قد ينصرف الفرنسيون عن خطاب السياسة، ولا يعيرون كثيرَ الانتباه لحديث الصفقات الاقتصادية، لكنّهم جميعاً يهتمون بحدث ثقافي يخاطب ميلهم نحو المعرفة، وتتبّع ما أنتجته الحضارات من فنون عبر العصور. والحدث، هذه المرّة، جاء من السعودية، عبر معرض جميل تقيمه مؤسسة «مسك» الخيرية في باريس، برعاية من بعثة المملكة في منظمة اليونيسكو.
افتُتح المعرض بحضور شخصيات ثقافية ودبلوماسية من مختلف الجنسيات، تتقدمهم المديرة العامة لليونيسكو إيرينا بوكوفا، وسامح شكري وزير الخارجية المصري، وجاك لانغ رئيس معهد العالم العربي، وكان في استقبالهم خالد العنقري السفير السعودي في فرنسا، وإبراهيم البلوي مندوب المملكة لدى اليونيسكو، بالإضافة إلى بدر العساكر الأمين العام لمؤسسة محمد بن سلمان «مسك الخيرية».
يقدم معرض «طريق البخور» نخبةً من الأعمال الفنية السعودية المعاصرة، يحمل كل منها رسالة ينوي إيصالها إلى بر الأمان، حيث يحاول الفنانون المشاركون السير على خطى قبائل العرب، عندما كانت القوافل تنطلق في شبكة متقاطعة من الطرق، حاملة البخور والمرّ واللبان، تواجه الأهوال لتشق عباب الصحراء العربية، وتصل إلى وجهتها سالمة. ثم كانت تلك القوافل تعود من رحلاتها بعد أن احتكّت مع مختلف الشعوب والثقافات. ما الذي يمكن لمعرض مثل هذا، يضم 36 عملاً لفنانات وفنانين من السعودية، أن يقدم لزائر يطل من الألفية الثالثة؟ الحقيقة أنّ المعرض الذي يبدو، للوهلة الأولى، وكأنّه يستعرض الماضي، إلّا أنه يكشف هموماً جديدة تبحث عن قيمة الإنسان في عصر الانفتاح، ويُسائل أشكالاً جديدة لطريق البخور ومساربه البديلة التي سمحت بها التقنيات الحديثة، وتمخضت عنها المدنية المعاصرة. في دليل المعرض، يمكننا أن نقرأ السؤال التالي: «إلى أين تمضي التقنيات المستجدة بالسعوديين وبغيرهم من الشعوب؟». الجواب هو أنّ معرضاً مثل هذا يتيح إعادة التفكير بمفهوم الاختلاف الثقافي وجدوى الدّفاع عنه، وهل كان الماضي بتقاليده وأعرافه الاجتماعية وما يمثله من تكوين للهوية، سبباً من أسباب التفرد أم عائقاً أمام الانسجام بين أجناس البشر؟ إنّ ما نراه من لوحات في المعرض يمكن تشبيهها بأعواد البخور، حيث تسعى لتقديم أعمال فنانين يشعلون أثمن ما يملكون: مشاعرهم لكي تفوح وتترك أجمل الأثر.
إن أهمية إقامة هذا المعرض في باريس تكمن في أنّه يسعى إلى نشر الرسالة التي تبناها «معهد مسك للفنون»، وهي مؤسسة فنية جديدة تركز على توظيف الفن كوسيلة للتطور والتبادل الثقافي وتعزيز التفاهم بين الشعوب. ويعد هذا المعهد إحدى مبادرات مؤسسة «مسك الخيرية» التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي.
وهدف المؤسسة إنشاء برامج متنوعة من شأنها تعزيز الاستدامة في النمو المعرفي والثقافي في المملكة. وهو المعهد الأول من نوعه في المملكة الذي يرعى برامج الفنون المعاصرة وإتاحتها لعموم الناس في المملكة.
يشارك في المعرض كل من عبد الله العثمان وفهد القثامي وميساء شلدان ومروة المقيط ومساعد الحليس ونجود السديري ونورة العيسى وراشد الشعشعي وطلال الزيد وطرفة فهد وناصر السالم.
«طريق البخور» معرض سعودي يخاطب الفرنسيين بلغة الفن
تقيمه مؤسسة «مسك» في اليونيسكو
«طريق البخور» معرض سعودي يخاطب الفرنسيين بلغة الفن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة