طهران تحظر النفط على كردستان العراق وأنقرة «تبرد» تهديداتها

تركيا تلوح بقصر «العقوبات» على «منظمي الاستفتاء»

TT

طهران تحظر النفط على كردستان العراق وأنقرة «تبرد» تهديداتها

حظرت طهران على الشركات الإيرانية النفطية نقل المنتجات البترولية المكررة من وإلى إقليم كردستان العراق، في الوقت الذي «بردت» فيه أنقرة من تهديدها للإقليم بعد انتقادات أميركية.
وقالت وكالة «تسنيم» الإيرانية شبه الرسمية أمس (الجمعة)، إن إيران حظرت على الشركات الإيرانية نقل المنتجات النفطية المكررة من إقليم كردستان العراق وإليه. إذ تعهدت طهران بمساندة بغداد عقب استفتاء صوت فيه الإقليم لصالح الاستقلال.
ونقلت «رويترز» عن «تسنيم» أن «مؤسسة الطرق والنقل (الإيرانية) تلقت توجيهاً بحظر مؤقت لنقل المنتجات النفطية من إيران إلى إقليم كردستان العراق والعكس، عقب التطورات الأخيرة في الإقليم».
أمام ذلك، تراجعت إلى حد ما حدة ردود الفعل التركية تجاه استفتاء كردستان، وسيطرت لهجة أكثر بروداً بعد أسبوع حافل بالتهديدات والتصريحات الحادة من جانب المسؤولين على اختلاف مستوياتهم.
وبعد التلويح بإجراءات سياسية واقتصادية وأمنية، لا تستثني التجويع وقطع تدفق النفط للخارج إلى العمليات العسكرية إذا لزم الأمر، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس (الجمعة)، أن إجراءات تركيا للرد على استفتاء كردستان العراق لن تستهدف إلا من قاموا بإجرائه.
وقال يلدريم في كلمة في مدينة جناق قلعة (شمال غربي تركيا)، إن أنقرة لن تجعل المدنيين الذين يعيشون في شمال العراق يدفعون ثمن الاستفتاء، مضيفاً أن قيادات إقليم كردستان العراق لم تتردد في زج ملايين الناس في المغامرة (الاستفتاء) من أجل تحقيق أطماعها واستمرار حكمها. وتابع يلدريم أن قيادات الإقليم «أصرت على عنادها في إجراء الاستفتاء (الباطل) رغم معارضة العالم وتحذيرات تركيا وإيران والحكومة المركزية العراقية»، لافتاً إلى أن تلك القيادات لم تفكر بملايين المواطنين من الأكراد والعرب والتركمان والآشوريين والإيزيديين والكلدانيين.
من جانبه، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، مجدداً، أن الخطوات التي ستتخذها تركيا تجاه الاستفتاء ستكون بالتنسيق مع الحكومة العراقية.
وأشار في مؤتمر صحافي مع نظيرته الكولومبية ماريا أنجيلا هولغوين، في إسطنبول أمس، إلى وجود طلبات للحكومة العراقية من تركيا ومن دول أخرى، وقد بدأوا تطبيق بعضها.
واستمراراً لنهج التهدئة في التصريحات، قال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ إن بلاده ناقشت جميع الخيارات السياسية والاقتصادية والعسكرية ضد إقليم كردستان، وقررت متى ستنفذها وفقاً للأولويات عندما يحين وقتها.
وجدد في كلمة خلال مؤتمر لحزب «العدالة والتنمية»، بولاية يوزغات (وسط تركيا) أمس، تأكيده على عدم شرعية الاستفتاء الذي أجراه إقليم شمال العراق، يوم الاثنين الماضي، بالنسبة لتركيا.
ولفت بوزداغ إلى أن التطورات الأخيرة في شمال العراق، تستهدف بشكل مباشر الأمن القومي التركي اليوم وفي المستقبل، إلى جانب استهدافه الأمن القومي العراقي والإيراني بالمستوى نفسه.
وأشار نائب رئيس الوزراء التركي إلى أن استفتاء إقليم شمال العراق، لم يحظَ بدعم أي دولة في العالم، سوى إسرائيل، محذّراً من تفاقم الوضع الأمني وحالة عدم الاستقرار في المنطقة كلها.
وأشار إلى أن أنقرة طلبت من عمر ميراني مبعوث بارزاني إلى تركيا عدم العودة إلى أنقرة بسبب «أن الوقت غير مناسب الآن لعودته».
إلى ذلك، تواصلت المناورات العسكرية التركية لليوم الثاني عشر في قضاء سيلوبي بولاية شرناق المحاذية للحدود العراقية، جنوب شرقي البلاد. وبدأت المناورات في 18 سبتمبر (أيلول) الحالي، على بعد 3 كيلومترات عن معبر خابور الحدودي مع العراق.
وفي اليوم الثاني عشر، تلقى الجنود الأتراك، تدريبات على خفة حركة الدبابات، ثم أجروا عمليات صيانة للدبابات المشاركة في المناورات، وذلك ضمن المرحلة الثالثة للمناورات التي بدأت في 26 سبتمبر بمشاركة قوات عراقية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».