيرا منذ يوليو (تموز) بعدما عقدت جماعة مسلحة اتفاقا مع مسؤولين من الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، لوضع حد لهذه الظاهرة تحت ضغط من إيطاليا ودول أخرى بالاتحاد الأوروبي. وأدى ذلك إلى نشوب قتال استمر ثلاثة أسابيع بين الفصائل المتصارعة انتهت بانسحاب الجماعة المسلحة.
وفي هذا السياق، ذكرت وزارة الصحة أن أحدث اشتباكات أدت إلى مقتل 43 شخصا على الأقل وإصابة 340. فيما قال مسؤولون محليون إن هناك مهاجرين محتجزون في مواقع كانت تحت سيطرة الجماعة.
وقال عثمان البلبيسي، رئيس المنظمة الدولية للهجرة بعثة ليبيا: «يساورنا قلق بالغ إزاء الأعداد الكبيرة للمهاجرين، الذين علقوا خلال أحداث صبراتة الأخيرة».
وجرى نقل بعض المهاجرين إلى مراكز إيواء في أماكن أخرى بغرب ليبيا، تقع شكليا تحت سيطرة الحكومة في طرابلس. وبهذا الخصوص قال مسؤولون بالمنظمة الدولية للهجرة إن هذه المراكز التي تضم نحو خمسة آلاف مهاجر معرضة لخطر التكدس مع وصول مهاجرين جدد.
وعادة ما تكون الظروف في هذه المراكز سيئة وتنتشر فيها الانتهاكات، ولذلك «أصبح إيجاد بدائل لمراكز الإيواء ضرورة. وفي أثناء ذلك لن تتوانى المنظمة الدولية للهجرة عن توفير المساعدات الإنسانية المباشرة والمساعدات الصحية والنفسية والاجتماعية لتلبية الاحتياجات العاجلة لآلاف المهاجرين المتضررين»، حسب تعبير البلبيسي.
وكانت مصادر محلية قالت في السابق إن ما يقدر بنحو عشرة آلاف مهاجر محتجزون في منطقة صبراتة، بينما شدد رئيس مكتب مكافحة الهجرة غير الشرعية في صبراتة لوكالة «رويترز» للأنباء، على أن هناك حاجة لتقديم مساعدة عاجلة، لأن بعض المهاجرين لم يحصلوا على غذاء أو ماء منذ ستة أيام.
وتقول مفوضية اللاجئين إنها اتصلت بالسلطات الليبية للتأكد من إطلاق سراح اللاجئين الذين كانوا ضمن المهاجرين.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.