«مواجهات كاتالونيا» تزيد من مخاطر الاقتصاد الإسباني

موديز تستشعر القلق من تأجيل موازنة 2018

«مواجهات كاتالونيا» تزيد من مخاطر الاقتصاد الإسباني
TT

«مواجهات كاتالونيا» تزيد من مخاطر الاقتصاد الإسباني

«مواجهات كاتالونيا» تزيد من مخاطر الاقتصاد الإسباني

قالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، إن المواجهات التي أعقبت الاستفتاء على استقلال إقليم كاتالونيا بإسبانيا زادت من المخاطر السياسية قريبة الأجل لإسبانيا، إلا أن الوكالة حافظت على تصنيفها السيادي للبلاد عند درجة بي بي بي + مع رؤية إيجابية.
وقالت فيتش في تقرير أول من أمس، إنه من الصعب توقع ردود الأفعال السريعة للتصويت الذي جرى الأحد الماضي، مشيرة إلى أن هذه الخطوة قد ينتج عنها إعلانا من جانب واحد بالاستقلال أو تقويض من الحكومة المركزية لسلطات حكومة كاتالونيا الإقليمية.
لكن فيتش أضافت: «نرى أن انفصال كاتالونيا عن إسبانيا غير مرجح بقوة، ونتوقع أن تحدث تسوية بخصوص الإصلاحات المالية الإقليمية واستقلال أكبر لكاتالوينا داخل إسبانيا».
وساهمت الأزمة المالية العالمية في دفع إسبانيا إلى مسار اتخاذ إجراءات تقشفية قوية، مما زاد من اغتراب الكاتالونيين عن بلدهم الأم، بحسب تقرير لمجلة جاكوبين الأميركية، الذي قال إن الإجراءات التقشفية زادت من نظرة سكان الإقليم للحكومة المركزية على أنها «فشلت اقتصاديا وسياسيا».
لكن السياسات الاقتصادية الإسبانية تبدو في نظر وكالة فيتش إيجابية للغاية، حيث قالت في تقريرها الأخير إن تصنيفها للبلاد عند درجة بي بي بي + يعكس رؤيتها للتعافي الاقتصادي القوي وتوقعات الخفض السريع للعجز المالي في 2017، وإن كانت أشارت إلى سلبيات أخرى مثل ارتفاع المديونية والبطالة بجانب المخاطر السياسية.
وقالت فيتش: «نتوقع نموا بنسبة 3.1 في المائة في 2017 و2.5 في المائة في 2018، ولكن تصعيدا أكبر في التوتر بين كاتالونيا وحكومة إسبانيا ينطوي على مخاطر تتضمن تفاقم عدم الاستقرار الاجتماعي وتعطيل لعمل الحكومة الإقليمية وإضعاف لثقة المستثمرين».
وعبرت وكالة موديز، أول من أمس، عن قلقها من انعكاسات التوتر الناتج عن استفتاء كاتالونيا على المسار التشريعي في إسبانيا، خاصة فيما يتعلق بالموازنة العامة.
وكان وزير مالية إسبانيا قد أعلن قبل أيام من الاستفتاء على استقلال كاتالونيا عن تأجيل عملية تقديم الموازنة العامة للبلاد لعام 2018، ومن المرجح أن تكون هناك حاجة لمد أجل موازنة 2017.
ومن المحتمل أن يُعلن عن انتخابات إقليمية مبكرة ينتج عنها إصلاح العلاقة بين الحكومة الإقليمية والمركزية، وقالت موديز إن تأثير تلك الخطوة على تصنيف البلاد سيظل غير واضح، ويعتمد على طبيعة الإجراءات المؤسسية ومدى تحكم الحكومة المركزية في تمويلات الإقليم.
وأدت المحاولات التي بذلتها حكومة مدريد لمنع الاستفتاء يوم الأحد باستخدام قوة الشرطة إلى انتقادات من دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي من بينها بريطانيا وبلجيكا. وقالت السلطات إن نحو 900 شخص أصيبوا.
ويمثل إقليم كاتالونيا ثقلا اقتصاديا في البلاد حيث يعد مركزا للصناعة والسياحة ويمثل نحو خمس الاقتصاد الإسباني، بحسب وكالة رويترز، التي تقول إن الإقليم يضم قاعدة إنتاجية لشركات عالمية كبرى مثل فولكسفاغن ونستله، كما أن به أسرع موانئ الشحن نموا في أوروبا.



ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة بتقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح. وقد يتجه المستثمرون إلى الأسواق الأوروبية الأقل تكلفة، ولكن من غير المرجح أن يجدوا كثيراً من الأمان عبر المحيط الأطلسي؛ إذ إن الانخفاض الكبير في الأسواق الأميركية من المحتمل أن يجر أوروبا إلى الانحدار أيضاً.

تُعتبر سوق الأسهم الأميركية مبالَغاً في قيمتها، وفقاً لجميع المقاييس تقريباً؛ حيث بلغ مؤشر السعر إلى الأرباح لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، على مدار 12 شهراً، 27.2 مرة، وهو قريب للغاية من ذروة فقاعة التكنولوجيا التي سجَّلت 29.9 مرة. كما أن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية قد بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث وصلت إلى 5.3 مرة، متجاوزة بذلك الذروة السابقة البالغة 5.2 مرة في بداية عام 2000، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من أن التقييمات المرتفعة كانت قائمة لفترة من الزمن؛ فإن ما يثير الانتباه الآن هو التفاؤل المفرط لدى مستثمري الأسهم الأميركية. تُظهِر بيانات تدفق الأموال الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي أن حيازات الأسهم تشكل الآن 36 في المائة من إجمالي الأصول المالية للأسر الأميركية، باستثناء العقارات، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة الـ31.6 في المائة التي تم تسجيلها في ربيع عام 2000. كما أظهر أحدث مسح شهري لثقة المستهلك من مؤسسة «كونفرنس بورد» أن نسبة الأسر الأميركية المتفائلة بشأن أسواق الأسهم قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 37 عاماً، منذ بدء إجراء المسح.

وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن القلق المتزايد بين المستثمرين المحترفين بشأن احتمال التصحيح في «وول ستريت» ليس مفاجئاً.

لا مكان للاختباء

قد يتطلع المستثمرون الراغبون في تنويع محافظ عملائهم إلى الأسواق الأرخص في أوروبا. ويتداول مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي حالياً عند خصم 47 في المائة عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند قياسه بنسب السعر إلى الأرباح، وبخصم 61 في المائة، بناءً على نسب السعر إلى القيمة الدفترية. وقد أشار بعض مديري صناديق الأسهم الأوروبية إلى أنهم يترقبون، بفارغ الصبر، انخفاض أسواق الأسهم الأميركية، معتقدين أن ذلك سيؤدي إلى تدفقات استثمارية نحو صناديقهم.

ولكن يجب على هؤلاء المديرين أن يتحلوا بالحذر فيما يتمنون؛ فعندما تشهد الأسهم الأميركية انخفاضاً كبيراً، يميل المستثمرون الأميركيون إلى سحب الأموال من الأسهم، وتحويلها إلى أصول أكثر أماناً، وغالباً ما يقللون من تعرضهم للأسواق الأجنبية أيضاً.

وعلى مدار الـ40 عاماً الماضية، في فترات تراجع الأسهم الأميركية، شهدت أسواق الأسهم الأوروبية زيادة في سحوبات الأموال من قبل المستثمرين الأميركيين بنسبة 25 في المائة في المتوسط مقارنة بالأشهر الـ12 التي سبقت تلك الانخفاضات. ومن المحتمَل أن يكون هذا نتيجة لزيادة التحيز المحلي في فترات الركود؛ حيث يميل العديد من المستثمرين الأميركيين إلى اعتبار الأسهم الأجنبية أكثر خطورة من أسواقهم المحلية.

ولن تشكل هذه السحوبات مشكلة كبيرة؛ إذا كان المستثمرون الأميركيون يمثلون نسبة صغيرة من السوق الأوروبية، ولكن الواقع يشير إلى أن هذا لم يعد هو الحال. ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية، فقد زادت حصة الولايات المتحدة في الأسهم الأوروبية من نحو 20 في المائة في عام 2012 إلى نحو 30 في المائة في عام 2023. كما ارتفعت ملكية الولايات المتحدة في الأسهم البريطانية من 25 في المائة إلى 33 في المائة خلال الفترة ذاتها.

ويعني الوجود المتزايد للمستثمرين الأميركيين في الأسواق الأوروبية أن الأميركيين أصبحوا يشكلون العامل الحاسم في أسواق الأسهم الأوروبية، وبالتالي، فإن حجم التدفقات الخارجة المحتملة من المستثمرين الأميركيين أصبح كبيراً إلى درجة أن التقلبات المقابلة في محافظ المستثمرين الأوروبيين لم تعد قادرة على تعويضها.

وبالنظر إلى البيانات التاريخية منذ عام 1980، عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في جمع بيانات التدفقات، إذا استبعد المستثمر الأميركي والأوروبي، يُلاحظ أنه عندما تنخفض السوق الأميركية، تزيد التدفقات الخارجة من سوق الأسهم الأوروبية بمعدل 34 في المائة مقارنة بالشهرين الـ12 اللذين سبقا تلك الانخفاضات.

على سبيل المثال، بين عامي 2000 و2003، انخفضت أسواق الأسهم الأوروبية بنسبة 50 في المائة بينما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 46 في المائة، وكان ذلك نتيجة رئيسية لسحب المستثمرين الأميركيين لأموالهم من جميع أسواق الأسهم، سواء أكانت متأثرة بفقاعة التكنولوجيا أم لا.

وفي عام 2024، يمتلك المستثمرون الأميركيون حصة أكبر في السوق الأوروبية مقارنة بما كانت عليه قبل 10 سنوات، ناهيك من عام 2000. وبالتالي، فإن تأثير أي انحدار في السوق الأميركية على الأسواق الأوروبية سيكون أكثر حدة اليوم.

في هذا السياق، يبدو أن المثل القائل: «عندما تعطس الولايات المتحدة، يصاب بقية العالم بنزلة برد»، أكثر دقة من أي وقت مضى في أسواق الأسهم.