«الائتلاف الوطني» حدّد رؤيته للحلّ السياسي

دعا «الهيئة العليا للمفاوضات» للتحضير لـ«الرياض2»

TT

«الائتلاف الوطني» حدّد رؤيته للحلّ السياسي

أعادت الهيئة العامة لـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» التأكيد على ثوابت المعارضة في سوريا وتمسكها بها لتكون منطلقا للمفاوضات السياسية وتوحيد وفد «الهيئة العليا للمفاوضات»، وتحديدا فيما يتعلق بانضمام «منصة موسكو» و«منصة القاهرة»، إضافة إلى إجراء تعديلات في ممثلي الفصائل. ومن جهة ثانية، أجّل موعد اجتماع «الهيئة العليا للمفاوضات» الذي كان محددا يوم غد السبت في العاصمة السعودية الرياض إلى 15 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وذلك للبحث في الرؤية المقدمة من «الائتلاف».
الثوابت التي تعبر عن رؤية «الائتلاف» أرسلت على شكل توصية وجهت إلى منسق «الهيئة العليا» الدكتور رياض حجاب وأعضائها، للتحضير لمؤتمر «الرياض2». وأكدت بشكل أساسي على رفض قبول رئيس النظام بشار الأسد بالمرحلة الانتقالية، ورأت فيها «الهيئة العليا» تأكيدا للمؤكد، معتبرة في الوقت عينه أن توحيد الوفد يبقى رهن التفاوض مع منصتي القاهرة وموسكو، إذ أنه رغم تسجيل بعض التقارب مع «منصة القاهرة» لا تزال العوائق كبيرة مع «منصة موسكو» الرافضة أي بحث في مستقبل الأسد بل طرحت تعيين نواب له، وهو ما يشكل العقبة الأساس أمام تحقيق هذا الهدف.
ولقد حددت الهيئة العامة لـ«الائتلاف» في «الرؤية»، التي توصلت إليها في اجتماعها الأخير، والتي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، نقاطا عدة، هي: «تحقيق تمثيل أوسع وأفضل للمعارضة ووضع آلية تمكن من تشكيل وفد تفاوضي واحد وموحد برؤية ومرجعية تفاوضية عبر الهيئة العليا للمفاوضات». و«العمل وفق رؤية سياسية جديدة توضح بما لا يقبل الشك الأهداف التي تجمع عليها كافة السوريين للوصول إلى سوريا المستقبل، دولة موحّدة يكون أساسها المواطنة والمساواة والعدالة، ذات النظام المدني الديمقراطي التعددي من دون أي دور للأسد وزمرته في المرحلة الانتقالية أو مستقبل سوريا، مع تأكيدها على ضرورة اعتماد مبدأ المساءلة والمحاسبة وتحويل كل من ارتكب جرائم حرب وضد الإنسانية إلى المحاكم المختصة».
أيضاً دعت الهيئة العامة لـ«الائتلاف» في التوصية إلى إقرار هيكلية لمأسسة «الهيئة العليا» تعنى بالملفات التفاوضية وتفعيل عملها لتصبح أكثر فاعلية، ووضع هيكلية إدارية ونظام داخلي يحقق الأهداف.
من ناحية أخرى، جاء قرار تأجيل اجتماع «الهيئة العليا للمفاوضات»، الذي كان –كما سبقت الإشارة- محددا يوم غد السبت في الرياض إلى 15 أكتوبر الحالي، أي قبل عقد الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف في نهاية أكتوبر، لإتاحة المجال أمام اللجنة التحضيرية التي تشكلت من ممثلين عن «الائتلاف» و«هيئة التنسيق» والفصائل والمستقلين، برئاسة جورج صبرا، للتواصل مع الأطراف المعنية والعمل لضمان نجاحه، وكذلك الخروج بمسوّدات مشاريع القرارات والقرارات واللوائح المقترحة خلال عشرة أيام.
هذا، وكان كل من أمين عام «الائتلاف» نذير الحكيم ومستشار «الهيئة العليا للمفاوضات» الدكتور يحيى العريضي قد استبعدا نجاح مهمة توحيد وفد المفاوضات، لا سيما فيما يتعلق بالتوافق مع «منصة موسكو»، وذلك بعد محاولات وجهود عدة بذلت على هذا الخط. ولكن مصادر في «الائتلاف» أشارت إلى أن الدعوات لحضور «الرياض2» ستوجه إلى منصتي موسكو والقاهرة، على أن يبقى لهما قرار المشاركة أو عدمه. وقال الحكيم لـ«الشرق الأوسط» أن «مهمة التوسعة، كما العمل على الرؤية التي حددها الائتلاف، ستكون من مهمة اللجنة التحضيرية التي ستتواصل مع كل الأطراف». وأوضح «لا شك في أننا نرغب في توحيد الوفد والباب مفتوح للجميع، إنما هذا لن يتحقق إذا لم تقبل الأطراف الأخرى بالثوابت التي لطالما تمسكنا بها مع رفضنا لبقاء الأسد وزمرته في المرحلة الانتقالية أو في مستقبل سوريا».
ومن جهته، لفت العريضي إلى أن اجتماعات تقنية عدة عقدت مع منصتي موسكو والقاهرة حول الدستور والانتخابات والانتقال السياسي، وكان آخرها تلك التي عقدت في الرياض في (أغسطس/آب) الماضي، إلا أنها كلها وصلت إلى حائط مسدود في ظل تمسك «منصة موسكو» ببقاء الأسد في السلطة -وهو ما يرجّح بقاء الأمور على ما هي عليها، إلا إذا طرأ تغير على موقف روسيا. وتابع العريضي «الثوابت التي نطالب بالانطلاق منها ليست شروطا من قبلنا إنما تطبيقا للقرارات الدولية، وهي نفسها الواقعية السياسية التي يتحدثون عنها».
هذا، ووفق المعلومات، لن تقتصر مهمة اللجنة التحضيرية على التواصل مع المنصتين المذكورتين وإنما أيضا ستعمل على توسعة الوفد من داخل البيت الواحد، وتحديدا الفصائل العسكرية، بحيث من المتوقع زيادة العدد من 33 إلى نحو 56 شخصا. وفي هذا الإطار، أوضح الدكتور العريضي أنه «من المتوقع أن يتم التعديل في ممثلي الفصائل، وذلك وفقا لحضورها ودورها على الأرض، ومنها تلك التي كانت قد أعلنت استعدادها للتوحد لتكون نواة «الجيش الوطني» في المستقبل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.