حسن السبع... «صانع البهجة»

حسن السبع... «صانع البهجة»
TT

حسن السبع... «صانع البهجة»

حسن السبع... «صانع البهجة»

يرقُدُ الشاعر السعودي حسن السبع على السرير الأبيض، في أحد مستشفيات المنطقة الشرقية، بعد أن تدهورت صحته الأسبوع الماضي، تحوطه قلوب محبيه وأمنياتهم أن ينهض من كبوته ويعود إليهم ينشر الفرح، ويرسم الابتسامة، ويكافح الكآبة والتجّهم، ويصنع البهجة.
ثمة أمنيات أخرى بأن تلتفت وزارة الثقافة والإعلام للأدباء والمبدعين السعوديين وتتفقد شؤونهم، خاصة حين يصابون بمحنة كالمرض، وربما أصبح لزاماً أيضاً تفعيل «صندوق الأدباء» الذي يُعنى بهذه الفئة المبدعة ويحفظ حقها وكرامتها.
ظل حسن السبع رمزاً للأدب الساخر، رغم كتابته الشعر الرومانسي بإيقاع عذب، فهو يميل أكثر إلى شعر الفكاهة، لكن بمضمون نقدي عميق. وأغلب صور التشبيه التي تحفل بها قصائده الساخرة، تمثل نقداً اجتماعياً لاذعاً، كما يعتمد السبع على ملكة لغوية زاخرة بالمفردات العربية، وعلى إرث الشعراء الذين برعوا في هذا الشكل الأدبي الساخر كالجاحظ، لكنه استطاع تطوير أدوات النقد اللاذع لديه، ليرسم من خلال مقطوعاته صوراً كاريكاتورية لشخصياته الشعرية.
أصدر حسن السبع (المولود سنة 1948) ثلاث مجموعات شعرية: «زيتها وسهر القناديل»، و«حديقة الزمن الآتي»، و«ركلات ترجيح». وأخيراً اهتدى إلى غواية الرواية، حيث أصدر روايته «ليالي عنان: حكاية صبية بغدادية»، وهي نوع من الفانتازيا تمزج بين التاريخ والراهن، وبين الحلم والواقع، وبين الماضي والحاضر.
يعتقد حسن السبع أن مهمة الكاتب والشاعر أن يمتع القارئ وليس صناعة التغيير. وفي حوار معنا قال مدافعاً عن الشعر الفكاهي: «اعترض أحد القراء على كتاباتي الهازلة بأن (البالَ مشغولٌ). ويبدو لي أن بال القارئ مشغول لأن سفينة الحياة في العالم العربي على وشك الغرق، وأنه لا قدرة له على الضحك. وكأن التجهم هو الذي سينقذ السفينة من الغرق؟!».
يضيف: «أوشك بعضهم أن ينظر إلى هذا اللون الأدبي وكأنه (مؤامرة) من تدبير الأعداء!. قلتُ للقارئ صاحب (البال المشغول) الذي يستكثر علينا الابتسامة في هذا العصر الضاج بالبكاء: لن يتوقف النشيد لو نقصت الجوقة عازفا واحدا، ولن يضارَّ الفضاء الفسيح لو نأى طائر واحد عن السرب، ولن يتوقف سيل الدموع لو غاب عن المأتم بكَّاء واحد».
روى لي هذه القصة: نصحني أحد الجادين، مرة، بأن هذا الشكل الضاحك الذي أنشره من حين إلى آخر سوف يسيء، - كما يرى - إلى تجربتي الشعرية الجادة. ولأني لم أدرك مغزى تلك الملاحظة، فقد قبلت «الإساءة» المزعومة راضيا مختارا لاعتقادي الراسخ أن صدق التعبير ليس وقفا على الأعمال الأدبية الجادة دون ما سواها.
وقال لي أحدهم: «ألم تجد مضمونا جادا تشغل به وقتك أفضل من هذا؟»، قلت متهكما: «لا.. لقد تركت كل تلك المضامين المصيرية الجادة لكم!».
يضيف: يبدو أن لكل زمان (أبطاله) ممن حملوا على عاتقهم إصلاح الكون، وإنقاذ العالم من أزماته، وإقالته من عثراته ببضع تهويمات لفظية تساهم في اتساع ثقب الأوزون الأدبي.
في ديوانه «ركلات ترجيح» يقدم ديوانه «إهداء»:
إلى السادة المكشّرين
ابتسموا..
فإنكم لن تخسروا
إلا تجاعيدكم!



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.