قيادي إسلامي جزائري يهدد بمقاضاة حكومة بلاده

احتجاجاً على منعه من مغادرة العاصمة والتضييق على تحركاته

TT

قيادي إسلامي جزائري يهدد بمقاضاة حكومة بلاده

ندد علي بن حاج، القيادي الإسلامي الجزائري المثير للجدل، بقوات الأمن التي اعترضت طريقه، بينما كان متوجهاً إلى بيت أحد أصهاره بشرق العاصمة لحضور جنازة، وقال إنه يدرس إجراءات متابعة السلطات الجزائرية في المحاكم الدولية بسبب المضايقات التي يتعرض لها.
ويتعرض بن حاج منذ خروجه من السجن عام 2003 لملاحقة أمنية لصيقة، وتم اعتقاله عشرات المرات، لكن لم يتابع قضائياً ولم توجه له أية تهمة.
وقال بن حاج لـ«الشرق الأوسط» إن رجال أمن أوقفوا بالقوة سيارة كانت تقله إلى تيزي وزو (100 كلم شرق العاصمة)، وتحديداً منطقة بومرداس التي تفصل العاصمة عن تيزي وزو، وأبلغوه بأنه ممنوع من مغادرة العاصمة. وأوضح بهذا الخصوص: «قال لي رجل أمن كان يرتدي البذلة الرسمية إن أوامر أتته من السلطات العليا تفيد بمنعي من التنقل خارج الحدود الإدارية للعاصمة. طلبتُ منه أن يظهر لي وثيقة من القضاء حتى يكون لهذا القرار سند قانوني، فرد علي بأنه يحمل تعليمات شفهية مطالَب بتنفيذها».
واحتج بن حاج على ما سماه «التعدي على الدستور الذي يمنع تقييد حرية المواطن في التنقل داخل البلاد، إلا في حال صدر عن قاضي التحقيق مانع. وفي حالتي، هناك تعسف صارخ بحقي، والسلطات تتعامل معي خارج القانون».
ويخضع بن حاج يومياً للمتابعة من طرف رجال أمن يقتفون أثره بمجرد أن يغادر بيته. ويقضي هؤلاء الليل أمام شقته بعمارة بحي البدر بالضاحية الجنوبية للعاصمة حتى لا يغيب عن أعينهم لحظة واحدة. ويسمح لنائب رئيس «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، فقط بدخول المسجد الموجود بالحي حيث يسكن من أجل الصلاة فقط. ويحرص رجال الأمن على حرمانه من الخطابة في المسجد حتى لا يتأثر المصلون بكلامه الناري ضد السلطات، خصوصاً رئيس الجمهورية وقادة الجيش، وهذان الطرفان هما خصماه اللدودان، وهما من كان وراء سجنه لمدة 12 عاما (1991 – 2003).
وأوضح بن حاج أنه يبحث مع محامين في سويسرا إجراءات متابعة السلطات الجزائرية بالمحاكم الدولية بسبب المضايقات التي يتعرض لها، مشيراً إلى أن أبناءه يلاحظون يومياً التعسف والتجاوزات بحقه، ما يعني أن عائلته هي أيضاً ضحية عنف النظام.
يُشار إلى أن عبد القهار، أحد أبناء بن حاج الخمسة، التحق بالجماعات المسلحة قبل 5 سنوات. وتقول السلطات الأمنية إنه قتل في مواجهة مع الجيش، أما والده فيرفض تصديق ذلك وصرح للصحافة بأنه يريد رؤية جثته.
ونشرت صحيفة محلية في يناير (كانون الثاني) الماضي وثيقة وقعها أحمد أويحيى، مدير ديوان الرئيس بوتفليقة آنذاك (رئيس الوزراء حالياً)، تأمر مدير الشرطة وقائد الدرك بالتصدي لـ«بن حاج» بمجرد أن يحاول مغادرة العاصمة. وكتب في الوثيقة أن القيادي الإسلامي الشهير، الذي وصف في وقت سابق بـ«الزعيم الروحي للمتطرفين المسلحين»، يحضر جنائز وحفلات أنصاره والمتعاطفين مع «الإنقاذ»، فيأخذ الكلمة ليحرضهم ضد السلطات، حسب أويحيى.
وقال خبراء في القانون إن الوثيقة غير قانونية وتتجاوز صلاحيات القضاء في مجال تقييد حرية الأشخاص. ولما سُئِل أويحيى عن هذا التصرف رد بالقول: «إذا قدرت الدولة بأن هناك خطرا يستدعي مواجهته فستفعل ذلك دون تردد».
وعد بن حاج تقييد حركته بمثابة «خرق لقانون المصالحة»، الذي صدر عام 2006 بهدف إسكات لغة السلاح ووضع حد لعنف خلف عشرات آلاف القتلى في البلاد. وأضاف بهذا الخصوص: «في الذكرى الـ12 لاستفتاء المصالحة (29 سبتمبر/ أيلول) 2005، تثبت السلطة الحاكمة أنها لا تريد مصالحة حقيقية بين أبناء الجزائر، فأنا وغيري من قيادات ومناضلي جبهة الإنقاذ يجري إخضاعنا لشتى أنواع القيود من دون وجه حق».
يشار إلى أن رئيس «الجبهة» عباسي مدني، مقيم بقطر منذ أكثر من 10 سنوات، بعد أن سمحت له السلطات بمغادرة البلاد. فيما تم منع بن حاج من الحصول على جواز سفر.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.