وساطة خجولة لمنع مواجهة «قواتية» ـ «كتائبية»

سمير جعجع (أ.ف.ب) ......سامي الجميل (أ.ف.ب)
سمير جعجع (أ.ف.ب) ......سامي الجميل (أ.ف.ب)
TT

وساطة خجولة لمنع مواجهة «قواتية» ـ «كتائبية»

سمير جعجع (أ.ف.ب) ......سامي الجميل (أ.ف.ب)
سمير جعجع (أ.ف.ب) ......سامي الجميل (أ.ف.ب)

تشهد العلاقة بين حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية»، التي تدهورت بعد تبني رئيس «القوات» سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، توتراً غير مسبوق، على خلفية اتهامات واضحة وجهها أخيراً رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميل لـ«القوات» بالتخلي عن المبادئ السياسية والسيادية لصالح منطق المحاصصة، وتحقيقاً لمصالح شخصية، الأمر الذي دفع القواتيين للرد بحزم على هذه الاتهامات، ما انعكس سلباً على الوساطات التي كانت مبذولة لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، تمهيداً لمرحلة الانتخابات النيابية المقبلة.
وطالما كان الصدام قائماً بين جعجع والجميل الابن، منذ استلام الأخير رئاسة «الكتائب» من والده رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل، مع العلم بأن ما يجمع الحزبين منذ انتهاء الحرب الأهلية رؤية سياسية مشتركة، تبلورت مع مرور السنوات إلى حد التطابق في عام 2005، بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وانضوائهما إلى جانب أحزاب أخرى، منها «تيار المستقبل»، في تجمع ما بات يعرف بـ«قوى 14 آذار». وحالياً، يعارض الحزبان سياسة «حزب الله»، وتمسكه بسلاحه، كما قتاله في سوريا، إلا أن قرار «الكتائب» عدم المشاركة في الحكومة، مقابل مشاركة فاعلة لـ«القوات» في السلطة، أبعد الطرفان عن بعضهما بعضاً، ما ساهم بتنامي الخلافات مع مرور الوقت.
وقد بلغ السجال بين الحزبين أوجه الأسبوع الماضي، ما أثر بحسب الأمينة العامة لحزب «القوات اللبنانية»، شانتال سركيس، على «مساع كان يبذلها قواتيون وكتائبيون لرأب الصدع بين الحزبين»، لافتة إلى أن «المواقف الأخيرة التي أطلقها الجميل تركت صدى سلبياً لدى القاعدتين الكتائبية والقواتية على حد سواء».
ومن جهته، استهجن عضو المكتب السياسي في حزب «الكتائب اللبنانية»، سيرج داغر، اتهام النائب الجميل بتوجيه سهامه أخيراً لحزب «القوات»، والتعاطي مع الموضوع من منطلق شخصي، لافتاً إلى أن «الاختلاف بوجهات النظر مستمر بين الحزبين منذ انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، باعتبار أن (القوات) كان يراهن على أنّه بذلك يأتي به إلى الحيادية والوسطية، وقد تبين أن رهانه خاطئ تماماً، خصوصاً أن الرئيس عون يغطي اليوم أكثر من أي وقت مضى سلاح (حزب الله)، فيما وزير الخارجية جبران باسيل لا يتردد بلقاء وزير خارجية النظام السوري المتهم المدان من قبل القضاء اللبناني».
وأكد داغر لـ«الشرق الأوسط» أن «مجرد وجود (الكتائب) في صفوف المعارضة، و(القوات) في السلطة، من شأنه أن يترك أثره على العلاقة بيننا، من منطلق أننا نقوم بواجبنا، بالاضاءة على ملفات فساد، وعلى سوء إدارة، كما على تقاعس في مكان ما، وبالتالي هجومنا يطال الحكومة ككل، التي يشكل وزراء (القوات) جزءاً منها»، مشدداً على أنّه على الرغم من الخلاف المستمر بين الطرفين، فإن ذلك لا يعني انقطاع التواصل أو القطيعة.
وتُبذل حالياً وساطات خجولة لاحتواء التطورات الأخيرة بين الحزبين، ومنع وصول الأمور بينهما إلى نقطة اللاعودة. وفي هذا السياق، قالت سركيس لـ«الشرق الأوسط»: «حالياً، لا يزال هناك بعض سعاة الخير الذين يعملون على تخفيف وطأة كلام الجميل، لكن للأسف الموضوع بات يتكرر، والجميل يحاول دوماً بث الجو نفسه لجهة أننا نتنازل عن السيادة مقابل مصالحنا مع التيار الوطني الحر، وهذا كلام لا يمت للحقيقة بصلة، فنحن لم نساوم يوماً على المبادئ، وتقاربنا مع التيار لم يكن إلا من باب أولوية المصالحة المسيحية».
وأشارت إلى أن «المآخذ التي لدى (القوات) على التعيينات، خصوصاً التشكيلات القضائية الأخيرة، تؤكد عدم صحة اتهامات الجميل، باعتبار أننا لم نتردد بانتقاد عدم الالتزام بمبادئ الكفاءة في هذا الملف، وليس عدم حصولنا على حصة معينة».
وعلى الرغم من التوتر الذي يغلب حالياً على العلاقة بين الحزبين وقاعدتيهما الشعبية، فإن مصادر الطرفين ترجح أن تنحسر موجة الخلاف قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة، ما يرجح فرضية قيام تحالف انتخابي بينهما لا يزال المسؤولون الحزبيون يصرون على أنّه من المبكر الحديث عنه.
وفي هذا السياق، قالت سركيس إنّه لا يزال هناك متسع من الوقت لحسم موضوع التحالفات مع كل الفرقاء، وليس مع الكتائب فقط، لافتة إلى أن «الأقربين أولى بالمعروف»، بإشارة إلى الكتائب.
وأضافت: «نحن الأقرب بالنظرة إلى لبنان، كما بالتاريخ المشترك، وبالتالي فإن المنطق والتاريخ يرجحان فرضية التحالف السياسي، لكن إذا ظل مسار الأمور على ما هو عليه الآن، فذلك لن يكون مشجعاً بموضوع خوض المعركة الانتخابية صفاً واحداً».
أما سيرج داغر، فأكد أن التحالفات الانتخابية التي يسعى إليها «الكتائب» هي تحالفات سياسية بالدرجة الأولى، معتبراً أننا لا نزال على بُعد 9 أشهر من موعد الانتخابات، وبالتالي كل الخيارات مفتوحة حتى ذلك الوقت.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.