مفاوضات بين الأردن والمعارضة لفتح معبر نصيب

TT

مفاوضات بين الأردن والمعارضة لفتح معبر نصيب

تكثفت المفاوضات بين الفصائل المعارضة في الجبهة الجنوبية مع الحكومة الأردنية تمهيداً لإعادة فتح معبر نصيب الحدودي مع سوريا، في وقت سجّل زيارة لافتة لوزير الدفاع السوري فهد الفريج إلى أحد المواقع العسكرية في محافظة القنيطرة، بينما حذّر قائد عسكري معارض في الجنوب من أن «الحشود العسكرية الجديدة التي يدفع بها النظام للمنطقة، تنبئ بانفجار الجبهات في أي لحظة».
وأشارت معلومات إلى أن الحكومة الأردنية تعمل على إعادة تأهيل معبر نصيب لافتتاحه بشكل رسمي بداية عام 2018، بعد عامين على إقفاله. وأوضح رئيس المكتب السياسي لـ«جيش اليرموك» بشار الزعبي، أن الجانب الأردني «تشاور مع الفصائل حول إمكانية فتح المعبر». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أبدينا رغبتنا بالموافقة على فتح معبر نصيب، لكن بشروط، أهمها استبعاد أي وجود عسكري أو أمني للنظام على هذا المعبر، مع عدم اعتراضنا على إدارته من قبل بعض الفعاليات المدنية».
وشدد رئيس المكتب السياسي لـ«الجيش اليرموك» الذي يفرض سيطرته العسكرية على معبر نصيب من الجهة السورية، على أن «الحماية الأمنية لهذا المعبر وحركة المرور عبره، ستكون مسؤولية فصائل المعارضة». ولفت الزعبي إلى أن «المفاوضات لا تزال في بدايتها»، مؤكداً أن «المعبر يقع تحت السيطرة العسكرية للمعارضة... والنظام لا يستطيع الوصول إليه إلا عبر الحرب، وهو جرّب الحرب منذ سنوات ولم يحقق منها أي مكاسب».
ويرتبط الأردن مع سوريا بمعبرين، هما معبر نصيب ومعبر درعا الواقع مقابل مدينة الرمثا الأردنية. وأشار المصدر إلى أن الأردن «ينتظر ترتيب الإجراءات الأمنية من الجانب الآخر، لضمان سلامة الشحن والنقل بين البلدين، حيث كانت تنتقل البضائع الأردنية من خلال معبر نصيب إلى تركيا ودول شرق أوروبا، بالإضافة إلى لبنان».
وتقدّر خسائر الاقتصاد السوري من جرّاء إغلاق معبر نصيب بنحو 15 مليون دولار يومياً، إذ كانت تدخل نحو 6300 شاحنة إلى سوريا من معبر نصيب يومياً، حتى بداية الثورة في ربيع العام 2011.
في هذا الوقت، زار جاسم الفريج، أحد مواقع قوات النظام في محافظة القنيطرة، واعتبر في تصريح له من هناك، أن «ما يجري في الأراضي السورية من معارك تخوضها قوات المسلحة السورية وحلفاؤها، هو عملية استكمال لحرب (تشرين) التحريرية»، معتبراً أن «كل إنجاز يحققه النظام وحلفاؤه في هذه الحرب على أدوات إسرائيل وعملائها، هو استكمال للانتصار الذي تحقق في حرب تشرين التحريرية على الكيان الصهيوني الغاصب».
وقللت فصائل الجنوب من أهمية هذه الزيارة، حيث وضعها قائد قوات تحالف الجنوب في القنيطرة الرائد قاسم نجم، في إطار «محاولة رفع معنويات كتائبه التي لم تحقق أي إنجاز في الجبهة الجنوبية». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «نظام الأسد اختار توقيت الزيارة عشية ذكرى (حرب تشرين) (في 6 أكتوبر 1973) التي باع فيها حافظ الأسد الجولان لإسرائيل، مقابل تثبت حكمه في سوريا». مشدداً على أن «هذه الزيارة لن تبدّل الواقع القائم على الأرض، والتي كانت الغلبة فيها للثوار، قبل فرض اتفاق خفض التوتر».
ميدانياً، جددت قوات النظام خرقها لاتفاق الهدنة في الجنوب، عبر قصفها مناطق سكنية في درعا البلد داخل مدينة درعا، كما تعرضت بلدة الغارية الغربية بريف درعا الشرقي لقصف من قبل قوات النظام، ولم ترد معلومات عن خسائر بشرية. وحذّر القائد العسكري في «جيش الثورة» عماد أبو زريق لـ«الشرق الأوسط»، من «الحشود والتعزيزات التي يدفع بها النظام وحلفاؤه إلى مختلف جبهات الجنوب، بدءاً من حي المنشية في درعا، وصولاً إلى القنيطرة». ولفت إلى أن «استمرار الوضع على ما هو عليه، وما يرافقه من خروقات يومية، ينبئ بانفجار الجبهات، وعودة المعارك في أي لحظة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.