العلاقات مع النظام السوري تهدد بأزمة داخل الائتلاف الحاكم في لبنان

المشنوق قاطع زيارة باريس... ومصدر وزاري لـ «الشرق الأوسط»: لا يحق لرئيس الجمهورية التفرد بشأنها

TT

العلاقات مع النظام السوري تهدد بأزمة داخل الائتلاف الحاكم في لبنان

تهدد خطوات الانفتاح التي يقوم بها الرئيس اللبناني ميشال عون وفريقه حيال النظام السوري بخلق مشكلة كبرى داخل الائتلاف الحاكم في البلاد، الذي نجا حتى الآن من أكثر من أزمة. لكن تصريحات الرئيس عون، وآخرها ما قاله لصحف فرنسية، أمس، عن فتح «قنوات» مع النظام السوري لبحث قضية النازحين السوريين، كما اللقاء الذي عقده صهر الرئيس عون، وزير الخارجية جبران باسيل مع نظيره السوري وليد المعلم، قد هزّا بشدة هذا الائتلاف، بعدما قاطع وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق الزيارة التي يقوم بها الرئيس عون إلى فرنسا، احتجاجا على اللقاء بين باسيل والمعلم، والتي عدّها المشنوق «اعتداء سياسيا على موقع رئاسة الحكومة».
وفي حين حيد المشنوق الرئيس عون عن الهجوم العنيف الذي شنه على باسيل، أمس، حذرت مصادر وزارية من أن الأمر قد لا يستمر طويلا في حال استمرار هذا النهج حيال النظام السوري. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الجمهورية ليس مخولا وحده البحث في موضوع التعاون مع النظام السوري، وإن عليه أن يطرح الأمر على مجلس الوزراء لاتخاذ قرار بشأنه، وإنه يعلم أن ثمة فريقا لبنانيا كبيرا داخل الحكومة وخارجها يعارض أي تعاون مع هذا النظام المسؤول عن قتل وتشريد الملايين من أبناء شعبه.
وكان الرئيس عون أعلن، أمس، أن «لبنان سيبحث مع سوريا مسألة عودة النازحين الذين باتوا يشكلون 50 في المائة من مجمل سكان لبنان، وهناك مشاورات قيد البحث». وعبّر عن اعتقاده في حديث مع مجلة «باري ماتش» الفرنسية، أن «الحرب ستنتهي قريبا في سوريا، ويبقى أن نصل إلى حل سلمي للأزمة»، مشيرا إلى اعتقاده بأن «الرئيس السوري بشار الأسد سيبقى، وأن مستقبل سوريا يجب أن يتم بينه وبين شعبه، وأن الحكومة السورية تسعى إلى مصالحة من قاتلها، كما أن المصالحة الوطنية تلوح في الأفق»، آملا أن «تستمر هذه المسيرة». وأضاف: «الحكومة السورية أعادت السيطرة على 82 في المائة من المساحة الجغرافية للدولة السورية، وحتى المعارضون القدامى تصالحوا مع الحكومة».
وفي المقابل، حذر وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، من اللقاء الذي جمع وزير الخارجية باسيل بالمعلم؛ معتبرا أنه «يخالف التسوية السياسية والبيان الوزاري الذي نص على النأي بالنفس»، ومعلنا أنه سيتم اتخاذ القرار المناسب بشأنه في الأيام المقبلة. وفي لقاء حواري مع فعاليات من مدينة بيروت، قال المشنوق، إن «لقاء وزير الخارجية بوليد المعلم في نيويورك الأسبوع الماضي، بناء على طلب باسيل، أعتبره بصراحة وبساطة اعتداء صريحا على مقام رئاسة الحكومة، ومخالفة لاتفاق ولعهد ولوعد لم يلتزم به باسيل الذي كان جزءا أساسيا من التسوية التي أبرمت»، مشددا على «أن هذا الأمر لن نقبل به في أي ظرف من الظروف، ولن يمر بسهولة، وهذا خط أحمر لا يمكن تجاوزه».
وأشار إلى أن «هذا الوضع المستجد يتطلب قرارا سياسيا مماثلا لمواجهته، وهو موضع تشاور بغية اتخاذ الموقف المناسب خلال أيام قليلة»، مضيفا: «لن نتخذ قرارات انفعالية، ونحن حريصون على الكرامة السياسية لرئاسة الحكومة أيا كان من يشغل منصب رئاسة الحكومة».
وأوضح: «التسوية السياسية التي أقدمنا عليها كان هدفها حفظ البلد واستقراره الأمني والسياسي والاقتصادي خلال المرحلة الانتقالية التي تمر بها منطقة تشتعل بالحرائق، وكي لا يصيب اللبنانيين شظايا من حروب المنطقة»، مؤكدا «أننا لم نوقع تنازلا على أي من ثوابت الدستور والطائف».
وحول موضوع توطين اللاجئين الذي كان له بدوره حيز من المواقف السياسية اللبنانية الأسبوع الماضي، قال وزير الداخلية: «لا نخاف من التوطين، لأننا نثق بقدرتنا على منع حصوله».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.