«جيش الإسلام» يتصدى لـ«عمليات قضم» في الغوطة الشرقية

TT

«جيش الإسلام» يتصدى لـ«عمليات قضم» في الغوطة الشرقية

واصلت قوات النظام السوري، أمس الأربعاء، هجومها على مواقع المعارضة في الغوطة الشرقية بريف دمشق عند محور حوش الضواهرة حيث تصدى لها مقاتلو فصيل «جيش الإسلام» على رغم كثافة الغارات التي استهدفت مناطق الاشتباك.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن معارك عنيفة اندلعت في منطقة حوش الضواهرة بالغوطة الشرقية، بين مقاتلي «جيش الإسلام» من جهة، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة أخرى، مشيراً إلى تقدم قوات النظام في خمس نقاط بكتلة المزارع.
ولفت «المرصد» إلى أن أهمية حوش الضواهرة تكمن في أنه في حال تمكنت قوات النظام من السيطرة عليها بشكل كامل، تكون بذلك قد قضمت مناطق جديدة من الغوطة الشرقية، وسيكون خط المواجهة بين النظام والفصائل انتقل إلى بلدة الشيفونية التي تعد من البلدات الأهم لـ«جيش الإسلام»، موضحاً أن السيطرة على حوش الضواهرة سيسمح أيضاً للنظام بكشف مساحات واسعة من بلدة أوتايا بالغوطة الشرقية. وأضاف: «وفي حال التقدم نحو أوتايا ستستكمل قوات النظام السيطرة على ما تبقى من منطقة المرج بالكامل لأن جيش الإسلام سوف ينسحب آنذاك من بلدتي النشابية وحزرما». وتُعتبر منطقة المرج، بحسب «المرصد»، الرئة التي تتنفس منها الغوطة غذائياً لاحتوائها على مشاريع زراعية، لافتاً إلى أنه وباستعادة قوات النظام السيطرة عليها سيضيق الخناق على الغوطة الشرقية أكثر فأكثر في ظل حصار مطبق لقوات النظام على المنطقة.
وتزامن اندلاع القتال بين النظام و«جيش الإسلام» مع قصف بأكثر من خمسة صواريخ أرض - أرض إضافة إلى عشرات قذائف المدفعية الثقيلة، للمناطق التي تشهد اشتباكات. وقال ناشطون إن قصفاً مكثفاً طال الكثير من بلدات الغوطة تزامناً مع المعارك التي نشبت منذ ساعات الفجر الأولى ليوم الأربعاء. وأشاروا إلى أن القصف المدفعي على بلدة مسرابا أدّى إلى مقتل شخص إضافة لوقوع الكثير من الإصابات في صفوف المدنيين. كذلك استهدفت قوات النظام، بحسب مصادر متقاطعة، بلدة جسرين بجرة غاز متفجرة في حين سقط صاروخ أرض – أرض على بلدة الشيفونية وقذيفة مدفعية على بلدة الزريقية.
ولم تقتصر المعارك التي شهدتها محافظة دمشق على الغوطة الشرقية، إذ أفاد «المرصد» كذلك باستمرار المعارك العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وفصيل «فيلق الرحمن» من جهة أخرى، في محور المناشر بأطراف حي جوبر بمحيط العاصمة.
وانتقد المجلس المحلي لمدينة دوما اتفاق «تخفيف التصعيد» الذي قالت موسكو إنه بات يشمل الغوطة الشرقية منذ 22 يوليو (تموز) الماضي، معتبراً أن هذا الاتفاق ليس إلا «حبراً على ورق». ودخلت الغوطة الشرقية ضمن اتفاق آستانة الذي يهدف إلى تخفيف التصعيد ووقف العمليات القتالية في مناطق سيطرة المعارضة في 22 يوليو الماضي.
وقال خليل عيبور رئيس المجلس المحلي لمدينة دوما إن المنطقة تتعرض للاستهداف بالقصف والعمليات القتالية منذ أكثر من أسبوع. من جانبه قال وائل علوان المتحدث باسم «فيلق الرحمن» إن «توقيع اتفاق تخفيف التوتر مع موسكو في جنيف يوم 16 أغسطس (آب) لم يوقف الحملة المستمرة على الغوطة رغم التزام فيلق الرحمن ببنود الاتفاق بشكل كامل». كما انتقد «جيش الإسلام» بوقت سابق عدم التزام النظام باتفاق «تخفيف التوتر»، مؤكداً أن مقاتليه على أهبة الاستعداد للرد على «خروقات النظام المتكررة» في المنطقة، وقال حمزة بيرقدار الناطق باسم هيئة أركانه: «نحن في خنادقنا وعلى جبهاتنا ومستعدون لخوض المعارك».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.