إسرائيل تتراجع عن جزء من الحصار بسبب الحاجة إلى عمال فلسطينيين

TT

إسرائيل تتراجع عن جزء من الحصار بسبب الحاجة إلى عمال فلسطينيين

تراجع وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، عن جزء من قرار إغلاق الضفة الغربية 11 يوماً، وقرر إلغاء الأمر الجارف بمنع وصول العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى أماكن عملهم في إسرائيل خلال «عيد العرش» اليهودي، والسماح لبضعة ألوف منهم بالوصول «وفق الاعتبارات الأمنية».
وجاء قرار ليبرمان، بالاتفاق مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، وذلك بناءً على طلب عدد من رجال الأعمال الإسرائيليين وبعض الدوائر الحكومية والوزارات في تل أبيب. واعتبر هؤلاء قرار الإغلاق الجارف، ولمدة زمنية طويلة (11 يوماً)، أمراً استثنائياً يلحق ضرراً بالاقتصاد الإسرائيلي. وقالت مصادر سياسية إن القرار الجديد اتخذ «إثر تقييم أمني» وبناء على توصية من «وزارات حكومية» و«هيئات عامة» ذات صلة.
وكانت سلطات الاحتلال أعلنت فرض طوق عسكري تام على الضفة الغربية، بدءاً من منتصف ليلة الثلاثاء الماضية، وحتى مساء السبت المقبل. واعتبر ليبرمان الطوق رداً على عملية «هار أدار» التي أسفرت عن مقتل ثلاثة عناصر أمن إسرائيليين في مستوطنة قرب مدينة القدس المحتلة. وبحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، اتخذ ليبرمان قرار فرض الطوق العسكري «بضغط من وزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، والشرطة الإسرائيلية، رغم اعتراض الجيش». وقد اضطر إلى التراجع بعد ضغوط الجيش والمخابرات ورجال الأعمال الإسرائيليين.
يذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي واصلت ممارساتها ضد الفلسطينيين في عدة أنحاء من الضفة الغربية، أمس الجمعة. فقد أصيب 13 مواطناً بالرصاص المطاطي والاختناق جراء استنشاق كميات كبيرة من قنابل الغاز السام، في حين اعتقل شابان عرف منهما محمد عايدية من مخيم الأمعري، في المواجهات العنيفة التي اندلعت بين المواطنين وقوات الاحتلال في ضاحية أم الشرايط جنوب مدينة البيرة.
ووفق مصادر محلية، فإن قوات الاحتلال كانت تبحث عن الشيخ حسين أبو كويك أحد قيادات حركة «حماس» في الضفة، حيث اقتحم الجنود منزله وفتشوه، إلا أنه لم يكن في المنزل لحظة الاقتحام. والشيخ أبو كويك من قيادات «حماس»، وكان ممثلاً للحركة في لجنة الانتخابات المركزية، واغتالت قوات الاحتلال زوجته بشرى (38 عاماً) أثناء عودتها وأطفالها الثلاثة من المدرسة، ما أدى إلى استشهادها وأطفالها الثلاثة، وهم عزيزة (15 عاماً) وبراء (13 عاماً) ومحمد (12 عاماً) في شهر مارس (آذار) 2002، حين أطلقت دبابة عسكرية قذيفة نحو مركبته التي لم يكن فيها. واعتقل أبو كويك مرات عدة في سجون الاحتلال.
وحضرت قوات كبيرة من جيش الاحتلال، برفقة الكلاب البوليسية، إلى «أم الشرايط»، الليلة قبل الماضية، وحاصرت إحدى العمارات السكينة وقامت بعمليات بحث وتفتيش وأطلقت قنابل الغاز والصوت بكثافة نحو شبان ألقوا حجارة على جنود الاحتلال الذين أغلقوا المنطقة قبل انسحابهم.
وفي طريق رام الله - نابلس، أصيب شابٌ بجروح بالغة إثر اعتداء مستوطنين عليه فجر أمس. وأفادت مصادر محلية بأن الشاب محمود محمد جرارعة (26 عاماً) من بلدة عصيرة الشمالية بنابلس كان يستقل سيارته على الطريق العام نابلس - رام الله، فقام مستوطنون من مستوطنة «شيلو» بإلقاء حجارة على سيارته بكثافة ما أدى إلى إصابته بكسور في الجمجمة وجروح وحالته خطيرة. ونُقل الشاب للعلاج في المستشفى الاستشاري في رام الله.
كما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، ظهر أمس الجمعة، مسيرة فلسطينية سلمية تُطالب بفتح الطريق الرئيسي المؤدي إلى خربة «قلقس» جنوب مدينة الخليل (جنوب القدس).



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».