أفادت مصادر رئاسية فرنسية، أمس، بأن اجتماعا على المستوى الوزاري سيلتئم على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل بدعوة من باريس وفي إطار مبادرتها الخاصة بإنشاء «مجموعة اتصال» لمواكبة الملف السوري و«الدفع باتجاه حل سياسي». والثابت حتى الآن أن الاجتماع «الأول» سيضم وزراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، لكن الأمور ستترك مفتوحة لانضمام أطراف أخرى في مرحلة لاحقة.
وكشفت مصادر رئاسية في معرض تقديمها لمشاركة الرئيس إيمانويل ماكرون للمرة الأولى في أعمال الجمعية العامة، أن الملف السوري سيكون الموضوع الرئيسي في ثلاثة اجتماعات سيعقدها ابتداء من يوم الاثنين مع الرؤساء الأميركي دونالد ترمب، والتركي رجب طيب إردوغان، والإيراني حسن روحاني، والغرض من ذلك، وفق المصادر الفرنسية، «توفير دينامية سياسية» و«ترجمة» للمبادرة الفرنسية. وأوضحت المصادر أن باريس «ما زالت تدعم» الوساطة الأممية الممثلة بالمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، التي تراوح حتى الآن مكانها.
وتريد باريس التي تجد نفسها مهمشة في الملف السوري، حيث إنها غائبة عن اجتماعات آستانة وغير مؤثرة على مسلسل اجتماعات جنيف، أن «تستعيد لنفسها دورا»، بحسب تعبير مصدر دبلوماسي فرنسي. وخلال الأسابيع الماضية، قام وزير الخارجية جان إيف لودريان الذي يرافق ماكرون إلى نيويورك بجولة واسعة على الدول المؤثرة في الملف السوري للترويج للمبادرة الفرنسية. وآخر زياراته كانت أمس لأنقرة حيث التقى إردوغان، ونظيره التركي جاويش أوغلو، ورئيس الحكومة يلدريم. وقبلها كان في موسكو للغرض نفسه.
الواقع أن «الغموض» الذي يحيط بالمبادرة الفرنسية سببه إشكالية تمثيل إيران في «مجموعة الاتصال». وعلمت «الشرق الأوسط» أن الولايات المتحدة الأميركية ما زالت لديها «تحفظات» على انضمام إيران إلى «المجموعة»، فيما ترفض طهران «الفيتو» الأميركي، وهي تحظى بدعم روسي. فضلا عن ذلك، لم تحسم باريس هوية الأطراف الإقليمية الأخرى التي يمكن ضمها.
وكانت الفكرة الرئيسية أن تبقى «ضيقة». لكن أربع دول أبدت اهتماما بالدخول إليها. وثمة من يتحدث عن لبنان أيضا بسبب الثقل الكبير لحضور مليون ونصف لاجئ سوري على أراضيه. واقترحت باريس أن تلعب دور «الوسيط» مع إيران، وأن تتكفل بنقل مضمون المناقشين للجانب الإيراني. ويبدو أن المسألة لم تحسم حتى اليوم، ما يفسر البلبلة الفرنسية.
وفي السياق عينه، لفتت المصادر الرئاسية إلى أن اختيار ماكرون الاجتماع بالرئيسين التركي والإيراني «ليس من قبيل الصدفة»، مشيرة ضمنا إلى أن ذلك مرتبط بالملف السوري ورغبة باريس في إيجاد «مظلة» دولية لمواكبة المرحلة «الجديدة» في سوريا واقتراب اندحار «داعش» في هذا البلد. وفي أي حال، ستكون محاربة الإرهاب أحد المحاور التي ستدور حولها اللقاءات الثنائية والجماعية في أسبوع الرؤساء في نيويورك. وأفادت المصادر بأن ماكرون سيجتمع مع وفد من المعارضة السورية في نيويورك، الأمر الذي سيوفر فرصة للرئيس الفرنسي لأن يشرح ما آلت إليه السياسة الفرنسية إزاء الملف السوري بعد التشويش الذي لحق بها، بسبب التصريحات المتناقضة الصادرة بين الحين والآخر عن باريس وعن قصر الإليزيه وعن وزارة الخارجية لا بل أحيانا من المصدر نفسه. والمؤكد اليوم أن باريس لم تعد تطالب برحيل بشار الأسد عن السلطة مع بدء أو خلال المرحلة الانتقال السياسي التي ما زالت تطالب بها. والتصور اليوم هو أن تترك هذه المسألة التي أجهضت الجهود الأممية واجتماعات جنيف إلى «مرحلة لاحقة»، وهي بذلك تقترب من الموقف الروسي والأميركي.
أما بصدد الرفض الأميركي الجلوس إلى جانب إيران في مجموعة الاتصال، فإنه يتضارب مع الحضور الأميركي في آستانة بصفة «مراقب»، فيما طهران أحد الأطراف الثلاثة الراعية للمسار «مع روسيا وتركيا». كما أن طهران موجودة في إطار «المجموعة الدولية لدعم سوريا» التي أصبحت فضفاضة، ولم تعد فاعلة، الأمر الذي حفز باريس لاقتراح مجموعة تقتصر فقط على الدول دائمة العضوية وعدد من الدول الإقليمية المؤثرة.
وفي أي حال، فإن باريس لا تمتلك تصورا واضحا حول ما يمكن أن تفضي إليه «مجموعة الاتصال». وردا على الأسئلة التي طرحت على أوساط الإليزيه حول توقعات باريس من الاجتماع، فإن الإجابة جاءت عامة ومقتضبة ولم تخرج عن السياق العام المعروف.
باريس متمسكة بـ«مجموعة الاتصال» لدفع الحل السياسي
باريس متمسكة بـ«مجموعة الاتصال» لدفع الحل السياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة