عاد الجدل في تونس حول منظومة دعم المواد الاستهلاكية، التي تستنزف كثيراً من الموارد المالية، وتمثل نحو 1.7 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، وما لا يقل عن 5 في المائة من ميزانية الدولة، إلى جانب نسبة 26 في المائة من نفقات الاستثمار، مما يؤثر على التوازنات المالية العامة للدولة.
ولا يمكن للحكومة التونسية، في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الحالية المتسمة بتآكل الطبقة الوسطى وارتفاع أسعار معظم المواد الاستهلاكية، أن تعلن عن تخليها عن منظومة الدعم التي تشمل عدداً هاماً من المواد الاستهلاكية، من بينها الخبز والزيت والسكر والمحروقات، بيد أنها تعمل في كل مناسبة على تخفيف تلك الأعباء، من خلال تخليها التدريجي عن الدعم، ومراجعة الأسعار المتداولة، على غرار أسعار المحروقات التي تمت مراجعتها نحو الزيادة في مناسبتين خلال الثلاث سنوات الأخيرة.
ونفى وزير التجارة المعين حديثاً في الحكومة، عمر الباهي، خبر الترفيع في أسعار مادة السكر غير المعلب من 0.970 دينار تونسي إلى 1.5 دينار للكيلوغرام الواحد، وأكد في المقابل أن نوعية أخرى من السكر المعلب هي التي ستروج في المساحات التجارية الكبرى، وبسعر 1.5 دينار تونسي.
وتوقع الديوان التونسي للتجارة أن تبلغ خسائر توريد السكر في تونس خلال السنة الحالية ما لا يقل عن 226 مليون دينار تونسي (نحو 88 مليون دولار أميركي). ويقدر الاستهلاك المحلي اليومي من هذه المادة الأساسية بنحو ألف طن، نصفها يذهب إلى المؤسسات الصناعية. وتستحوذ عدة مؤسسات خاصة، تنشط في مجال المرطبات والمخابز، على المواد الأساسية المدعومة (السكر والحبوب على وجه الخصوص)، وهو ما يجعل منظومة الدعم تتوجه إلى نحو 12 في المائة فقط من مستحقيها الفعليين، ويستأثر 88 في المائة من غير مستحقي الدعم ببقية المبالغ المخصصة من قبل الدولة.
كان يوسف الشاهد، رئيس الحكومة، قد أكد بمناسبة تقدم أعضاء الحكومة لنيل ثقة البرلمان على ضرورة مراجعة منظومة الدعم حتى يذهب الدعم إلى مستحقيه، وهو ما يعني سعي الحكومة إلى تخفيف أعباء الدعم الموجه إلى عدد كبير من المواد الاستهلاكية.
وفي هذا الشأن، قال سعد بومخلة، الخبير الاقتصادي، إن «التخلي عن منظومة الدعم دفعة واحدة أمر غير وارد خلال هذه الفترة، غير أن الحكومة ستعمل على تشديد المراقبة في مرحلة أولى للتخفيف من الأعباء المالية للدعم، وبالتالي محاصرة المنتفعين بالدعم دون وجه حق».
وتوقع بومخلة أن تسعى الدولة إلى إصلاح منظومة الدعم بصفة تدريجية، وأن ترفع البعض وتراجع أسعار بعض المواد المدعمة في إطار توصيات صندوق النقد الدولي في هذا المجال، دون أن تتخلى عن الدعم بصفة كلية، على حد تعبيره.
وخلال الفترة المتراوحة بين 2011 و2017، ارتفعت الميزانية المخصصة لصندوق التعويض في مجال الدعم الغذائي وحده من 730 مليون دينار تونسي (نحو 295 مليون دولار) إلى 1.6 مليار دينار تونسي، أي أن الميزانية تجاوزت الضعف في فترة زمنية وجيزة، وكشفت تقارير حكومية رسمية قدمها المعهد التونسي للاستهلاك، ودائرة المحاسبات، عن استفادة 88 في المائة من أصحاب الفنادق والمطاعم والمخابز ومحلات المرطبات بميزانية الدعم.
وتخصص تونس مبلغ 650 مليون دينار لدعم المحروقات بأنواعها، وما لا يقل عن 450 مليون دينار لدعم النقل، إضافة إلى 1.6 مليار دينار لدعم التغذية، وهو ما يجعل ميزانية الدعم ككل ترتفع إلى 2.7 مليار دينار تونسي.
منظومة الدعم تثير الجدل في تونس
الشاهد أكد ضرورة إعادة النظر فيها
منظومة الدعم تثير الجدل في تونس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة